رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الراهب الدكتور سيفاك: تصرف البابا فرنسيس غريب والمسيح أعطى أعظم درس للبشرية

جريدة الدستور

◄"سيفاك": تصرُّف بابا روما غريبًا عن البروتوكولات المتعارفة عليها في الفاتيكان
◄المسيح أعطى للبشرية كلّها أعظم درسٌ عن التواضع
◄"تقبيل الأحذية" لا يتوافق مع تعاليم الكتاب المقدَّس وأقوال الآباء القدسيين

في محاولة له للضغط عليهم من أجل الحفاظ على السلام في بلدهم الذي مزقته الحرب الأهلية على مدار سنوات طويلة، قبل البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، أقدام زعماء وقادة جنوب السودان، قائلًا: "أنا أطلب منكم كأخ أن تحاولوا البقاء على طريق ومسار السلام، أسألكم ذلك من كل قلبي، دعونا نمضي قدمًا، سيكون هناك الكثير من المشكلات لكنها لن تتغلب علينا".

عن سجود بابا الفاتيكان وتقبيل أقدام زعماء جنوب السودان، التقت "الدستور" الراهب القس الدكتور
سيفاك نعلبنديان من كاثوليكوسية الأرمن الأرثوذكس بأنطلياس في لبنان.

◄في البداية، كيف رأيت تصرف البابا فرانسيس لتقبيل أحذية القادة السياسيين ؟
كان تصرُّف بابا روما جديدًا - غريبًا عن بروتوكولات المتعارفة عليها في دولة الفاتيكان، لذا، كتب عنه كثير من الكتَّاب وتحدَّث عنه كثير من الإعلاميين، قسم منهم أيَّد هذا التصرف بشدة، واصفًا إياه بأنه تاريخيٌّ، إذ يعيد رسم صورة السيد المسيح في حين إحتفظ الآخر بالصمت.

◄وماذا يقول الكتاب المقدس عن السجود ؟
إن أفعال "سجد" "سجدت" "سجدوا" "إسجد" ذكرت حولي 200 مرة في العهد القديم، من سفر التكوين إلى سفر ملاخي. وحوالي 60 مرة في العهد الجديد، من إنجيل متى إلى رؤية يوحنا، بعض من هذه السجدات كانت موجَّهة للرب، البعض الآخر كانت موجَّهة للملائكة، بينما القسم الثالث كانت موجَّهة للبشر، بدءًا من الملك وصولًا إلى العبيد. هنا سأذكِّر بشكل مختصر بعض أمثلة من كل منها:
سجود للرب:
"فَخَرَّ يَهُوشَافَاطُ لِوَجْهِهِ عَلَى الأَرْضِ، وَكُلُّ يَهُوذَا وَسُكَّانُ أُورُشَلِيمَ سَقَطُوا أَمَامَ الرَّبِّ سُجُودًا لِلرَّبِّ"
(2أخ 20: 18).

"فَفَعَلُوا كُلُّهُمْ وَتَضَرَّعُوا إِلَى الرَّبِّ الرَّحِيمِ بِالْبُكَاءِ وَالصَّوْمِ وَالسُّجُودِ مُدَّةَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ بِلاَ انْقِطَاعٍ. ثُمَّ حَرَّضَهُمْ يَهُوذَا وَأَمَرَهُمْ بِالاِجْتِمَاعِ"(المكابيين الثاني 13: 12).

"وَأَتَوْا إِلَى الْبَيْتِ، وَرَأَوْا الصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ. فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ. ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا: ذَهَبًا وَلُبَانًا وَمُرًّا"(مت2: 11).

سجود إبراهيم لثلاثة الرجال(الرب والملاكان):
"فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا ثَلاَثَةُ رِجَال وَاقِفُونَ لَدَيْهِ. فَلَمَّا نَظَرَ رَكَضَ لاسْتِقْبَالِهِمْ مِنْ بَابِ الْخَيْمَةِ وَسَجَدَ إِلَى الأَرْضِ"(تك18: 2).

