رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الاستعلامات: علاقة مصر بأمريكا فى عهد السيسى تجمع بين التوازن والشراكة الاستراتيجية

 السيسي
السيسي

ذكرت الهيئة العامة للاستعلامات، أن القيادة المصرية في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي تبنت توجهًا جديدًا في السياسة الخارجية المصرية، حيث أولى أهمية كبرى للتوازن في علاقات مصر الدولية من خلال نظرة استراتيجية للولايات المتحدة تقوم على المصالح المتبادلة والمشتركة، والتأكيد على التزام مصر بشراكتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة وحرصها على تنميتها وتعزيزها.

وأضاف: ذلك استنادًا إلى الأهمية الاستراتيجية المتبادلة بين البلدين، حيث تربطهما علاقات قديمة تتميز بخصوصية شديدة تنبع من حجم المصالح المشتركة والتشابكات المختلفة التى تربط بينهما منذ القرن الـ19.

وأشارت الهيئة العامة للاستعلامات، في تقرير لها حول العلاقات "المصرية- الأمريكية" بمناسبة زيارة الرئيس السيسي الحالية لنيويورك، إلى أن الرؤية المصرية الجديدة تجاه العلاقات مع الولايات المتحدة انعكست في تصريحات ولقاءات الرئيس السيسى، التي ركزت على أن العلاقات المصرية الأمريكية، هى علاقات استراتيجية تقوم على ثوابت يحرص عليها الطرفان، والتأكيد على تفهم الأمريكيين خلال السنوات الثلاث الماضية لحقائق الوضع فى مصر، وسياستها التى تتسم بالتعقل والتوازن والحرص على تلك العلاقات.

ونوه التقرير إلى أن مستقبل هذه العلاقات جيد في ضوء أنه كلما يمر الوقت تتحسن الأمور، لافتًا إلى تأكيد الرئيس السيسي اعتزاز مصر بعلاقات الشراكة مع الولايات المتحدة ومسيرة التعاون الممتدة عبر عقود، فضلًا عن أهمية الارتقاء بتلك العلاقات إلى مرحلة جديدة تتناسب مع المتغيرات الإقليمية والدولية الراهنة وما تفرضه من تحديات ومخاطر، ومرحبًا بنتائج الحوار الاستراتيجى بين البلدين والذى عقد خلال شهر أغسطس 2015، حيث عكست تلك النتائج حرص الجانبين على دعم الشراكة والتعاون بينهما فى مختلف المجالات.

وقد شهدت العلاقات المصرية الأمريكية تطورًا كبيرًا خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الـ20 من خلال التعاون في كل المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، حيث عملت دبلوماسية الدولتين على إيجاد إطار مؤسسي يتسم بصفة الاستمرارية، وهو ما يطلق عليه "الحوار الاستراتيجى"، لتحقيق التفاهم بين البلدين بمعزل عن التفاصيل اليومية لإدارة العلاقات المصرية - الأمريكية.

وحرصت مصر والولايات المتحدة معًا على تحديد ثلاثة أهداف كبرى لتعاونهما، وهي: السلام والاستقرار الإقليمي والتصدي للإرهاب والإصلاح الاقتصادي.. كما قررت الدولتان مجالات العمل المشترك وهي:
- التحالف الاستراتيجي بما يعنيه من تعاون عسكرى وتدريب ومناورات مشتركة وبرامج تسليح وتصنيع عسكري ومحاربة الإرهاب.
- الالتزام بالسلام بما يعنيه من تسوية سلمية للصراع العربى - الإسرائيلي على جميع المسارات وتحقيق الأمن والاستقرار الوطنى والإقليمى.
- تنفيذ برنامج وطني مصري للإصلاح الاقتصادى، بما يعنيه من مساعدات اقتصادية أمريكية، ومن خلال المؤسسات الدولية، ووضع برنامج لعلاج خلل الموازين الخارجية والمديونية وعجز الميزانية، وتحديث البنية التحتية، وتحقيق معدل تنمية يزيد عن معدل الزيادة السكانية، وتعظيم دور القطاع الخاص، وضمان الاستثمار الوطني والأجنبي.

وعلى الصعيد السياسي، شهدت العلاقات المصرية- الأمريكية تطورًا كبيرًا ومرت بمراحل متعددة. ففي عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر غلب طابع الاختلاف والصراع على العلاقة المصرية الأمريكية، وهو الطابع الذى وصل إلى قمته بحرب عام 1967 وقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وإن كان هذا الطابع لم يخل من لحظات التعاون، وربما التقاء الأهداف، كما بدا في الدور الذى لعبته الولايات المتحدة في مفاوضات الجلاء المصرية البريطانية التى أدارها نظام ثورة 23 يوليو، وفى الموقف الأمريكي من حرب السويس عام 1956.

وعلى النقيض من عهد عبدالناصر، كان هناك طابع تعاوني بين البلدين في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وصل إلى درجة من التوافق الاستراتيجى في الأهداف والوسائل، وبلغ قمته وصعوده بعد توقيع اتفاقية (كامب ديفيد) ومعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، حيث رأى السادات فى الولايات المتحدة الحليف الذى سيساعد مصر على حل معضلاتها، سواء فيما يتعلق بالنزاع مع إسرائيل أو فى تلبية متطلبات التنمية الداخلية.

