رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الواثق.. قصة 50 سنة مسؤولية في حياة محمد بن راشد

جريدة الدستور

يصدر للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبى، اليوم، كتاب جديد بعنوان «قصتى... ٥٠ قصة فى ٥٠ عامًا»، يروى فيه رحلة ٥٠ عامًا من حياته وعمله ومسئولياته، مستعيدًا ذكريات وتجارب ومواقف.
ويتناول حاكم دبى فى الكتاب، الذى نشرت صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية مقتطفات منه، اتصالات غير معلنة أجراها مع رؤساء وزعماء عدّة، من بينهم الرئيس العراقى الراحل صدام حسين، كاشفًا عن أنه عرض عليه قبيل بدء الغزو الأمريكى عام ٢٠٠٣، الانتقال إلى «دبى» لكن صدام رفض.
ويقول «بن راشد»: «فى ٢٠٠٣، عاد الأمريكيون إلى الشرق الأوسط. كنتُ أعرف أن غزو العراق كان ضمن أهداف الرئيس الأمريكى جورج بوش الابن. حاولنا إقناعه بألا يجتاح العراق، طلبتُ منه أن يستثمر جهوده وأمواله فى مساعدة الشعب العراقى ببناء المدارس والمستشفيات وتعبيد الطرق، لكننى عرفتُ أنه عزم على قرار استخدام القوة».
وواصل «طلبتُ من الأمريكيين أن يمنحونا فرصة للتصرُّف، ثم سألتهم: ما الذى تريدونه من صدام؟ أحسست بأن المنطقة مقبلة على حرب وكنت على استعداد لفعل أى شىء من أجل أن تتجنّب الشعوب الحرب مرة أخرى. قالوا إنهم يريدون دخول فرق التفتيش للبحث عن أسلحة الدمار الشامل. وعزمتُ على الذهاب إلى صدام بنفسى».
ويروى نائب رئيس دولة الإمارات تفاصيل اللقاء قائلًا: «ركبتُ الطائرة من دبى للبحرين ومن هناك ركبتُ البحر باتجاه البصرة. تقابلنا فى أحد الأمكنة التى كان يلجأ إليها، ثم بدأنا حديثًا صريحًا وواضحًا. ذكّرتُه بشبح الحرب وأنا أعرف أننى أعظ رجلًا أفنى شطرًا كبيرًا من حياته فى الحروب. كان من الواضح أنّه لا يمكن أن يربحها، وإن لم يفعل شيئًا لتجنّب الهجوم المقبل، فسوف يخسر العراق كلّ شىء. ثم همستُ له: لو اقتضى الأمر رحيلك عن الحكم من أجل العراق ارحل، ودبى مدينتك الثانية أهلًا بك فيها دائمًا. نظر إلىّ ثم قال: لكننى أتحدّث عن إنقاذ العراق وليس نفسى. كبر فى نفسى بعد كلامه هذا».
ويعرض فى الكتاب أيضًا علاقته بالرئيس السورى بشار الأسد، قبل توليه السلطة وبعدها، كاشفًا: «أتذكر نهاية التسعينيات حينما زار بشار دبى، وقتها كان والده فى سدّة الحكم، ومسألة تولى بشار السلطة كانت مسألة وقت. رغبت فى الحصول على وقت أكثر معه بعيدًا عن أعين الرقابة والرجال المحيطين به. وطلبتُ من أحد المرافقين الذهاب مع وفد بشار فى السيارة، بينما اصطحبته بسيارتى، التى كنت أقودها بنفسى، توجهنا إلى أحد المجمعات التجارية الكبرى. تحدثنا عن مستقبل التكنولوجيا ودورها فى التنمية، حيث كان بشار رئيسًا للجمعية العلمية السورية للمعلوماتية. كان حماسه شديدًا لاستثمار التكنولوجيا فى خدمة بلده، وأكد لى أنه سيجرى بعض التغييرات فى سوريا. لقد أعجبته التجربة، وترسخّت علاقة طيبة لى معه».
وأضاف: «بعد بضع سنوات، زار دبى مرة أخرى بصفته رئيس سوريا، سألني: كيف تدير حكومة دبى مدينتها؟ كانت لديه رغبة كبيرة فى تطوير الإدارة والحكومة فى بلاده، مؤكدًا لى أنه يعتزم تكرار نموذج دبى فى بلاده».
ويرى «بن راشد» أن الأسد «حاول فى بداية حكمه تحقيق بعض الانفتاح الاقتصادى، وفتح المجال للبنوك الأجنبية، وسمح لمواطنيه بفتح حسابات بعملات أجنبية، كما دعا المستثمرين الأجانب. وأذكر أننى أرسلتُ وفدًا لاستطلاع فرص الاستثمار العقارى هناك، وعادوا لى بأفكار طيبة. عاش بشار بعد ذلك عالمًا آخر، وهو يشاهد بلده يغرق فى مسلسل الدماء والدمار الذى اجتاحها، وأتى على الأخضر واليابس، وعصف بتاريخ عمره آلاف السنين».
وتحدث حاكم دبى فى كتابه عن تداعيات الغزو العراقى للكويت عام ١٩٩٠، معتبرًا أنه شكّل «نقطة تحول غيّرت المنطقة بأسرها». كما كشف عن قصة طلب العقيد الليبى الراحل معمر القذافى فى تحويل طرابلس إلى «دبى ثانية»، معلقًا بأن «القذافى لم يكن يريد التغيير، كان يتمنى التغيير». وتحدث الشيخ محمد بشغف عن بيروت: «أذهلتنى صغيرًا، وعشقتُها يافعًا، وحزنتُ عليها كبيرًا»، واصفًا لبنان بأنه «ساحة لتصفية كثير من الحسابات».