◄هل هناك حالات مشابهة في الكنيسة أو تم ذكرها في كتابات بستان الرهبان ؟
نعم هناك عدة حوادث ذكرت في بستان الرهبان حول موضوع السجود وتقبيل القدمين، أحدهما حدثت مع الأنبا زينون وتخص التوبة، حيث زاره أخوان ليكشف كلا منهما عن فكره له، الأول سجد بدموع على قدمى الشيخ، يسأله أن يصلى عليه، أما الآخر فبالرغم من أنه إعترف بفكره إلى الأنبا زينون وطلب منه أن يصلي عليه، إلاَّ أن طلبته إلى الأنبا زينون لم تكن بوجع وإجتهاد، الأول إنتفع من الزيارة والإعتراف، إذ شفاه الله بصلوات الأنبا زينون، بينما الآخر بالرغم من أنه إعترف، إلاَّ أنه لم يحس بالشفاء.

القصة الثانية حدثت في أيام الأنبا دانيال، ببرية شيهيت، عندما فكر أحد اللصوص بحيلة التنكر في زي الأنبا دانيال لسرقة دير العذارى، ونجاحه في الدخول وخداع العذارى هناك آنذاك، حتى أن رئيسة الدير عندما أخبرتها البوابة، أسرعت ومعها الأخوات العذارى، وإذ قد أمسى الليل، قمن بتقبيل قدمى ذاك الشخص دون تحقيق من شخصيته، بل أسرعن وأحضرن ماء في لقان، وغسلن رجليه، وبعدها بدأت كل واحدة تغسل وجهها بذلك الماء للتبرك، ظنا منهنَّ أنه الأنبا دانيال. وقد حضر الأنبا دانيال وقتها بالروح وحدثت معجزة لأحدهن، إذ كانت عمياء منذ ولادتها، فأبصرت ببركة المياه اللقان وبصلوات الأنبا دانيال.

◄ولكن قد يكون هناك حالات ما قبل الرهبنة؟
صحيحٌ أن تقبيل الأرجل قد ذكر في بستان الرهبان، لكنه ذكر قبل عصور سالفة وفي حالات خاصة، مثلًا في التوبة، أى عدم رجوع إلى الخطيئة أو لأخذ البركة بينما اليوم، وللأسف الشديد، نرى ونسمع عن "تقبيل الأرجل" من كل قارات العالم وكأنَّ "تقبيل الأرجل" قد أصبح نوعًا من الموضة الطقسيّة الدَّارجة في الكنائس.

◄تصرف البابا فرانسيس أثار جدلًا لأنه بابا ورئيس دولة.. وكما تعلم فإن الشخصيات السياسية والدينية يكون هناك عيون تراقبها، فما تعليقك؟
بابا روما هو رأس أكبر كنيسة في العالم لذا، فإن قداسته محور أنظار الكل، من الدول والشعوب، من القادة والسياسيين، من العسكريين والمدنيين، من الصحفيين والإعلاميين، من الكبار والصغار، من الرجال والنساء، وحتى من الأطفال، الكل ينظر ويراقب تصرفات ومواقف قداسته وسط الناس في الفاتيكان وخارجها، الكل يسمع أقوال وتعاليم قداسته اليوميّة، وكلَّما كانت مسؤولية الإنسان أكبر، كلما عليه أن يكون حذرًا خلال لقائاته مع الناس، حيث عليه أن يراقب تصرفاته وحركاته بكل دقّة وحسابٍ لئلاَّ يدخّل بغير قصد وبطريقة غير مباشرة إلى طقس الكنيسة مفاهيم مغلوطة وغير سليمة، مفاهيم التي لا تستند إلى تعاليم الكتاب المقدَّس وأقوال الآباء القديسيين.

وفي الماضي كنا نرى رتبة غسل الأرجل في يوم خميس العهد من أسبوع الآلام، بينما اليوم وللأسف الشديد، بدأنا نرى عبر القنوات الفضائية ووسائل الإعلام "غسل وتقبيل الأرجل"!. يبدو كأنَّه قد أضيف إلى طقس "غسل أرجل" تعليمًا آخر، ألا وهو "تقبيل أرجل"!، في حين أوصى السيد المسيح، الذي له المجد الدائم إلى تلاميذه قائلًا: "فَإِنْ كُنْتُ وَأَنَا السَّيِّدُ وَالْمُعَلِّمُ قَدْ غَسَلْتُ أَرْجُلَكُمْ، فَأَنْتُمْ يَجِبُ عَلَيْكُمْ أَنْ يَغْسِلَ بَعْضُكُمْ أَرْجُلَ بَعْضٍ، لأَنِّي أَعْطَيْتُكُمْ مِثَالًا، حَتَّى كَمَا صَنَعْتُ أَنَا بِكُمْ تَصْنَعُونَ أَنْتُمْ أَيْضً"(يو13: 14 - 15). فالسيد المسيح لم يقبّل أرجل تلاميذه ولم يوصى بذلك.

