رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

داعش جديد خطر يصل إفريقيا


بعد إعلان العراق وسوريا والولايات المتحدة الأمريكية الانتصار على تنظيم داعش بالشام وإعلان فشل ما أُعلن عن قيامه تحت اسم دولة الخلافة الإسلامية، ومع انتهاء سوريا من تحرير منطقة شمال سوريا واستعدادها للتحرك نحو إدلب وإعلان العراق انتهاء داعش كتنظيم على الأرض، مع الاعتراف بوجود بعض العناصر فى صحراء العراق يحاولون إما الهرب أو إثبات الوجود بالقيام ببعض الهجمات.. مع ذلك كله كان السؤال الأهم: أين عناصر داعش؟ وهل اختفوا كما اختفت جيوش كاملة سابقا.
السؤال المطروح كانت هناك عدة إجابات له، وهى إجابات محتملة قد يؤكد بعضها أحداثًا شهدتها الدول الأوروبية والإفريقية مؤخرًا.. التحرك المحتمل لعناصر داعش المدربة عبر سنوات طويلة من الحرب فى المدن والصحراء هو الاتجاه إلى تركيا ثم الهرب عبر البحر إلى سواحل إفريقيا أو الاتجاه فرادى إلى دولهم الأصلية فى أوروبا.
هذا الاحتمال وضع الأجهزة الأمنية الأوروبية فى حالة تأهب كامل، ورغم ذلك لم تنج دولة أوروبية مهمة من هجمات انتحارية أو فردية أزهقت أرواح العشرات وجعلت الجميع يوقنون ولو متأخرا جدًا بخطورة الإرهاب وما بين إسقاط الجنسية عن عناصر داعش الأوروبية ومنع دخولهم وترحيل أسر لهم ورفع درجات الاستعداد القصوى فى كل الدول الأوروبية تراوحت ردود الفعل، ولكن الاتجاه الآخر لعناصر داعش وهو الأهم كان إلى الساحل الإفريقى، محاولين الوصول إلى قلب القارة السمراء وهى الأمل المتبقى لديهم لإعلان دولتهم المزعومة، ورغم ضخامة وجسامة الأحداث التى وقعت فى سريلانكا وأودت بمئات الضحايا والمصابين إلا أن الهدف الأكبر لهم هو إفريقيا، فهناك عشرات الملايين من الشباب الأفارقة العاطلين عن العمل وبدون إمكانيات مع فقدانهم التطلعات نحو المستقبل المشرق فى أوطانهم الأصلية، فكان الحل أمامهم هو الهجرة ولكن مع وجود أو وصول عناصر داعشية إلى القارة الإفريقية فإن فرص الالتحاق بالتنظيم مع الوعود الدينية والتمويل سيضطر هؤلاء إلى المكوث فى أوطانهم والبحث عن الالتحاق بالتنظيم الإرهابى والدفع بهم إلى تكوين تنظيم جديد، وأعيد طرح السؤال حول توجه عناصر داعش إلى إفريقيا بعدما تبنت شبكة إعلامية تابعة للتنظيم للمرة الأولى هجومًا فى شمال كيفو المضطرب قرب حدود أوغندا.. وقتل جنديان فى ١٦ أبريل فى الهجوم الذى وقع فى كامانغو شرق البلاد.. وفى نفس السياق، قالت ليلى زروقى، رئيس بعثة الأمم المتحدة، إن المنظمة تأخذ على محمل الجد تبنى التنظيم هذا الهجوم، بالإضافة إلى ما تقوم به القوات الديمقراطية المتحالفة، وذلك فى إشارة إلى جماعة مناهضة للرئيس الأوغندى يورى موسيفينى تتواجد فى هذه المنطقة من الكونغو منذ عام ١٩٩٥، ويعتقد أن هذه القوات التى تفتقد لزعيم أو شعار قتلت منذ أكتوبر ٢٠١٤ أكثر من ألف مدنى و١٥ جنديًا تنزانيًا تابعين لقوات الأمم المتحدة فى هجوم على قاعدة سموليكى فى ديسمبر ٢٠١٧.. التمويل هو إحدى أهم طرق التجنيد فى المناطق التى يسعى التنظيم للتواجد بها، ويدلل المحللون على ذلك بضبط الكينى وليد أحمد زين فى يوليو ٢٠١٨ «المستشار المالى لتنظيم الدولة الإسلامية فى العراق وسوريا»، وقالت الشرطة الكينية إنه مسئول عن نقل أكثر من ١٥٠ ألف دولار، عبر شبكة مرتبطة بداعش تغطى عدة دول، بينها جمهورية الكونغو الديمقراطية..
