رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مثقفون يتحدثون لـ«الدستور» عن إنشاء «القابضة للاستثمار الثقافى»

تصوير: ياسمين يحيى
تصوير: ياسمين يحيى

- مطالب بتوضيح آليات عمل الشركة بعد الموافقة على إصدار لائحتها التنفيذية

جاء قرار الدكتورة إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة، بإنشاء شركة قابضة للاستثمار فى المجالات الثقافية والسينمائية وإصدار لائحتها التنفيذية، ليثير العديد من التساؤلات حول طبيعة عمل الشركة والأهداف التى تسعى لتحقيقها، بجانب دورها فى النهوض بالقطاع الثقافى. وذكر بيان، لـ«الثقافة»، أن القرار الذى يحمل رقم «٣٩٣» لسنة ٢٠١٨، يأتى فى ضوء «العمل على إعادة إحياء صناعة السينما والإبداع الثقافى السينمائى، وهيكلة المنظومة الثقافية التراثية لمصر، وتحقيقًا للصالح العام وإثراءً للمجتمع الثقافى والسينمائى، بما يلبى طموح شعب عرف بمأثوراته الثقافية التى تناقلها العالم أجمع». وبناء على تعليمات وزيرة الثقافة، تعكف الوزارة على إنهاء الإجراءات الخاصة بتأسيس الشركة، وتفعيل الجمعية العمومية المقترحة، مع العمل على إقامة الشركات التابعة، منها «الصناعات التراثية» و«السينما» و«الثقافة العامة والفنية».
وأيد مثقفون التقتهم «الدستور» الفكرة، معتبرين القرار يعيد للدولة دورها الريادى فى مجالى النشر والسينما، ويتدارك أخطاء سنوات مضت، دفعت خلالها الدولة ملايين الجنيهات دون أن يصل المنتج الثقافى إلى الجمهور، فيما أبدى بعضهم قلقًا من عدم اتضاح آليات عمل الشركة.

يوسف القعيد:
خطوة عظيمة تُنهى احتكار القطاع الخاص

أشاد الكاتب يوسف القعيد، بالقرار، واصفًا إياه بـ«العظيم»، لأنه يعيد لمصر صناعة السينما من جديد.
وقال «القعيد»: «منذ أيام الستينيات، لم يطرأ على بال أحد على الإطلاق هذا التفكير، ومنذ ثورة ٢٥ يناير مر على وزارة الثقافة ما يقرب من ١٠ وزراء، أول مرة يصدر قرار بهذا الشكل يعيد مصر لإنتاج السينما من جديد».
وأضاف: «مشكلة مصر من السيتينات حتى الآن، توقفها عن الإنتاج السينمائى، وتركه للقطاع الخاص، الذى أصبح مسئولًا عن كل شىء فى الصناعة»، مستدلًا على ذلك بأن «أفلام العيد من إنتاج القطاع الخاص، رغم الحاجة لعودة الدولة إلى صناعة السينما من جديد».

رفعت سلام:
القرار لا يكشف أى تفاصيل ويحتاج توضيحًا
قال الشاعر والمترجم، رفعت سلام، إن المتاح من معلومات عن موضوع الشركة القابضة للثقافة، لا يكفى للحكم عليها، خاصة أن «المثقفين لم يعلموا بقرار إنشاء الشركة إلا بعدما أصدرته وزيرة الثقافة، ثم إنه جاء لا يكشف أى تفاصيل».
وأضاف «سلام»: «لم يوضح أحد، سواء الوزيرة أو المكتب الإعلامى، تفاصيل هذا القرار، وبالتالى من الصعب الحكم على الشركة القابضة، لكن التخوفات قائمة من أن تكون هذه الشركة خطوة لخصخصة الثقافة، بالتعامل معها بمنطق القطاع الخاص وتخلى الدولة عن أى دور فاعل للثقافة».وتابع: «إلى أن يصدر تصريح يوضح حدود القرار وحدود الهيئات الحالية التى سيشملها القرار، سيستمر عدم الحكم عليه»، مطالبًا بتحديد الهيئات والمجالات التى سيشملها القرار، وما يندرج تحت أنشطة تلك الشركة القابضة.