◄ما رأيك في القبلات المرتبطة بأعضاء جسد الإنسان بشكل عام وما دلالاتها من وجهة نظرك ؟
إن التقبيل له طرق ومفاهيم عديدة بين شعوب العالم، هنا سوف أسُلِّط ضوء على البعض منها
تقبيل رأس الإنسان: مثلًا: الابن يقبل رأس أهله كنوع من الحب والتقدير
تقبيل جبين الإنسان: مثلًا: الأب يقبل جبين ابنه كنوع من الرضا والبركة
تقبيل أنف الإنسان: مثلًا: أحد يقبل أنف رئيسه كنوع من الإحترام
تقبيل شفاف الإنسان: الزوج يقبل شفاف زوجته كنوع من المحبة الزوجية التي تجمعهما
تقبيل كف الإنسان: مثلًا: البنت تقبل كف أهلها كنوع من الطاعة وأخذ البركة..مثلًا: الشاب يقبل كف البنت في أوروبا كنوع من الاحترام والتقدير
وكل هذه أنواع القبلات مرتبطة بشكل مباشر مع أعضاء جسد الإنسان المذكوره أعلاه ضمن إطار المحبة، الطاعة، الإحترام والبركة. لكن أن يُضاف إلى هذه القائمة "تقبيل حذاء الإنسان"كنوع من التواضع أو طلب أمنية، هو أمرٌ غريبٌ وغير سليمٌ.

◄وماذا عن التقبيل من الناحية الطبية؟
خلق الله السموات والأرض وما فيها من النباتات والحيوانات، ومن ثم خلق الإنسان، الذي هو قمة الخليقة، لذا، فإن حياة الإنسان نعمة من الله الخالق، فكل إنسان مسؤولٌ عن صحته الفكريّة والنفسيّة والجسديّة والروحيّة لآخر نفس من حياته، والحذاء بطبيعته مكوَّن من الجلد الطبيعي أو الإصطناعي أو ما شابه، عليه دهان وبوليش الإصطناعي، إضافةٌ أنه قد يحمل على وجهه تراب من الأرض
صحيح، أن تقبيل حذاء شخص ما، مرة واحدة قد لا يسبب أمراض مميتة أو مستعصية، إلا أنّ هذا التقبيل لا يحمل في طياته فوائد صحيّة.

◄هل تعتقد أن ما فعله البابا فرانسيس مع القادة السياسيين لم يحل الأزمة، حيث أن البعض انتقد هذا التصرف باعتباره لم يأتي بجديد؟!
إن تقبيل أحذية أشخاص وطلب منهم حفاظ على سلام بلدهم، عدم سماح بنشوء حروبات وصراعات فيما بينهم وعدم عودة إلى الحرب الأهلية، لا يعني بالضرورة أن مشاكلهم قد إنحلت كليةً في ذلك الوقت، وأن الصراعات الموجودة فيما بينهم قد إنتهت جذريًا، وأنهم لن يعودوا مجددًا إلى الحرب الأهليّة.

◄ولكن ما الحل من وجهة نظرك ؟
إن أفضل حل للمشاكل والصعوبات بين الدول، بين المناطق، بين المؤسّسات، بين الأشخاص هو عن طريق العقل والقلب، أى عن طريق طاولة الحوار بكل محبة، وذلك من خلال الحوار الإيجابي، الحوار البنّاء، الحوار العادل، الحوار الصريح، الحوار الهادئ، الحوار بالأدلة والبراهين، طبعًا هنا لا ننسى دور الوسائط الروحية في حل المشاكل والصراعات.

