رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مظلومياتهم المُخادعة وإعلامنا الوديع


ونحن فى أجواء الذكرى الخامسة لانتصارنا على أرض رابعة وتحقيق جلاء فئة ظلامية بغيضة، كنت أتصور أن تهب كل وسائل الإعلام وتنتفض لتذكير العالم بتلك الأيام الكارثية، وأن يكون أهالى تلك المناطق هم الضيوف الأهم لعدة لقاءات صحفية وإعلامية تقديرًا لصمودهم، ولتعلم الدنيا ما كان من أمر جماعة مجرمة باغية ما زالت تمارس شرورها على أراضينا ضد مصالح شعب عظيم، قرر محو سطور تحدثت بوجودهم يومًا ما من كتب التاريخ الإنسانى.
لقد سبق أن لعب الإعلام المصرى بكل نوعياته ووسائطه الدور الأبرز لفضح التاريخ السياسى الخداعى والدموى لجماعة الشر، منذ اعتلى مندوب مرشدهم كرسى عرش مصر وحتى إسقاطهم فى ٣٠ يونيو على مدى عام كامل بتحدٍ وطنى وشجاعة وإرادة جماعية، وبفكر مستنير قدم للمجتمع المصرى رسالة تحريضية حماسية كاشفة بشاعة جماعة لديها إصرار على مواصلة دورها المناهض والرافض لتعاليم ورسالات السماء الطيبة، والداعية والداعمة لحق الإنسان فى العيش بسلام وفى توادٍ ورحمة.
نعم، استطاعت أجهزة الإعلام كشف وفضح نواياهم فى حصار مؤسسات الدولة القضائية والثقافية والإعلامية والدينية، وإطلاقهم ميليشيات شبابية مدربة للاعتداء على مؤسسات صحفية ودينية، وإطلاق التهديدات لرموزها بالنيل منهم فى استمرار لدعاوى التكفير ورفض الآخر والخروج على سلطان تلك المؤسسات برفض الانصياع لنظم عملها، لكن هذا الأداء تراجع قليلًا فى أحداث الفض وما بعدها.
حول مشاهد الفض وما قاله أشاوس الإخوان والتيار السلفى، فقد وثقتها بشكل يومى هائل قناة الجزيرة، وفى تلك الفترة لعب الإخوان وتنظيمهم الدولى على محورين: المحور الأول: إطلاق مظلوميات القهر وبكائيات على حقوق المواطنة وإهدار حقوق من يدافعون عن الشرائع السماوية، والحديث عن حقوق «مرسى» الشرعية فى استمرار حكمه، وحق الاعتصام وتصدير تلك البكائيات إلى الغرب والأمريكان بشكل صارخ دعائى مكذوب، وتأكد وصول رسائلهم عندما تكررت زيارات أولاد العم سام ومندوبى الغرب المفجوعين فى اغتيال حقوق الإنسان وحقوق خريجى السجون أصحاب التاريخ الدموى فى حكم البلاد.
أما إعلام زمن «الموظفين الدوليين» فقد صار «كيوت» هادئ النبرة كطبيعة الموظف الدولى الذى لا يشغله إلا النظرة الدولية والشكل المظهرى البروتوكولى والمسلك الدبلوماسى «على طريقة الأكل بالشوكة والسكين» واتباع نظم الإتيكيت العالمية مهما كان الثمن فادحًا وطنيًا وإنسانيًا وفى منتهى الخطورة «فلم يمارس أى منهم من قبل أى عمل سياسى أو تنفيذى على أرض الوطن حتى اعتلاء كرسيه، هم أهل تنظير وكتابة مقالات وتغريدات ومشاركة فى مؤتمرات وفعاليات علمية دولية ونظرية وفقط».
المحور الثانى لعمل الإخوان: انطلاق ميليشيات التخريب الإخوانية صوب كل مؤسسات الدولة بكل شكل وبآليات تثير الفتن، بداية من حرق وهدم وسلب عشرات الكنائس ووضع أيديهم على بعض المساجد، وحتى تاريخه فهم يمارسون الآن إطلاق آلاف الشائعات لتدمير جسور الثقة بين الشعب ومؤسساته، ودعم مشاعر الإحباط واليأس لدى الجماهير لضرب حالة الرضا والامتنان الشعبية لقاء كل ما يتم من إنجازات حقيقية ورائعة على الأرض.
وفى مقابل ذلك الهياج الشيطانى والإجرام الإخوانى فى الداخل والخارج، لم يتحرك رئيس الحكومة آنذاك لتبديل التعريف المباركى الكوميدى للإخوان بأنهم «جماعة محظورة» إلى كونهم «جماعة إرهابية» إلا بعد إلحاح جماهيرى فى الشارع ومطالبات من أهل الرأى والفكر. ولم يفكر أحد فى تنظيم مؤتمر دولى للإرهاب لتقديم صورة معاكسة لما نجح أشاوس الشر فى تصديره والصرف عليه بشراء الذمم وتبادل المصالح السياسية فى إطار التماهى مع مؤامرات عالمية كبرى تُحاك للسيطرة على مصالح لأصحابها فى المنطقة.
وكان لدينا عشرات النماذج الحية من أهالى مناطق تلك الاعتصامات وهم من كانوا رهائن يعانون عذابات تحديد الإقامة القهرية لعرضها عالميًا فى المؤتمر، فضلًا عن الاقتحامات البشعة لحرمة بيوتهم.. وكان لدينا رصيد هائل بمثابة هدايا مجانية لأشرطة توثيقية لكل ما دار على الأرض من جرائم إرهابية رصدتها قناة الجزيرة وهى الوحيدة من بين وسائل الإعلام التى اخترقت ذلك العالم الإجرامى.. وكان لدينا ما يثبت مبادرات جيشنا وشرطتنا للسماح بخروج المعتصمين بأمان عبر ممرات.. كان لدينا ما يثبت سقوط أول ضابط شهيد وهو يفاوض أهل الشر لمغادرة تلك البؤرة العفنة الكريهة.
وعليه، كان التحدى هائلًا أمام الرئيس السيسى وهو يؤدى منفردًا الدور السياسى والدبلوماسى لشرح أبعاد الجريمة الكاملة للنظام الإخوانى، وكيف أن ٣٠ يونيو كانت ثورة بإرادة شعبية سحبت الشرعية من الذى لم يستحقها هو وجماعته منذ اليوم الأول لحكمهم.. جهد رائع بذله الرئيس السيسى فى كل مراحل توليه المسئولية وحتى قبل توليه وزارة الدفاع المصرية، سافر إلى كل الدنيا فى مناخ وظروف معقدة وصعبة، فأعاد إفريقيا لمصر ومعها الدعم والتعاطف العربى، وخصوصًا من جانب أهل الخليج، وصولًا لبلاد الشرق الأقصى وأقطار القطب الشمالى لبناء شرعية مستحقة استمدها من الشعب العظيم.