رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سفير رواندا: السيسى استطاع أن يعيد الرأس المصرى إلى الجسد الإفريقى

سفير رواندا صالح
سفير رواندا صالح هابيمانا مع محررة الدستور

- الرئيس حمى وطنه ووقف ضد حملة الربيع العربى الشرسة.. أثبت أن الجيش ملك للشعب.. وبدأ من حيث انتهى ناصر

وصف سفير رواندا فى القاهرة، صالح هابيمانا، مصر بـ«أنها كل شىء بالنسبة للأفارقة، وهى رأس القارة، والدول الإفريقية جسدها»، واعتبر الرئيس عبدالفتاح السيسى نموذجًا قياديًا فى تاريخ القارة، وبإمكانه النهوض بمصر والقارة السمراء خلال السنوات المقبلة.
واعتبر «هابيمانا» فى حواره لـ«الدستور»، أن الرئيس السيسى استطاع أن يعيد الجسد الإفريقى إلى الرأس المصرى، متمنيًا أن يقتدى القادة الأفارقة بالرئيسين المصرى والرواندى لتحقيق النهضة لشعوبهم.




■ كيف تقيم الدورة الـ٣٢ للاتحاد الإفريقى وتسلم مصر القيادة؟
- الدورة ناجحة، ومؤكد أن مصر قادرة على منح القارة المزيد، ونحن نطمح فى الكثير منها، وإذا كانت رواندا دولة صغيرة ومتواضعة، استطاعت أن تحقق تقدمًا كبيرًا للغاية وتنمية هى الأعلى دوليًا بعد مرور ٢٥ سنة على مجزرة التطهير العرقى التى راح ضحيتها نحو مليون إنسان، فبالتأكيد فإن الأمر أسهل بالنسبة إلى مصر، التى يزيد عمرها على ٧ آلاف سنة، وتعد كل شىء بالنسبة لنا فى إفريقيا.
■ ما آفاق التعاون المشترك بين مصر ورواندا؟
- بدأنا بالفعل هذا الطريق، وهناك اهتمام واسع جدًا فى مجال الاستثمار لشركات مصرية، ومستثمرين مصريين، فى الأحجار الثمينة، والصناعة، كما أن لدينا تبادل خبرات فى مجالى الصحة والإعلام، وقريبًا يوقع بروتوكول تعاون إعلامى مشترك بين البلدين. وثمة مجالات تعاون مشتركة بدأت تأخذ مكانها على أرض الواقع، لكنها ليست بالمستوى المطلوب، فنحن نطمح إلى المزيد، لكن لا بأس، فقد قضينا ٢٥ سنة دون سفارة فى القاهرة، وكنت أول السفراء، والعلاقة بين الشعبين أزلية.
■ أشرت إلى احتفاظ ذاكرتك بمنجزات الرئيس جمال عبدالناصر فى إفريقيا وقلت إن السيسى يبدأ من حيث انتهى ناصر.. حدثنا عن صورة مصر فى روندا؟
- لو عرف المصرى كم هو محبوب لدى الأفارقة، خاصة الروانديين لفرح، فالإفريقى فى الصحراء الكبرى يعرف أن البطل الراحل جمال عبدالناصر أنفق لآخر قرش فى الخزينة وآخر جندى مصرى من أجل الأفارقة، وأسهم وزملاؤه من القادة الأفارقة فى تحرير القارة، والآن صارت قارة ديمقراطية تشهد الانتخابات، لكن هل استفاد الأفارقة من خبرة هؤلاء الأبطال الذين انتقلوا إلى الرحمن؟ لا. السيسى بدأ من حيث انتهى عبدالناصر، والآن الرئيسان المصرى والراوندى يفكران كيف بإمكاننا أن نبنى إفريقيا ذاتيًا، فالقارة غنية بالخيرات والمياه والأراضى الزراعية، والأحجار الثمينة، والبترول والطاقة. ولو أن القادة الحاليين اقتدوا بما يفعله الرئيسان السيسى وكاجامى لنفعنا بلادنا ولحققنا طموحات أجدادنا الذين أسسوا إفريقيا الموحدة.
■ قلت إن «مصر مثل فتاة جميلة، لكنها تغلق أبوابها أمام الجميع دائمًا».. هل هى إشارة إلى قطيعة القاهرة لدول القارة فى عهد الرئيس الأسبق مبارك؟
- انقطاع مصر عن إفريقيا لمدة طويلة لا نعتبره مشكلة، لكن دعونا نبدأ مع الرئيس السيسى، ولا نكبل الأيدى بالماضى، فكل واحد من القادة السابقين فعل ما فعل، وحاول محاولته وبنى دولته، الآن نريد بناء إفريقيا، وليس من حقنا أن نلوم أى قائد إفريقى فيما مضى، علينا أن نكون واقعيين، ونتعامل مع الواقع الحالى.
وأكرر ما قلته سابقًا بأن مصر لها كل شىء، لكنها أغلقت نفسها داخل الدولاب، لكننى الآن فخور جدا ومملؤ بالثقة بأن السيسى فتح الدولاب، وآن للمصرى أن يفتحه بدوره على الإفريقى. ومنذ أيام كنت فى أسوان ورأيت الحضارة والتاريخ، احتفلنا بمتحف النيل وكنت مسرورًا جدًا جدًا، وأرجو الإشارة إلى مدير المتحف، الذى يحمل حبًا لدول حوض النيل، ومن هناك قررت أن أسمى أسوان العنق ومصر الرأس وإفريقيا الجسد، لقد قُطع الرأس عن الجسد، لكن السيسى جاء ليعيده مرة أخرى، وأسوان بمثابة الرقبة التى تجمع بين الجسد والرأس.