◄بالفعل.. هناك حيرة في الأمر بين التصرف الإنساني والتصرف الديني ؟
صحيحٌ أن تقبيلٌ أحذية قادة السودان يحمل في طيّاته عديد من الرسائل الإنسانية، مثلًا حفاظ على سلام وأمن البلد تجنبًا سفك دماء المدنيين الأبرياء، إلاَّ أننا نقرُّ بنفس الوقت أن مراكز السلطات الرئاسية والقيادية والإدارية والعسكرية والسياسية في العالم، لها قوتها الجبارة وتأثيرها الكبير والعميق في أفكار وقلوب قاداتها. وبالتالي، من المنطقي أن يكون هناك إحتمال المواجهة والحرب بين الطرفان بالرغم من النصائح الذهبية من أفواه رجال السلام، كما إن تاريخ البشريّة يشهد، كم من دول، وقَّعت معاهدات دوليّة متنوِّعة أمام الدول والرؤساء والقادة والعسكريين والصحفيين والإعلاميين. البعض من تلك الدول، إلتزمت بالمعاهدة التي وقعتها حرفيًا، والبعض الآخر إلتزمت لفترة زمنية محدَّدة، بينما الفريق الثالث لم تلتزم قط بالرغم من أنها وقعت تلك المعاهدة.. ما أصدق قول شارلى شابلن حينما قال أشياء كثيرة ليس لها تبرير في هذه الحياة.

◄ولكن بكل تأكيد هناك عامل نفسي إيجابي في هذا التصرف ؟
صحيح أن تقبيل أحذية قادة السودان من قبل البابا فرنسيس كان له التأثير النفسي الإيجابي على كل الحاضرين عمومًا، وعلى قادة السودان خصوصًا في ذلك الوقت، إلاَّ أن هناك إحتمال بأن يتلاشى هذا التأثير النفسي من قلوب القادة مع مرور الوقت، مثلًا، الأب والأم يبكيان بكاءً مرً حينما يفقدا أحد أبنائهما أو بناتهما، ويشعران أنهما تلقا جرحًا نفسيًا كبيرًا وعميقًا، لكن مع المرور الوقت، تخف تدفق الدموع من عيونهما وتخف الألم والوجع مع الزمن، إلاَّ أنها تبقى ولو بنسبة مختلفة.

◄هل تعطينا مثل علي ذلك ؟
إن السيد المسيح على الرغم أنه غسل أرجل يهوذا الإسخريوطي"قَالَ لَهُ يَسُوعُ: الَّذِي قَدِ اغْتَسَلَ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ إِلاَّ إِلَى غَسْلِ رِجْلَيْهِ، بَلْ هُوَ طَاهِرٌ كُلُّهُ. وَأَنْتُمْ طَاهِرُونَ وَلكِنْ لَيْسَ كُلُّكُمْ. لأَنَّهُ عَرَفَ مُسَلِّمَهُ، لِذلِكَ قَالَ: لَسْتُمْ كُلُّكُمْ طَاهِرِينَ"(يو13: 10 - 11)، إلاَّ أن محبة المال كانت أهم في عقل وقلب يهوذا أكثر من التأثير الإيجابي النفسي، الذي تركه السيد المسيح في العليقة حينما غسل أرجل تلاميذه الاثنى عشر. لذا، ذهب يهوذا الإسخريوطي إلى رؤساء الكهنة آنذاك وسألهم ماذا يعطون له لو سلَّم لهم السيد المسيح، حيث مكتوبٌ "حِينَئِذٍ ذَهَبَ وَاحِدٌ مِنَ الاثْنَيْ عَشَرَ، الَّذِي يُدْعَى يَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيَّ، إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَقَالَ: مَاذَا تُرِيدُونَ أَنْ تُعْطُوني وَأَنَا أُسَلِّمُهُ إِلَيْكُمْ؟ فَجَعَلُوا لَهُ ثَلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ. وَمِنْ ذلِكَ الْوَقْتِ كَانَ يَطْلُبُ فُرْصَةً لِيُسَلِّمَهُ"(مت26: 14 - 16). "فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «يَا يَهُوذَا، أَبِقُبْلَةٍ تُسَلِّمُ ابْنَ الإِنْسَانِ؟"(لو22: 48).

◄هل أراد البابا فرانسيس توصيل رسالة عن التواضع من خلال هذا التصرف الجديد ؟
قد يقول البعض "إن تقبيل أحذية قادة السودان من قبل بابا روما ما هو إلاَّ "درسٌ عن التواضع"بينما في الحقيقة، إن تقبيل الأحذية ليس هو الوسيلة الوحيدة في العالم، يدرّس من خلالها "فضيلة التواضع".