محمد الجزار:
ترفع الدعم وتفرغ الساحة للأفكار المتطرفة

هاجم الدكتور محمد فكرى الجزار، أستاذ ورئيس قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة المنوفية، رئيس تحرير مجلة «فصول»، إنشاء شركة قابضة للثقافة، معتبرًا أنها سترفع الدعم عن الكتاب. ورأى أن خطورة القرار فى الخلط بين الصناعات الربحية والصناعات الخدمية، لأن الثقافة صناعة خدمية، معتبرًا أن تحويلها إلى ربح أو استثمار يقلل فرص اقتناء الكتب.
واعتبر أن الشركات القابضة التى أنشئت لإدارة القطاع العام لم تعد على المستهلك بشىء، بجانب عدم امتلاك فلسفة اقتصادية ندير بها مفهوم الشركات القابضة.
وتساءل مستنكرًا: «كيف يمكن أن تتحول الثقافة إلى سلعة، فتصبح ثقافة التطرف هى الوحيدة المجانية؟!، يجب أن تعلم أن الفكر المجانى هو الفكر المتطرف، ودخول الكتاب إلى شركة قابضة سيحول الكتاب إلى سلعة غالية الثمن للقارئ العادى، وبالتالى لن يجد إلا الثقافة المتطرفة».
واختتم: «أخطر أعداء الأمن حاليًا ليس المتطرف، ولكن الذى سيتحول إلى متطرف فى الغد لأنه ليس مسجلًا، إذن إتاحة الثقافة المتطرفة تعنى دخول أناس جدد وغير مصنفين إلى دائرة التهديد العام».

أحمد مجاهد:
بداية لتطوير صناعة الكتاب وتسويق التراث

رأى الدكتور أحمد مجاهد، الرئيس الأسبق للهيئة العامة للكتاب، ضرورة النظر للمنتج الثقافى- مهما علت قيمته الفنية والفكرية- كسلعة، موضحًا: «لا قيمة حقيقية للكتاب الرائع، ما لم يتم إخرجه فى صورة جذابة تتيح توزيعه بصورة جيدة وتمنعه من أن يكون (شهيد المخزن)».
وأضاف: «الحرف التراثية علامة هوية ومصدر دخل عالمى، ومنبعها الأصلى هو قصور الثقافة، لكن للأسف لا يتيح القانون لتلك القصور تسويقها، وبالتالى لا ينتج منها سوى قطع قليلة طوال العام للعرض فقط، ما يميت الحرفة ويعيق تدريب أجيال جديدة من العمال المهرة».
وشدد على أن تطوير تلك الحرف وحسن تسويقها أصبح «ضرورة»، لتتحول إلى مصدر دائم لدخل الوزارة، علاوة على إسهامها فى إقامة قرى صغيرة منتجة ومصدرة، وفقًا لخريطة محكمة الإعداد لهذه المنتجات التراثية، التى تشتهر بها كل قرية مصرية، لافتًا إلى أنه بدأ فى رصد هذه الخريطة من خلال وزارة التنمية المحلية، وقتما كان مستشارًا ثقافيًا لها. وعن الفنون التشكيلية، نصح الرئيس الأسبق للهيئة العامة للكتاب، بالسعى الجاد لتسويقها من خلال هذه الشركة القابضة، لتمويل الفن والفنان والارتقاء بالذوق الثقافى العام.
واستكمل: «الأمر ذاته ينطبق على الفرق الفنية فى كل قطاعات وزارة الثقافة، والتى تقدم عروضًا رائعة لا يتم تسويقها للأسف، ما لا يسمح لها بتحسين مظهرها أو تطوير برامجها، وكذلك العروض المسرحية التى تموت بعد أيام قليلة من بداية عرضها لنفس السبب».

أسامة أبوطالب:
نجاحها مشروط بعدم التنازل عن الجودة الفنية
قال الناقد الأدبى الدكتور أسامة أبوطالب، إن الثقافة والفن مجالان جيدان للاستثمار المادى، تدر مشروعاتهما دخلًا ومكاسب مالية، إلى جانب تحقيق عائد إنسانى ووطنى رفيع من التنوير والمعاملات والسلوك، وهذا هو الأهم والأخطر.
وأضاف «أبوطالب»: «من وجهة نظرى وواقع وتجربتى، أنه يمكن تحقيق قدر كبير من التوازن والعمل معًا، بين أن تكون الثقافة خدمة مجانية تقدمها الدولة، وأن تكون سلعة تحقق مكسبًا وربحًا».
واشترط أن يتحقق ذلك الاستثمار، دون أى تنازل عن القيمة أو هبوط وانحدار فى مستوى ما يقدم للناس أو الجمهور، بكل طبقاته وإمكاناته واحتياجات شرائحه الاجتماعية والتعليمية المختلفة.
ورأى أن ذلك يحتاج إلى دراسة وإعداد وفهم عميق للدور والمسئولية والالتزام بالمبادئ، وذلك حتى «يتحقق مثل ذلك المشروع أو الحلم الذى نتمنى له التوفيق فى التنفيذ والنتائج».
وتابع: «حين يتسنى لمستويات العمل المتعددة أن تصبح جميعها أوانى مستطرقة واحدة، حينها ينجح مجال التنمية الثقافية، كمشروع ربحى متعدد المستويات».

