رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رابعة والنهضة.. شهود عيان على إرهاب الإخوان


لم يكن الدكتور أحمد بيومي، إخوانيًا، لكن الإخوان استغاثوا به لقُربه من ميدان رابعة العدوية، فذهب إليهم يحمل الدواء، فأصيب برصاصة في القلب، أودت بحياته. وسرد صديقه المهندس محمود سامي، بعض المواقف التي تعرض لها، شخصيًا، خلال تواجده بين صفوف الإخوان يومي ١٥ و١٦ أغسطس ٢٠١٣ وهي في رأيي شهادة مهمة وتستحق القراءة بدل المرة مرات.

في حسابه على «فيسبوك» كتب المهندس محمود، أنه يوم الخميس، ١٥ أغسطس ٢٠١٣، أثناء تواجده بمسجد الإيمان بـ«مكرم عبيد- مدينة نصر» كي يتأكد من جُثمان صديقه (من بين العديد من الجُثث- ما شاهدته هو حوالي ١٠٠ إلى ١٥٠ جُثة)، قام الإخوان بعمل تجمهُر أمام المسجد، وعمل حواجز في شارع مكرم عبيد نفسه، للتأكُد من هوية العابرين بسياراتهم. وقاموا بتدمير سيارة ضابط جيش لوجود الزي العسكري والكاب مُعلق داخل السيارة (هيونداي فيرنا رمادي فاتح) وقاموا بقلبها في عرض الطريق. ثم تمكن بعض عُقلاء السلفيين من تهريب الضابط ومن معه، وحينما قام بعض السلفيين بعتاب الإخوان حدثت مُشادات من قِبَل الإخوان مغزاها أن كُل ضابط وأهله يجب عليهم دفع الثمن. كما أكد المهندس محمود حدوث إطلاق رصاص حي على مُدرعة جيش مارة من مكرم عبيد أمام مسجد الإيمان من بين تجمهُر الإخوان.

عند مُغادرته للمكان، أقسم شاهد العيان إنه شاهد سيدة مُنتقِبَة، أمًا لشاب مُتوفى، تقوم بتقطيع صورة مُرسي (محمد موسي العياط) ورميها من شباك السيارة، فقام «شخص إخواني سافل بسبها وشتمها»، فنزلت السيدة تصرُخ «ابني مات.. مات بسببه»، فضربها السافل (بالبونية- بالبوكس)، وقال لها «يموت ولا يتحرق لكن ما تقطعيش صورة الرئيس».

أما يوم الجمعة، ١٦ أغسطس ٢٠١٣، عقِب انتهاء صلاة الجمعة، ثُم صلاة الجنازة على صديقي المتوفى بـ«مسجد السلام»، بجوار الوفاء والأمل (منطقة مكرم عبيد- مدينة نصر)، ذكر المهندس محمود أنه بعد التسليم مُباشرةً قام أحد الإخوان بترديد هتافات (تتضمن شتائم)، فقام أحد المُصلين باستنكار هذه الهتافات وقال لهُم بالنص «اتقوا الله، هذه صلاة جنازة وهذا مسجد، الهتافات مكانها الميادين وليس الجوامع والصلاة»، فرد عليه اثنان من الإخوان «إحنا أشرف مِمّن في الميادين وأشرف ممّن في ميدان التحرير ونحنُ أحرار وشُرفاء مصر». فقال لهم الرجُل «وهل قُلت لكُم إنكُم غير شرفاء؟!» فردوا عليه بـ«سُباب» وحدثت مُشادات انتهت بإبعاد الرجل.

