رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قطر وقضية خاشقجى




فى يوم ٥ يونيو ٢٠١٧ قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر، بسبب دعم الدوحة للإرهاب، واتهامها بإشعال الاضطرابات الإقليمية والتقارب مع إيران، وإيواء إرهابيين مطلوبين للعدالة فى تلك البلاد. قطر نفت تلك الاتهامات وقتها، فما كان من مجموعة الدول الأربع إلا أن فرضت قائمة شروط مكونة من ١٣ بندًا للتصالح مع الدوحة، وأصرت عليها قبل أى حديث عن المصالحة.
فور فرض المقاطعة على قطر، ظهرت فى الأفق إيران كعدو تقليدى للسعودية والبحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة، وقامت بمغازلة قطر وعوضتها عن بعض المنتجات التى توقفت عن الوصول لقطر، بسبب الحصارين الجوى والبرى المفروضين حولها.
كما ظهرت فى الأفق تركيا، وأرسلت أسلحتها الجوية والمدرعات إلى قطر، تخوفًا من غزو برى أو جوى مزعوم من جانب الأعداء الجدد لقطر، مع أن تلك الدول لم تهدد أبدًا باستعمال القوة، ولكن قطر ظهرت بدور الدولة المهددة من جيرانها، تمامًا كدولة إسرائيل حينما ظهرت للوجود.
كما كان الموقف الأمريكى المائع من قطر ومساندتها للإرهاب، سببًا فى صمود قطر أمام تلك الدول.
حاولت الكويت الوساطة بين الدول الأربع وقطر، لإنقاذ مجلس التعاون الخليجى من الانهيار، ولكنها فشلت.
وظل الأمر على ما هو عليه، وتم القضاء على داعش، وظهرت تركيا كلاعب رئيسى فى حل القضية السورية، وتوارى دور قطر قليلًا، وحتى برزت على السطح مؤخرًا قضية مقتل الصحفى جمال خاشقجى، ووجهت تركيا اتهامات صريحة إلى المملكة العربية السعودية بأنها قتلت خاشقجى فى الأراضى التركية، واعترفت المملكة بأن خاشقجى قتل فى قنصليتها هناك.
ومن قراءة أحداث قضية مقتل خاشقجى، فقد ظهر جليًا تعاظم دور أجهزة المخابرات فى عملية خلق جريمة سياسية ماكرة، ظلت حلقاتها تضيق حول السعودية، حتى أحكمت حلقاتها، وأصبحت المملكة تبحث عن مخرج لها من تلك الأزمة، وبدأت تداعب قطر.
ففى لقاء ضمن مؤتمر «مستقبل الاستثمار» بالرياض، يوم ٢٤ أكتوبر ٢٠١٨ أعلن ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سليمان أن «دولًا محيطة بنا تسير بنجاح فى خططها الاقتصادية، بما فيها قطر، التى تمتلك اقتصادًا قويًا، ورغم خلافنا معها، لكنها ستكون مختلفة بعد ٥ سنوات». خففت كلمات ولى العهد المتسامحة قليلًا من غلواء الموقف السعودى المتشدد تجاه قطر، وأعطت له أملًا فى إمكانية وجود حل.
وبعدها خرج وزير الدفاع القطرى يوم ٢٧ أكتوبر ٢٠١٨ بتصريحات فى مؤتمر بعنوان: «أزمة الخليج وآثارها.. مقاربات علمية»، بالعاصمة القطرية الدوحة، قال فيها: «نمتلك أسلحة ردع لحماية قطر والحفاظ على أمنها واستقرارها»، و«قطر لن تنحنى أبدًا، ودول الحصار فشلت فى إخضاعها». واشترط الوزير القطرى وجود ثلاث خطوات يجب أن تسبق حل «أزمة الخليج»، هى «أى حل للأزمة يجب أن يسبقه اعتذار للشعب القطرى، ثم رفع الحصار، والجلوس على طاولة الحوار».
تلك الرسائل المتبادلة بالتصريحات بين المسئولين السعوديين والقطريين، تعطى دلالة واضحة، على وجود خيط قطرى فى أزمة خاشقجى، ربما يقود إلى طرح قضيتها مع الدول الأربع على أى مائدة حوار حول أزمة خاشقجى. وربما جاءت الأيام القادمة بحل للقضية القطرية على مائدة مفاوضات تركية أمريكية، كنوع من ممارسة ضغوط على الدولة السعودية لإجبارها على الإذعان للمطالب التركية، بما فيها حل قضية قطر، ولا نستبعد ضلوع قطر فى خلق قضية خاشقجى أو تدبيرها من الأساس للمناورة مع خصومها من الدول الأربع برئاسة المملكة.