سمير درويش:
علاج لـ«أخطاء الماضى» فى حق المبدعين

أيد الشاعر سمير درويش، رئيس تحرير مجلة «الثقافة الجديدة»، قرار الدكتورة إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة، بتأسيس الشركة القابضة للاستثمار فى المجالات الثقافية والسينمائية. وقال «درويش»، لـ«الدستور»: «الشركة ستعالج أكبر خطأ ترتكبه وزارة الثقافة، هو النشر لمبدع فى بداية حياته إسقاطًا لفرض أو إسكاتًا لصوت الضمير، ثم ترك هذا المبدع بعد ذلك ليموت هو وكتابته».
وأضاف: «من ناحية أخرى لا نملك المنظومة التى تسوِّق الكتاب والكاتب، وتجعل من إصدار كتاب مناسبة ثقافية، فتكون النتيجة أننا نطرح كتابًا زهيد الثمن لا يشتريه أحد، ونخسر المبلغ الذى أنفقناه فى الدعم».
وتابع: «الملاحظ أن المؤسسات الثقافية تحوِّل الأفكار الكبرى المجردة إلى عمل روتينى، دون أن يملأ الفراغ الثقافى، ودون أن يقدم الخدمة بشكل لائق ومستمر».

أحمد الخميسى:
خصخصة وتخلٍ من الدولة عن دعم الثقافة

انتقد الأديب والناقد، الدكتور أحمد الخميسى، إنشاء شركة قابضة للثقافة، معتبرًا أن المقصود منها رفع دعم الدولة للثقافة.
وقال «الخميسى»: «دعم الثقافة حق من حقوق المواطن ولا يمكن أن تكف الدولة عن دعم التعليم مثلًا، ووجود شركة قابضة للثقافة يعنى تخلى الدولة عن دعم الثقافة، ووضع قوانين للثقافة وفق متطلبات السوق، وأنا ضد هذا تمامًا»، وفق قوله.
ورأى أن الشركة القابضة «جاءت لضرب دعم الكتاب، والنتيجة الوحيدة هى اختفاء الكتب المخفضة، فالشركة ستتحرك وفق قوانين الربح والخسارة، وليست قوانين الثقافة».
وأضاف: «هيئة قصور الثقافة وهيئة الكتاب مدعومتان، فهما تصدران كتبًا بـ٧ جنيهات، بينما أسعارها بدور النشر الأخرى ٤٠ و٥٠ جنيهًا».
ووصف «الخميسى» إنشاء الشركة بأنه «خصخصة للثقافة»، معتبرًا أن تلك الخصخصة تعنى تخلى الدولة عن دورها فى مكافحة الإرهاب، موضحًا: «القرى والصعيد والأرياف ومن لديهم مستوى دخل قليل هم من سيعانون من خصخصة الثقافة، لأن أبناء المدن لديهم مستوى دخل أعلى، ولديهم مكتبات أكثر، بينما هناك مدن كاملة فى الجنوب لا تملك مكتبة واحدة».
وذكر أن هناك مقترحًا سابقًا، طالب به عدد من المثقفين بإلغاء وزارة الثقافة، مشيرًا إلى أن وجود عيوب بمؤسسة ما، يستدعى علاج تلك العيوب وليس هدم المؤسسة.

سعيد عبده:
تحتاج إدارة واعية.. والاستفادة بها فى إفريقيا


قلل سعيد عبده، رئيس اتحاد الناشرين المصريين، من أهمية قرار إنشاء شركة قابضة، باعتبار أن «تجاربنا فى الشركات القابضة ليست ناجحة، ولأن منظومة القطاع العام منظومة فاشلة، وهيئات وزارة الثقافة كثيرة جدًا، وكلها مختصة بالنشر والفنون».
وأضاف «عبده»: «أتمنى أن تكون هناك الأسس التى تساعد على نجاحها، وليس مهمًا الآليات بقدر أهمية الأشخاص الذين يديرونها، فرؤساء الهيئات منتدبون من الجامعة لمدة عام واحد، وحين يبدأ الإنتاج يكون العام قد انتهى، ويعود كل منهم لمنصبه ويأتى غيره، وبذلك ندور فى دائرة مغلقة ليس لها حل».
وأشار إلى أنه لا يعرف تفاصيل القرار بالكامل، لكنه يتمنى نجاح المشروع، لأن «تنشيط هيئات وزارة الثقافة، خاصة هيئة الكتاب وقصور الثقافة، يخلق دورًا كبيرًا فى نشر الوعى الثقافى والثقافة المصرية».
وتابع: «أتمنى أن يكون القرار استجابة لكلام الرئيس عن تعظيم القوى الناعمة وتوجيهها لإفريقيا، وبصفة عامة نجاح المشروع يعنى نتائج عظيمة».