رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رجل بملابس نساء يُقبّل سميحة أيوب: شامبانيا يا هانم؟

الفنانة سميحة أيّوب
الفنانة سميحة أيّوب

كانت الفنانة سميحة أيّوب في باريس، وحدث أن قطعت مسافة كبيرة وهي تمشى مع ملك الجمال وزوجها في شارع سان ميشيل، وعندما أرهقها السير اقترح زوج ملك الجمال الجلوس بأحد المقاهي المنتشرة بالشارع الشهير.

تقول سميحة:" صادفنا أول مقهى، لم يكن مقهى بالمعنى المعروف، بل كان عبارة عن مسرح صغير، ودخلنا ثم أخذنا نطوف بالموائد لكي نجد مائدة مناسبة نجلس إليها، ونظرت إلينا سيدة وقور ترتدي فستانًا أزرق اللون نظرة عطف، كأنما شعرت بأننا غرباء وبحاجة إلى مساعدة، وكان مظهر هذه السيدة يوحي بأنها صاحبة المسرح أو ممَن اعتدن ارتياد المكان، وجلسنا أخيرًا إلى مائدة صغيرة بجانب المسرح، وجلست تلك السيدة تجاهنا تمامًا، كانت تنظر إلىّ بإمعان شديد، فأخذت بدوري أنظر إلى وجهي في المرآة تارة وإلى ملابسي تارة أخرى، لعلي أجد السبب الذي يجعلها تنظر باتجاهي بهذا الشكل.

وتابعت أيوب، في مقال لها نشرته بمجلة الإثنين والدنيا:"عجزت عن معرفة سبب نظرات السيدة، وبعد برهة انصرفت صديقتي ملك الجمال وزوجها لقضاء مهمة في مكان قريب على أن يعودا بعد نحو ربع الساعة، وأحسست أن الجو خلا لي لمعرفة سر اهتمام السيدة المجهولة بي، ونظرت إليها ثانية فوجدتها تبتسم لي، وكان مظهرها يدل على الوقار والطيبة وليس فيها ما يريب.

حدثتني نفسي:"لماذا لا أبتسم لها أنا الأخرى وأعرف منها سبب اهتمامها بي؟، لعل في شىء غريب يلفت إلى نظر الفرنسيات، وما كدت ابتسم للسيدة الوقور؛ حتى قامت من مكانها وتقدمت إلىّ وصافحتني بحرارة، وجلست معي إلى المائدة دون أن تذكر لي اسمها وقالت:

-أنتِ مصرية؟

-نعم مصرية.. كيف عرفت؟

-إنني أعرف المصريات من عيونهن الجميلة.. وأستطيع أن أقول لك بصراحة إنك تتمتعين بعينين في منتهى الجمال.

قالت هذا، ثم حملقت فىّ طويلًا، واقتربت بكرسيها مني، وهمست في غزل: إنك لا تدركين سيدتي كم أنتِ جذابة.

فابتسمت وسررت جدًا لإطراء السيدة الفرنسية الوقور، ورغم كل هذه الظواهر فلم يتغير شىء من حيرتي حول اهتمامها بي، وبعد ذلك انتقل بنا الحديث إلى الأزياء، فحدثتها عن أناقة المرأة المصرية ورقتها وتقدمها، وكانت السيدة الفرنسية تنظر إلىّ وأنا أتحدث بفرنسيتي المكسّرة، ثم اقترتب مني فجأة حتي التصقت بي تقريبًا وقالت:

-أجمل ما في المصريات أنهن ذوات جمال طبيعي باهر، على عكس الفرنسيات اللاتي يعتمدن على الأشياء الصناعية للتجميل.

وصمتت السيدة الفرنسية لحظات، ثم قالت:

-لا تندهشي فأنا خبيرة بالشرقيات، وأحبهنّ جدًّا.

كانت المفاجأة عندما صفقت السيدة ليأتي الجرسون، وانحنى لها بادب واحترام فأمرته بمشروب لكل منّا، وأقنعتها بأنني لا أشرب الخمر وبعد نقاش طلبت لنفسها كأسًا من الشمبانيا، بينما طلبت أنا عصير ليمون.

وجاء الجرسون بما طلبنا، فأمسكت السيدة الوقور بالكأس، وتجرعتها دفعة واحدة كما يفعل الرجال، وتعجبت لطريقة شربها الشمبانيا، بينما أمرت هي الساقي أن يحضر كأسًا أخرى، وشربتها بنفس الطريقة وطلبت الثالثة.

وبعد الكأس الثالثة أمسكت السيدة بيدي وقالت لي:

- تستطيعين أن تأتى إلى هنا كل يوم، وتطلبي ما شئتِ من المأكولات والمشروبات دون أن تدفعي شيئًا، فأنت الآن صديقتي.

وابتسمت وشكرتها بحرارة، فأمسكت بيدي وضغطت عليها برفق، كل هذا وأنا مسرورة جدًا من طيبة السيدة الفرنسية، وبعد دقائق أقبل أحد الجرسونات وهمس في أذن السيدة ببضع كلمات، فقامت بعد ذلك وقمت لكي أحييها فقالت لي:

-أنا مضطرة لأن أذهب، الآن، لكي أؤدي نمرتي على المسرح، اجلسي إلى المائدة التي أمام المسرح لكي أراكِ.

وسلّمت علىّ فسلمت عليها وأخذت تقبلني بشوق ولهفة، فتعجبت من طيبتها الشديدة، وحبّها الشديد لي، وبعد أن انصرفت السيدة نظرت في ساعتي فإذا بغيبة "ملك" وزوجها قد تجاوزت نصف الساعة، وبعد برهة أعلن المذيع عن رقصة يؤديها الراقص الشهير "أندريه".

وترقبت أن أرى هذا الراقص الشهير فلما رفع الستار كدت أصعق عندما وجدت أن الراقص الشهير أندريه، لم يكن سوى السيدة الفرنسية التي أعجبت بي، كان الراقص الشهير أندريه يرقص على المسرح بفستان أحمر اللون مفتوح من الأمام والخلف.

حسبت أن المذيع أخطأ وقال عن الراقصة الجميلة التي على المسرح إنها مسيو، وهي مدام، فناديت على الجرسون فأقبل مسرعًا وقال:

-إن مسيو أندريه أوصى بأن ألبّي طلباتك دون أن آخذ منك أي ثمن.. فماذا تطلبين؟
وسألته وأنا أتصبّب عرقًا:

-هل تقول مسيو؟

-نعم.. مسيو أندريه صاحب المسرح.. الذي يرقص أمامك.

- لكنه يرتدي ملابس السيدات.

-طبعًا.. إن مسرحنا مشهور بهذا النوع من الاستعراضات الفنية وكل السيدات الجالسات على هذه الموائد من الرجال.

وبلعت ريقي بسرعة، وبرق في ذهني السبب الذي من أجله احتفى بي مسيو "أندريه" وقبّلني بحنان.