رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أيام الخير والبركة فى حياة المسلم


حياة الإنسان المسلم حياة ممتلئة بالأعمال الصالحة، والعبادات المشروعة التى تجعله فى عبادة مُستمرة، وتحوِّل حياته كلَّها إلى قولٍ حسنٍ، وطاعة، وعمل صالح، يقربه من الله تعالى، ويصِلُه بخالقه العظيم.. وهنا نذكر أن حياة الإنسان المسلم لا تكاد تنقطع عن أداء نوعٍ من أنواع العبادة التى تُمثل له منهج حياة شاملا مُتكاملا- منها- على سبيل المثال- الصلوات الخمس، وصلاة الجمعة، وصيام رمضان، وإخراج الزكاة، وأداء العمرة، والحج، فيكون للعمل الصالح فيها قبولٌ عظيمٌ عند الله تعالى.
لهذا يأتى الحديث عن فضل أحد مواسم الخير المُتجدد فى حياة الإنسان المسلم، والمُتمثل فى الأيام العشرة الأولى من شهر ذى الحجة وما لها من فضل على المسلم.. إن فضل الأيام العشرة من شهر ذى الحجة؛ قد جاء صريحًا فى القرآن الكريم الذى سماها الأيام المعلومات لعظيم فضلها وشريف منزلتها.. والآيات القرآنية التى ذكرت بها: قوله تعالى: {وَأَذِّنْ فِى النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِى أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} (سورة الحج)، ومعنى الأيام المعلومات هى الأيام العشرة الأولى من ذى الحجة.
كما جاء قول الحق تبارك وتعالى: «وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ» (سورة الفجر)، وقد أورد الإمام الطبرى فى تفسيره لهذه الآية قوله: «وَلَيَالٍ عَشْرٍ»، هى ليالى عشر ذى الحجة.
أما فضل يوم عرفة: يوم عرفة أحد الأيام العشرة المفضلة فى أعمالها على غيرها من أيام السنة: قال النبى، صلى الله عليه وسلم: (ما من عمل أزكى عند الله- عز وجل- ولا أعظم أجرًا من خير يعمله فى عشر الأضحى، قيل: ولا الجهاد فى سبيل الله- عز وجل؟ قال ولا الجهاد فى سبيل الله- عز وجل- إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشىء) رواه الدارمى وحسن إسناده الشيخ محمد الألبانى فى كتابه إرواء الغليل.. ويوم عرفة هو يوم الحج الأكبر، يوم مغفرة الذنوب، ويوم العتق من النيران، وما أدراك ما يوم عرفة؟! روى مسلم عن أبى قتادَةَ أنّ النّبِى، صلّى الله عليه وسلّم، قالَ: (صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِى قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِى بَعْدَهُ).
أما خطبة الوداع التى ألقاها الرسول، صلى الله عليه وسلم، فى حجة الوداع يوم عرفة من جبل الرحمة فقد نزل فيها الوحى مبشرًا «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينًا». ومن هذه الخطبة العظيمة نقرأ الآتى: «أوصيكم عباد الله بتقوى الله وأحثكم على طاعته وأستفتح بالذى هو خير. أما بعد أيها الناس اسمعوا منى أبين لكم فإنى لا أدرى لعلى لا ألقاكم بعد عامى هذا فى موقفى هذا.. أيها الناس إن دماءكم وأعراضكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا فى شهركم هذا فى بلدكم هذا- ألا هل بلغت اللهم فاشهد، فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها. وإن ربا الجاهلية موضوع ولكن لكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تُظلمون وقضى الله أنه لا ربا.. وإن دماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم نبدأ به دم عامر بن ربيعة بن الحارث بن عبدالمطلب.. وإن مآثر الجاهلية موضوعة غير السدانة والسقاية والعمد قود وشبه العمد ما قتل بالعصا والحجر وفيه مائة بعير، فمن زاد فهو من أهل الجاهلية- ألا هل بلغت اللهم فاشهد. أما بعد أيها الناس، إن الشيطان قد يئس أن يُعبد فى أرضكم هذه، ولكنه قد رضى أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحرقون من أعمالكم فاحذروه على دينكم، أيها الناس (إنما النسىء زيادة فى الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عامًا ويحرمونه عامًا ليوطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله ويحرموا ما أحل الله).. أما بعد أيها الناس، إن لنسائكم عليكم حقًا ولكم عليهن حقا. واستوصوا بالنساء خيرًا، فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئًا، وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله فاتقوا الله فى النساء واستوصوا بهن خيرًا، ألا هل بلغت.. اللهم فاشهد. أيها الناس، إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم، وآدم من تراب، أكرمكم عند الله أتقاكم، وليس لعربى على عجمى فضل إلا بالتقوى.. أيها الناس، إن الله قد قسم لكل وارث نصيبه من الميراث ولا يجوز لوارث وصية، ولا يجوز وصية فى أكثر من ثلث، والولد للفراش وللعاهر الحجر. من ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل. والسلام عليكم». هكذا كانت خطبة الوداع. ويتهيأ المسلمون لليوم التالى للاحتفال بعيد الأضحى المبارك، حيث يحتفل العالم الإسلامى والمسلمون فى أى مكان بالعاشر من ذى الحجة بعيد الأضحى، بعد انتهاء وقفة عرفة التى يقف فيها المسلمون لتأدية مناسك الحج، كما يصادف عيد الأضحى ذكرى قيام سيدنا إبراهيم عليه السلام بالتضحية بابنه إسماعيل تلبيةً لنداء الله، عز وجل.
وعيد الأضحى له فضل عظيم فقال النبى، صلى الله عليه وسلم: «أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر» وتمارس فيه العديد من الأعمال التى شرعها الله كالتكبير والصلاة والذكر.. ومن فضائل العيد أيضا: إدخال الفرحة والبهجة على النفوس، صلة الأرحام، مساعدة الفقراء والمحتاجين، والتسامح بين المتباغضين ويعتبر هذا من أهمّ الفضائل فى العيد، وترك المعاصى والمنكرات. وللحديث صلة. وكل عام وأنتم بخير.. وبالله التوفيق.