يؤكد المراقبون أن مسئولى أوغندا أكدوا أن زين كان على تواصل مع القوات الديمقراطية المتحالفة، فيما قالت إحدى الهاربات من هذه المجموعة إن شخصًا بهذا الاسم أرسل لها مالًا إلى كمبالا.. فى حين أن مصادر مقربة من الإدارة الأمريكية أكدت أن زين أرسل أموالًا إلى القوات الديمقراطية المتحالفة.
وصول عناصر من داعش إلى الكونغو وتشاد ومناطق مختلفة أصبح مؤكدًا، فالرئيس الكونغولى فيليكس تشيكيدى أعلن أنه يخشى أن يأتى الجهاديون المهزومون فى العراق وسوريا إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية لإعادة الانتشار.
ويعتمد الداعشيون القادمون إلى الكونغو على دعم من الجمعية الإسلامية فى الكونغو «كوميمو» والتى تشهد صراعًا على السلطة. ويقول الممثل القانونى لكوميكو الشيخ على موينيى إن الأمر لا يتعلق سوى بمجموعة أشخاص لا يملكون حقًا ولا صفة ويعملون بالفعل كميليشيا. وأضاف أنها منظمة تمثل تهديدًا حقيقيًا للأمن الوطنى ويشير البعض إلى تمويل دولة عربية منظمة أخرى هى الجمعية الخيرية للتطوير والتنمية البشرية، وهى التى أنشأت عدة مساجد جديدة جرى بناؤها على طول الطريق بين كينشاسا وكيتكوت.
تنظيم الدولة «داعش» أعلن عن عودته عبر عدة عمليات فى بلجيكا وفرنسا وسريلانكا ومناطق أخرى فى هجمات فردية نسبت إلى انتحاريين كان يجمع بين أغلبهم كونهم من عائلات واحدة أو أشقاء وهم يمثلون ما يطلق عليه الإرهاب العائلى وهو تعبير أطلقه المحللون على أعضاء التنظيم مؤخرًا، وهم أيضًا يمثلون ما يطلق عليهم الذئاب المنفردة أو الخلايا النائمة، وهم تهديد قوى ومباشر لأوروبا، أما إفريقيا فأعتقد أن التنظيم يتوجه إليها باعتبارها البيئة الأصلح لنمو التنظيم وإعادة إعلانه ووجوده مرة ثانية، فالأحوال الاقتصادية والانتماءات القبلية كل هذه العوامل ستسهل أمام قيادات التنظيم إعادة تجنيد عناصر جديدة وربما عشائر أو قبائل كاملة، وهو ما يلقى على العالم عبئًا جديدًا فى مواجهة التنظيم، فالانتشار فى إفريقيا يكون أسرع وأكثر خطورة مع وجود عناصر قابلة للتجنيد وطبيعة تساعد على التحرك ودول شبه مفككة.. ووصول داعش يمثل أيضًا تحديًا جديدًا أمام الاتحاد الإفريقى فى عام ترأسه مصر وهى تحاول دعم التنمية فى إفريقيا، ويجب على العالم أن يعرف جيدًا أن ترك عناصر داعش تصل إلى إفريقيا سيمثل خطرًا داهمًا سيدفع الجميع ثمنه لاحقًا.