هناك طرق كثيرة، نقدر من خلالها وبكل سهولة أن نعطي للعالم أجمع دروسًا حيَّة وفعَّالة عن فضيلة التواضع وأهميتها في حياتنا اليومية.

وهنا أود أن أعطي بعض الأمثلة عن التواضع، على سبيل الذكر وليس على سبيل الحصر، تحدُّث مع الآخرين بأسلوب هادئ هو درس هو درس في التواضع، كذلك مسامحة المسيئين، مساعدة الأرامل والأيتام، تامين دواء للمرضى، زيارة المسجونين، تأمين الطعام والشراب للجياع والعطشى، إصغاء إلى المتألم، تشجيع ذوى الإحتياجات الخاصة، كلها دروس في التواضع.

كما أريد ان أقول إن تقبيل الأحذية ليس هو درسٌ جيدٌ عن التواضع، بل بالعكس، لأنَّ تقبيل حذاء الآخر، قد يكون سبب في دفع ذاك الآخر إلى التعظُّم، وبالتالي إلى سقوط في خطيئة الكبرياء ومجد الباطل، خاصةً لو أن الشخص الذي قام بتقبيل حذاءه هو من أشهر مشاهير العالم.

وإن السيد المسيح، الذي هو أعظم المعلّم عبر كل الأزمنة والعصور، قد أعطى للبشرية كلّها أعظم درسٌ عن التواضع، وذلك حينما إنحنى أمام تلاميذه الإثنى عشر وغسل أرجلهم. فهل تحتاج البشريِّة اليوم إلى درس آخر، إلى درس أسمى وأعمق من الدّرس الذي قدّمه السيّد المسيح لتلاميذه في العليقة؟ تقبيل رئيس أكبر كنيسة في العالم حذاء إنسان آخر أمام المصورين والكاميرات داخل صالون كبير وفخم، لن ولن يكون أسمى من رتبة "غسل الأرجل" في العليقة الصغيرة المتواضعة، إذ هناك إنحنى الله المتجسِّد، السيد المسيح أمام تلاميذه الإثنى عشر، وغسل أقدامهم. يُخطئ من يظن أن هناك إمكانية بأن تعطى للبشر دروس جديدة عن التواضع، من الدرس الذي أعطى في أورشليم قبل ألفى سنة.

◄هل تري أن تقبيل الأحذية فيه خطرا صحيا؟
خلق الله السموات والأرض وما فيها من النباتات والحيوانات، ومن ثم خلق الإنسان، الذي هو قمة الخليقة. لذا، فإن حياة الإنسان نعمة من الله الخالق، فكل إنسان مسؤولٌ عن صحته الفكريّة والنفسيّة والجسديّة والروحيّة لآخر نفس من حياته. إن الحذاء بطبيعته مكوَّن من الجلد الطبيعي أو الإصطناعي أو ما شابه، عليه دهان وبوليش الإصطناعي، إضافةٌ أنه قد يحمل على وجهه تراب من الأرض
صحيح، أن تقبيل حذاء شخص ما، مرة واحدة قد لا يسبب أمراض مميتة أو مستعصية، إلا أنّ هذا التقبيل لا يحمل في طياته فوائد صحيّة

◄حدثنا باستفاضة عن هذا الأمر من جميع جوانبه ولكن هل تريد ان تقول شيئا اخر او تعطيني خلاصة ما توصلنا إليه من خلال الحوار.
نعم أحب أن أؤكد لك ان أرائي لا تعبّر عن راى الكنيسة الأرمينية الأرثوذكسية، بل هو مجهودي الشخصي بعد التفكير والبحث والدراسة والإستنتاج، كما أحب ان ألخص وأؤكد لك أن "تقبيل الأحذية" لا يتوافق مع تعاليم الكتاب المقدَّس وأقوال الآباء القدسيين، كما انها خطرعلى طقوس الكنيسة، غريبٌ عن أنواع القبلات المتعارف عليها في الشرق والغرب، كما ان "تقبيل الأحذية" ضعيفٌ منطقيًا في تحقيق أهدافها، ولها تأثير نفسي وقتي على الآخرين عبر الزمن، وأيضا هي وسيلة خاطئة في تعليم الآخرين عن إحدى فضائل المسيحية، بالاضافة انه ليس فيه فوائد صحية طبيّة.