وفي عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، تطورت العلاقات المصرية الأمريكية، وإن ظلت ودية ومتفاوتة فى جوهرها، إلا أنها لم تخف ما تتضمنه من إمكانية الاختلاف والتباين، بل والتناقضات العلنية أحيانًا، خاصة إزاء العدوان الإسرائيلي على لبنان 1982 وقضية الديون العسكرية تجاه الولايات المتحدة، وتبنى إدارة بوش الابن أجندة نشر الديمقراطية في الشرق الأوسط، ومطالبات واشنطن للقاهرة بإغلاق الأنفاق مع قطاع غزة، وإعادة تأهيل الشرطة المصرية للتعامل مع حقوق الإنسان، والفصل بين ميزانية وزارة العدل والقضاء المصري.

وفي يونيو 2009، وبعد 8 سنوات من العلاقات المتوترة بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي، وفي أعقاب اعتداءات 11 سبتمبر، قام الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بإلقاء خطاب إلى العالم الإسلامي من قاعة الاحتفالات بجامعة القاهرة، ثم جاءت ثورة 25 يناير 2011 لتمثل مرحلة جديدة في العلاقات المصرية الأمريكية، حيث واجهت السياسة الأمريكية وضعًا جديدًا لم تتوقعه في الأيام المبكرة للثورة، حيث تردد الموقف الأمريكي في تأييدها، ولكن أمام ما لمسته واشنطن من قوة الدفع والشمول اللذين اكتسبتهما الثورة، أعلنت الولايات المتحدة تأييدها لها، بل طالب أوباما، مبارك بالتخلي عن الحكم.

وفي سبتمبر 2011 خلال زيارة وزير الخارجية المصري آنذاك محمد كامل عمرو لواشنطن، قالت هيلارى كلينتون، وزيرة الخارجية الأمريكية حينها: "أقدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذى كان مؤسسة الاستقرار والاستمرارية.. ويتطلع الشعب المصري إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، لدعم عملية التحول الديمقراطي وضمان سير الانتخابات بطريقة إيجابية توفر الشفافية والحرية والنزاهة".

وبعد ثورة 30 يونيو 2013، أصدرت لجنة الشئون الخارجية بالكونجرس بيانًا، اعتبر أن الإخوان المسلمين فشلوا في فهم الديمقراطية بشكل حقيقى، مطالبًا الجيش والحكومة الانتقالية بالبرهنة على نيتهم للتحول الديمقراطي، وإشراك قطاع عريض من الشعب في عملية كتابة الدستور، داعيا جميع الفصائل السياسية في مصر إلى نبذ العنف.

وخلال الأيام التالية للثورة، بدأ يتزحزح موقف الإدارة الأمريكية تدريجيًا، وظهر قبولها للوضع الجديد في مصر.. وفى 18 يوليو 2013، أكد جون كيري، وزير الخارجية الأمريكى، في ذلك الوقت، أن الجيش المصرى جنب البلاد حربًا أهلية.

وفى يونيو 2014 (عهد الرئيس السيسى)، أجرى الرئيس الأمريكي آنذاك باراك أوباما اتصالًا هاتفيًا بالرئيس السيسي، لتهنئته على تنصيبه والتعبير عن التزامه بالعمل معًا لتعزيز المصالح المشتركة للبلدين، وأكد التزامه بشراكة استراتيجية بين البلدين، مشددًا على استمرار دعم الولايات المتحدة للطموحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للشعب المصرى واحترام حقوقه العالمية.

وفى الأول من أبريل 2017، قام الرئيس السيسى بزيارة إلى واشنطن، استقبله خلالها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بالبيت الابيض،وبحث الجانبان عددًا كبيراً من الملفات الثنائية والإقليمية بما في ذلك محاربة تنظيم (داعش) الإرهابي ودعم السلام والاستقرار فى المنطقة ومحاربة الإرهاب، بالإضافة إلى سبل تعزيز العلاقات الثنائية على كل المستويات، وبخاصة الاقتصادية والعسكرية والأمنية والسياسية.

وشهدت المباحثات استعراضًا شاملًا للأوضاع في المنطقة، وعلى رأسها الأزمات فى كل من سوريا والعراق واليمن وليبيا، وسبل إنهاء معاناة شعوب هذه الدول الشقيقة.

كما أجرى الرئيس السيسى مجموعة من اللقاءات المهمة، استهلها بعقد لقاء مع رئيس البنك الدولي جيم يونج كين، كما التقي وزير الخارجية الأمريكى حينها ريكس تيلرسون، ووزير الدفاع جيمس ماتياس، ونخبة من أعضاء الكونجرس بغرفتيه وكبار السياسيين والباحثين من كبرى مراكز صنع القرار الأمريكية، كما عقد مائدة مستديرة مع رؤساء كبرى الشركات الأمريكية، سواء التي تعمل بالفعل في مصر أو التى توجد نية لاجتذابها للاستثمار في المشروعات الجديدة، لا سيما القومية الكبرى خلال الفترة القادمة.