رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأنبا باخوم يكتب: المرجعية فى حياة العذراء مريم

الأنبا باخوم
الأنبا باخوم

فصل من إنجيل القديس لوقا 1: 39 - 56
39 فَقَامَتْ مَرْيَمُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَذَهَبَتْ بِسُرْعَةٍ إِلَى الْجِبَالِ إِلَى مَدِينَةِ يَهُوذَا،
40 وَدَخَلَتْ بَيْتَ زَكَرِيَّا وَسَلَّمَتْ عَلَى الِيصَابَاتَ.
41 فَلَمَّا سَمِعَتْ الِيصَابَاتُ سَلاَمَ مَرْيَمَ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا، وَامْتَلَأَتْ الِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ،
42 وَصَرَخَتْ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَتْ: "مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ!
43 فَمِنْ أَيْنَ لِي هَذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟
44 فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي.
45 فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ".
46 فَقَالَتْ مَرْيَمُ: "تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ،
47 وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللَّهِ مُخَلِّصِي،
48 لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي،
49 لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ، وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ،
50 وَرَحْمَتُهُ إِلَى جِيلِ الأَجْيَالِ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَهُ.
51 صَنَعَ قُوَّةً بِذِرَاعِهِ. شَتَّتَ الْمُسْتَكْبِرِينَ بِفِكْرِ قُلُوبِهِمْ.
52 أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ.
53 أَشْبَعَ الْجِيَاعَ خَيْرَاتٍ وَصَرَفَ الأَغْنِيَاءَ فَارِغِينَ.
54 عَضَدَ إِسْرَائِيلَ فَتَاهُ لِيَذْكُرَ رَحْمَةً،
55 كَمَا كَلَّمَ آبَاءَنَا. لإِبْراهِيمَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ".
56 فَمَكَثَتْ مَرْيَمُ عِنْدَهَا نَحْوَ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا.

تحتفل الكنيسة بعيد انتقال العذراء مريم إلى السماء، وتتويجها ملكة السموات. هذا العيد هو تسبق لما ستكون عليه الكنيسة: أنا وأنت.

فنستمع لإنجيل الزيارة: مريم تبتهج بالرب لأنه رفع المتواضعين. مع هذا العيد نرى الرب يرفع ابنته الى السماء. واليوم نتحدث عن السماء، كيف ستكون؟ " ورأيتُ سماءً جديدة وأرضا جديدة، لأن السماء الأولى والأرض الأولى قد زالتا، وللبحر لم يبقَ وجود" (رؤيا 21: 1).

القديس يوحنا يؤكد أنه ستكون هناك سماء جديدة وأرضًا جديدة. والسؤال: لماذا لا تقول الآية سيكون هناك بحرًا جديدًا؟ بل تؤكد "للبحر لم يبق وجود"؟ البحر لا يُقاد ولا نستطيع أن نؤسس عليه شيئا، لا يمكن أن نترك عليه أثر أو بصمة. متغير، متحول، عكس الأرض الثابتة. غير مضمون، صعب توقع أحواله. يرمز لعدم الضمان وخوف الانسان من المستقبل. علامة لكل ما هو ليس أبديا.

في سفر الخروج (14: 15 ت) علامة للموت الذي يواجه الإنسان كل يوم وبكل الطرق، ليس فقط الموت الجسدي، موت اليأس، موت العجز، عندما يشعر الإنسان أن حياته أصبحت محاطة من كل ناحية باللا معنى. لما أحيا ولمن أحيا؟ هذا هو البحر والذي سيُلقى في أتون النار في آخر الأزمنة (رؤيا 20: 15). وتبقى السماء بلا بحر. هي شركة مع الله والاخرين. فيها يجد الإنسان نفسه محقق وممتلئ دائما، يجد ما خلق من اجله. يرتاح كما يقول القديس أغسطينوس: يرتاح قلبه. وتقول القديسة فوستينا للرحمة الإلهية: هناك الانسان لا يشبع من ان يدخل في عمق الله، ويتأمل حياته الداخلية. ويذكر دانتي: وهناك في العمق يرى الانسان ذاته، ويرى الكل. في السماء، في عمق الله، هناك انا وانت، ومريم الممجدة اليوم.

لكن البحر الان موجود، فماذا نفعل؟ نستطيع أن نسرد حدث قد تم لبطرس (مت 14: 22- 32)، وهناك إجابة. ترك المسيح تلاميذه بسفينة وذهب ليصلي. فابتعدت السفينة، وبدأت تلطمها الأمواج. نفس بحر سفر الرؤيا. وأثناء الليل يأتي المسيح سارًا على المياه، وعندما يروه يخافوا. فقال لهم لا تخافوا أنا هو. فيرد بطرس إذا كنت أنت مُرني أن آتي إليك. فقال له تعال. ويبدء بطرس ينظر إليه، ويمشي على المياه. بطرس يخاف فينظر أسفله فيغرق.

نعم فلننظر للمسيح، لا لأنفسنا لا لمن حولنا، هو مرجعيتنا. هاهي مريم حفظت الكلمة بقلبها وكانت تلك هي المرجعية الوحيدة لها أثناء أحداث حياتها: فقدها للطفل في الهيكل، صلبه، موته. مريم لم تكن مرجعيتها أفكارها بل الكلمة التي حفظتها من الملاك: المسيح.

فللنظر للمسيح لا مثل بطرس. فليكن مرجعيتنا، فنرى أنفسنا مع مريم في المجد، في عمق الله.

الأنبا باخوم المتحدث الرسمى بإسم الكنيسة الكاثوليكية بمصر.