■ كيف تحولت روندا خلال ١٠ أعوام من مذبحة المليون قتيل إلى الأعلى تنمية فى العالم؟
- السر الوحيد هو الإرادة السياسية والطموح الشعبى، فالشعب يطمح للكثير ولدينا إرادة سياسية من الرئيس، ويواظب الرئيس كاجامى كل شهر على التخفيف من مسئولياته الأسرية، ويوقف العمل فى إدارته، ويخرج إلى الطرقات والشوارع فى يوم يسمى «أوموجاندا»، ويعنى تنظيف الدولة، وصار الشعب بأكلمه فى هذا اليوم يخرج لتنظيف الدولة، هنا الإرادة السياسية من الرئيس إلى الشعب تصب فى اتجاه واحد.
■ كنت مفتيًا للمسلمين فى رواندا قبل مجيئك سفيرًا، ما أوضاع المسلمين هناك خاصة أنهم لا يمثلون سوى ١٪ من إجمالى السكان؟
- وجودى كسفير لرواندا وأنا مسلم دليل واضح على أن المسلم الرواندى يعيش فى رحمة بعد المجزرة. وتصورى أن المفتى الذى ينتقل من دار الإفتاء إلى دار السياسة اعتراف وافٍ وواضح جدًا من الرئيس كاجامى بحقوقنا، الذى وجدنا مهمشين فى الحياة اليومية فأعاد لنا الحقوق، وعندما جاء محررًا عام ١٩٩٤، وأوقف المجزرة والتطهير العرقى قال: «من اليوم فصاعدا بعد أن قضينا على صناع الشر، كل مواطن رواندى سيعيش كإنسان فى وطنه ويأخذ كل حقوقه»، كاجامى نصر المسلمين فى دولة أغلبيتها مسيحية، ويتشابه مع السيسى المسلم الذى يصلى فى المسجد ونصر المسيحيين فى دولة أغلبيتها مسلمة.
■ كيف ترى التشابه بين الزعيمين؟
- أوقف السيسى تدمير الدولة وحمى الوطن، ووقف أمام الحملة الشرسة التى سميت «الربيع العربى»، وأثبت أن الجيش المصرى هو جيش الشعب، كما أوقف الاقتتال والنهب، وقال إن المسيحى يعيش كالمسلم فى وطنه، وكنتُ فخور جدًا عندما حضرتُ قداس عيد الميلاد فى الكنيسة وحضر الرئيس، وطالعت مدى الحب وحفاوة الاستقبال له، بالهتاف والزهور التى رميت على رأسه. كما أن الرئيس كاجامى المسيحى محبوب لدى المسلمين، ويا ريت كل واحد من القادة الأفارقة المسيحيين يكون مسيحيًا مثل كاجامى، والمسلم يكون مسلمًا كالسيسى.
■ ما زالت القارة الإفريقية تعانى من المجاعات والصراعات الأهلية على الرغم من ثرائها بالموارد الطبيعية والبشرية.. كيف يمكن النهوض بالقارة؟
- فى الخمسينيات والستينيات كان هناك قادة أفارقة عظماء، مثل عبدالناصر، ولومومبا، وكوامى نكروما. الآن بعدما نهبنا الاستعمار وسرق منا كل الخيرات، لدينا كاجامى والسيسى وكينياتا، وهم قادة أقوياء جدًا، وقريبًا ستكون إفريقيا المحبوبة والمطلوبة لدى كل أبنائها. الآن بدأ الذين هربوا من إفريقيا خلال الخمسين سنة الماضية إلى أوروبا يعودون.. فانتظروا القارة خلال الخمس أو العشر سنوات المقبلة. وإذا كانت عاصمة رواندا «كيجالى» تعتبر أنظف بلد فى القارة، بل صارت روندا خالية من الرشوة والفساد، فهذا دليل على أن إفريقيا قادرة، والحمد لله نحن محظوظون بوجود قادة كالسيسى فى القاهرة، وكاجامى فى رواندا، وفى غرب إفريقيا مثلهم مثل أجدادهم الذين أسسوا إفريقيا، التى سترتقى قريبًا إلى مستواها وتأخذ نصيبها بين القارات.
■ ما فرص الاستثمار التى توفرها رواندا لجذب المستثمرين الأجانب؟
- تعد رواندا حاليًا الأولى فى جذب المستثمرين، خاصة فى ظل وجود تسهيلات منها إمكانية تسجيل شركة فى أقل من ٤ ساعات، بإمكانك أن تسجلها أيضًا وأنت هنا فى مصر، ولدينا محكمة خاصة لحماية المستثمرين، فالمستثمر عندما يواجه أى مشكلة لا يذهب للمحاكم العادية، إلى جانب سهولة تحويل الأموال، كل هذه عوامل تجعل رواندا سباقة فى جذب المستثمرين الأجانب، ونهتم خصوصًا بالمستثمرين الأفارقة.