إلى تلك الشهادة، أضافت زميلتنا مروة كامل شهادة أخرى، أوضحت فيها أنها كانت متواجدة في جامع السلام، وشاهدت هذا المشهد بالفعل، وذكرت أيضًا أنها شاهدت شخصًا ملتحيًا يقوم بتكسير أتوبيس نقل عام، وسيارة ملاكي، وعندما عاتبه أحد الأشخاص بقوله «إنت عندك عربية لكن إحنا بنركب الأتوبيسات ليه تعمل كده؟»، رد عليه بأنهم «تبع الحكومة ولازم يموتوا كلهم». وحكت مروة أيضًا أنها رأت سيدات قمن بكتابه أسمائهن على أيديهن وعلى أيدي أبنائهن الذين لم يبلغوا ٧ سنوات، وعندما قالت لهن «حرام كده، الأطفال ينزلوا ليه»، قلن لها: «عشان يعرفوا الإسلام والشرعية.. والموت بيد الله».

قبل هاتين الشهادتين بثلاثة أسابيع، أي قبل فض بؤرتي رابعة والنهضة، كانت هناك شهادة لا يمكن تجاهلها لعدة أسباب، بينها اسم كاتبها، وهذا نصها الحرفي: «المجهول الأول مات، والمجهول الثاني مات، والمجهول الثالث إنعاش، والمجهول الرابع عمليات. مع إن كله قالب على الإخوان لكن لسبب مش مفهوم، مفيش إدراك لحجم الجرائم اللي الإخوان بترتكبها كل يوم، فيه هري على حاجات عجيبة، لكن مذابح اعتصام النهضة اليومية أرقام بس. ما أقدرش أقولكم انزلوا شوفوا بنفسكم، النزول في وسط الآلي جنون، أنا ماستحملتش غير نصف ساعة. بس بجد فيه كارثة في الجيزة بقالها ثلاث أسابيع وعناوين الأخبار مش كفاية. وأيوة اعتصام النهضة لازم يتفض، اعتصام مش بس مسلح، ده بسلاح آلي، دخل لحد دلوقتي في معارك مع بين السرايات والجيزة والمنيل والعجوزة، وسلخانة تعذيب أبشع من ثلاجة قسم العمرانية في عز جبروته. قتلة محترفين بتتحرك بحرية في الجامعة وجنينة الحيوانات وحديقة الأورمان، بتقتل عن بعد، والقتلى والمصابين أهالي بيتقتلوا قدام أبواب بيوتهم».

هذه الشهادة كتبها علاء عبدالفتاح، في حسابه على «فيسبوك»، يوم ٢٣ يوليو ٢٠١٣، وأكدتها أمه، الدكتورة ليلى سويف، في شهادة أطول، بالصوت الصورة. وعاش تفاصيلها وتفاصيل مؤلمة أكثر، كل من مروا على «البؤر الإرهابية» التي سموها «اعتصامات»، سواء في «النهضة» أو «رابعة العدوية» أو في أي مكان آخر. وغير تهديدات أو اعترافات قادة وأعضاء التنظيم التي نقلتها قنوات تليفزيونية في بث مباشر، كانت هناك تهديدات كثيرة، بينها تلك التي كتبها عضو بالتنظيم الإرهابي (اسمه خالد شافعي) واستقبلها أعضاء التنظيم وحلفاؤهم وتابعوهم بآلاف الإعجابات، جاء فيها: «سيحلم الشعب المصري أن تعود أيام مرسي حتى بدون كهرباء ولا بنزين.. سننفخ الروح في كل أدبيات العنف التي توارت من سنوات بعيدة.. ملايين من الشعب المصري المفوضة والمسرورة اكتملت فيها شروط النفاق المذكور في القرآن، وهي في خندق واحد مع أعداء الدين.. أعد المصريين بسنوات صعبة ومؤلمة».

بعد تهديدات أو تقيؤات ذلك الإرهابي، عضو التنظيم الإرهابي، التي سبقتها وتلتها تقيؤات أكثر من قيادات وأعضاء في التنظيم.. وبعد الشهادات التي نقلناها عن شهود العيان، وهي مجرد أمثلة، هل يكون منطقيًا أن نجد من يرى الإخوان «سلميين» أو «مصريين» أو حتى بشرًا؟!