رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"كعب داير".. حكايات من دفتر مظلومات "النفقة"

جريدة الدستور

لم يُكمل زواج "ندى" عامه الأول، حتى شعرت باستحالة الحياة مع شريك العمر الذي اختارته وتزوجته في سن الرابعة والعشرين، فأصرت على الطلاق والانفصال بهدوء عنه، حتى لا يؤثر قرارها على حياة طفلها الاجتماعية.

‎تمت إجراءات الطلاق سريعًا، لم تفكر وقتها "ندى" في مصروفات واحتياجات الطفل، معتمدة في ذلك على النفقة التي سيدفعها الزوج شهريًا لإعالتها هي وابنها، إلا أن ذلك لم يحدث.

‎"مرّ شهر والثاني والثالث، دون أن تصلني النفقة الخاصة بابني"، هكذا قالت "ندى" التي طافت على المحاكم لرفع قضايا من أجل إلزام الزوج بدفع النفقة، لكنها لم تجن شيئًا سوى حكم بدفع ما يقرب من 350 جنيهًا شهريًا.

‎"ندى" هي واحدة ضمن سيدات كثيرات، يعانين يوميًا من سطوة النفقة، والتي يتهرب منها الأزواج عقب الطلاق.. رصدت "الدستور" في التقرير التالي حكايات خاصة ببعض المطلقات، والتي ربما تنتهي مآساتهن بعدما أقرت الحكومة تعديلات على قانون العقوبات فيما يخص النفقة.

وقد أعلن مجلس الوزراء، موافقته على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم ٥٨ لسنة ١٩٣٧، فيما يتعلق بالمادة ٢٩٣، والتى تتيح حصانة أخرى للمطلقة وتعزز من موقفها، من خلال إقرار الحبس الفورى لمدة عام، أو غرامة 500 جنيه للزوج الممتنع عن سداد النفقة.

وتم إضافة الآتي: "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، ولا تُرفع الدعوى عليه إلا بناء على شكوى من صاحب الشأن، وإذا رُفعت بعد الحكم عليه دعوى ثانية عن هذه الجريمة، فتكون عقوبته الحبس مدة لا تزيد على سنة".

استطاع زوج "ندى" أن يقدم للمحكمة ما يثبت ضعف راتبه وعدم قدرته على دفع نفقة شهرية، ما دفع المحكمة لتخفيض المبلغ إلى 350 جنيهًا، ورغم ذلك كان يتهرب كل شهر من دفعها.

وقالت "ندى": "القانون لم يكن في صالحي، والمحامين يستغلون جميع الثغرات الموجودة في القانون، ويحاولون بقدر الإمكان تخفيض النفقة، ومساعدة الزوج على التهرب منها".

لم تكن "ندى" السيدة الوحيدة التي تعاني من النفقة، فـ"هدى" 30 عامًا، انفصلت عن زوجها منذ عامان، ولازالت إلى الآن تعاني من عدم حصولها على النفقة الخاصة بأطفالها الإثنان.

قالت "هدى"، إن زوجها رغم راتبه الضخم، ومجال عمله بالأعمال الحرة الذي يتيح له دفع نفقة تكفل للأطفال حياه كريمة، إلا أنه رفض ودفعها مرتان فقط بحكم محكمة ثم سافر لاستكمال عمله في الخارج دون أن توقع عليه أي عقوبة.

الأرقام الرسمية، تقول إن عام 2018 وصلت فيه حالات الطلاق إلى مليون حالة، بواقع حالة واحدة كل دقيقتَين ونصف، ويقدر عدد المطلقات بأكثر من 5.6 مليون، و7 ملايين طفل انفصل والداه، بحسب إحصاءات مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء.

وتخطت حالات الخلع ربع مليون حالة خلال عام 2017، بحسب محاكم الأحوال الشخصية، وبزيادة 89 ألف حالة بالمقارنة بـ2016، فيما ارتفعت نسب الطلاق في مصر من 7% لتصل إلى نحو 145 %، بسبب مواجهة المرأة صعوبات فيما بعد عقب الطلاق بسبب النفقة.

أوضح إسلام عادلي، محامي قانون عام، أنه وفقًا لقانون العقوبات الصادر رقم ٥٨ لسنة ١٩٣٧، المادة ٢٩٣ الذي يتم التعامل به في قضايا الأسرة، ففي حال امتناع الزوج عن دفع النفقة للزوجة، ولجأت الزوجة إلى الإجراءات القانونية برفع دعوى نفقة على الزوج متجمد حبس، وصدر حكم قضائي نهائي على الزوج بدفع النفقة بأثر رجعي إما الحبس على أن تكون مدة الحبس لا تتجاوز شهر.

وعن تعديل هذا القانون، قال "عادلي" لـ"الدستور": "في حال الموافقة على مشروع تعديل هذا القانون، فيتم حبس الزوج مدة لا تزيد على سنة، أما فيما يخص تبعات هذا القانون بالدفع بعد الحبس فحتى الآن ما زال هذا الأمر غير واضحًا، أو ما يخص طرق دفع هذه النفقة، فبحسب القانون الجاري كان يتم دفع النفقة للزوجة عن طريق بنك ناصر الاجتماعي أو الجهة التي يعمل بها الزوج".