رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وزير الأوقاف: كل ما يؤدي لقوة الدولة يأتي من صميم الأديان

 الدكتور محمد مختار
الدكتور محمد مختار جمعة

ألقى الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، خطبة الجمعة، اليوم، بمسجد الإمام الشعراني بالقاهرة، بحضور السيد اللواء خالد عبدالعال محافظ القاهرة، والشيخ عبدالهادي القصبي رئيس لجنة التضامن والأسرة بمجلس النواب، وشيخ مشايخ الطرق الصوفية، والشيخ خالد خضر مدير مديرية أوقاف القاهرة، وعدد من القيادات التنفيذية والدعوية بمحافظة القاهرة.

وبدأ وزير الأوقاف خطبته، قائلا إن "وضع الناس في خيار بين الدنيا والدين فهم خاطئ للدين، ويجب أن نعمر الدنيا بالدين، فالدين فن صناعة الحياة لا صناعة الموت، ومهمتنا أن نرد الناس إلى الدين الصحيح ردًا جميلاً وحقهم أن نعرضه عرضًا صحيحًا، والجماعات أفسدت الخطاب الديني بالتوظيف النفعي والتدين الشكلي، ودورنا بيان جوهر الإسلام السمح النقي".

وأوضح أن "الأديان السماوية كلها إنما جاءت لسعادة البشرية، فالمقاصد العليا للأديان إنما تعمل في ضوء جلب المصلحة أو درء المفسدة أو على تحقيقهما معا، وقد أكد أهل العلم والفقه أن المصالح العليا للشرائع قائمة على حفظ الدين والنفس والعقل والمال والعرض، فكل ما يؤدي إلى حفظ هذه الخمس فهو مصلحة، وكل ما يضر بها فهو مفسدة ودفعه مصلحة".

واستطرد: "الشرائع السماوية أجمعت على جملة كبيرة من القيم والمبادئ الإنسانية، من أهمها: حفظ النفس البشرية وحرمة الاعتداء عليها، حيث يقول تعالى: (أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا)".

وواصل: "من القيم التي أجمعت عليها الشرائع السماوية كلها: العدل، والتسامح، والوفاء بالعهد، وأداء الأمانة ، والصدق في الأقوال والأفعال، وبر الوالدين، وحرمة مال اليتيم، ومراعاة حق الجوار، والكلمة الطيبة ، وذلك لأن مصدر التشريع السماوي واحد، ولهذا قال نبينا (صلى الله عليه وسلم): (الأنبياء إخوة لعلَّات أممهم شتى ودينهم واحد)".. وأروني أي شريعة من الشرائع أباحت قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، أو أباحت عقوق الوالدين ، أو أكل السحت، أو أكل مال اليتيم ، أو أكل حق العامل أو الأجير.

وأكد الوزير، خلال خطبته، أنه لا توجد شريعة حللت تلك الأفعال، قائلا: "أروني أي شريعة أباحت الكذب، أو الغدر، أو الخيانة، أو خُلف العهد، أو مقابلة الحسنة بالسيئة، بل على العكس؛ فإن "جميع الشرائع السماوية قد اتفقت وأجمعت على هذه القيم الإنسانية السامية، من خرج عليها فإنه لم يخرج على مقتضى الأديان فحسب، وإنما يخرج على مقتضى الإنسانية وينسلخ من آدميته ومن الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها".

وواصل مؤكدا: "لهذا قال ابن عباس (رضي الله عنهما) عن قوله تعالى: (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، هذه آيات محكمات لم ينسخهن شيء من جميع الكتب، وهى محرمات على بني آدم جميعا، وهن أم الكتاب (أي أصله وأساسه)، من عمل بهن دخل الجنة، ومن تركهن دخل النار".

كما أكد "جمعة" أن "كل ما يؤدي إلى قوة بناء الدولة واستقرارها هو من صميم الأديان ومقاصدها العليا، وكل من ينال من قوة الدولة الوطنية يتناقض مع الدين والخلق والفطرة الإنسانية السوية"، مستطردا أن "الدين إنما جاء لسعادة البشرية حيث يقول الحق سبحانه: "طه مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى" (طه : 1-2)، ويقول سبحانه: "الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ" (الرعد: 28-29)، أما من يعرض عن دين الله (عز وجل)، فيقول الحق سبحانه: "وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى" (طه : 125-126).

واختتم مؤكدا: يقول سبحانه: "وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ"، كما أكد أن واجبنا أن نعمر الدنيا بالدين ، وأما وضع الناس بين خيارين إما الدين وإما الدنيا فهو فهم خاطئ يجب تصحيحه، وما أجمل أن نحيي الدنيا بالدين، فالدين هو فن صناعة الحياة لا صناعة الموت.