رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مديح نبوى وأمسية شعرية.. فعاليات بيت الشعر فى رمضان

جريدة الدستور

استضاف بيت الشعر مساء أمس، الدكتور أحمد الصغير والدكتور محمود البعيري، للحديث عن ندوة "المدائح النبوية" أمام ساحة معبد الأقصر، وفي النصف الثاني من الليلة كان الجمهور على موعد مع أمسية شعرية لثلاثة شعراء، هم الشاعر أحمد جمال مدني، والشاعر خالد حلمي الطاهر، والشاعر محمود الكرشابي، وقام بتقديم الليلة الشاعر حسين القباحي مدير بيت الشعر بالأقصر.

بدأت الليلة بالدكتور أحمد الصغير وهو أستاذ مساعد الأدب العربي الحديث ــ قسم اللغة العربية وآدابها ــ كلية الآداب بالوادي الجديد ــ جامعة أسيوط، والذي تحدث في موضوع "المديح النبوي في الشعر التركي" سلطان الشعر التركي نجيب فاضل نموذجًا، حيث استهل حديثه بالتعريف بالشاعر نجيب فاضل فهو من أهم الشعراء الأتراك الذين جاءوا بعد إعلان الجمهورية وسقوط الخلافة العثمانية، أصدر الكثير من الدواوين الشعرية والروايات والمؤلفات التاريخية المشهورة في الأدب التركي الحديث، وقد طرح من خلال شعره العديد من القضايا المهمة التي كانت تؤرق المجتمع التركي بعامة، والإنسان التركي بصفة خاصة.

ثم انتقل الدكتور أحمد الصغير للحديث عن السيرة الشعرية التي تعد من تقنية من التقنيات التي احتفى بها الشعر التركي المعاصر، وهذه الظاهرة لم تقتصر على الشعر التركي فقط، بل سبقه إليها الشعر العربي القديم والحديث، ويعتقد الدكتور أحمد الصغير أن الشعراء الأتراك تأثروا بالشعر العربي تأثرًا واضحًا في هذا الجانب، ويمكن القول أن السيرة الشعرية هي مجموعة من الأحداث المتعلقة بشخصية من الشخصيات المرتبطة بذات الشاعر، ولها أثرها الواضح عليه.

ثم انتقل للحديث عن أثر السيرة الشعرية في شعر نجيب فاضل والذي تجلى واضحًا في ديوانه "ديوان السلام" لوحات من السيرة المقدسة الذي يتكون من ثلاث وستين قصيدة شعرية، متحدثًا في كل قصيدة عن شخصية الرسول عليه الصلاة والسلام معتمدًا على حياته وسيرته العطرة من خلال منحى عرفاني يربط العاشق بالمعشوق يقول الشاعر نجيب فاضل.

حتى ذلك اليوم كان الزمان بكرة ملفوفة
ثم فكت خيوطها
النجوم في السماء سكرى
والأرض أغطش ليلها
غريبة ظلالها
الزمان بندول كله أسرار
متناقض الأطوار
حلزون لا أول له ولا آخر
سيف أو مقص
قطع اليوم في لحظة

إلى أن يقول:
الأرض ترسل الدعاء إشارة للسماء
بيت ما في مكة
أجل إنه الغاية
غاية الغايات.

ثم تلاه الدكتور محمود البعيري وهو شاعر وناقد حاصل على ماجستير في الآداب في موضوع عنوانه "الإيقاع في الشعر العربي الحديث" وحاصل على الدكتوراه من جامعة القاهرة في موضوع المقدس وتجلياته في الشعر العربي الحديث.

وقد تحدث الدكتور محمود البعيري عن أثر الشعر النبوى فى تغيير مسارات كثيرة في الشعر العربي، فإليه يعود الفضل في بزوغ شعر المعارضات، وأكثر ما قيل في المعارضات وأشهرها ما قيل في النبى. وإليه أيضا يعود الفضل في ظهور التشطير، والتربيع والتخميس والتسديس والتتسبيع. وهى أشكال شعرية لم يألفها العربى قبل قصيدة المديح النبوى. كما أن هناك معانى كثيرة تم تصديرها إلى الشعر العربي من خلال قصيدة المديح، حتى الإيقاعات الموسيقية تكاد تحتفظ قصيدة المديح بشكل إيقاعي مغاير نوعا مختلفا عن الإيقاعات الموسيقية المألوفة.

ثم انتقل للحديث عن اقتران شعر المديح النبوى بالموسيقى الذي أوجد حالة إيقاعية خاصة للشعر المديح قد يراه البعض عيبا في غيره، مستطردًا أن قصيدة المديح فى الشعر العربي الحديث لم تتخط القصيدة المعتادة إلا قليلا، فمرة نراها معارضة لقصيدة شهيرة من الشعر ومرة نراها من نمطية يمدح فيها النبي أو آل بيته ويظهر حسنه خلقا وخلقا، ومرة نراها تناصا فى نص يمثل إسقاطات سياسية أو اجتماعية.

ثم انتقل الجمهور إلى الأمسية الشعرية والتي بدأت بالشاعر أحمد جمال مدني والذي قرأ قصيدة في مدح الرسول عليه الصلاة والسلام يقول فيها:

مِنْ مَنْهَلِ النُّورِ يُسْقَى صَفْوَ زَمْزَمِهِ
حَتَّى جَرَى سَلْسَبيلُ الوَحْيِ في فَمِهِ

لا رَيْبَ في جَوْهَرِ الكَشْفِ الذي اتَّقَدَتْ
بِهِ السَّمَاواتُ فاكْتَظَّتْ بِأَنْجُمِهِ

أَرْضٌ خَرَابٌ هَمَى مُزْنٌ فَأَنْبَتَها
وَلاحَتِ الشَّمْسُ مِنْ تَلْويحِ مِعْصَمِهِ

وَغَادَرَ الأَرْضَ هذا الجَدْبُ إذْ رَقَصَتْ
زَهْوًا عَلَى رَمْلِهَا أَزْهَارُ مَوْسِمِهِ

غَزَالَةٌ سَكَنَتْ في حِضْنِ صَائدِهَا
حَتَّى يُطَبِّبَهَا مِنْ جُرْحِ أَسْهُمِهِ

شَكَوْتُ شَوْقًا أَذَابَ القَلْبَ مِنْ وَلَهٍ
فَهَلْ يَحِنُّ إلى شَكْوَى مُتَيَّمِهِ ؟

فَكَمْ جِرَاحٍ بِجِسْمي مِنْ لَظَى أَلَمٍ
تَئِنُّ شَوْقًا إلى تَقْبيلِ بَلْسَمِهِ

بِهِ اسْتَرَاحَتْ بَسَاتينُ الرِّضَا وَلَهُ
تَبَسَّمَ الكَوْنُ حُبًّا في تَبَسُّمِهِ

لَمَّا اسْتَجَارَ بِنُورِ اللهِ ضَاءَ بِهِ
كَأنْ جَرَى نورُ هذا الوَحْيِ في دَمِهِ

مَا زَالَ جِذْعٌ عَلَى جَمْرٍ يَحِنُّ كَمَا
- مِنْ قَبْلُ- حَنَّ إلى إرْضَاءِ مَرْيَمِهِ

لَمْ يَعْرِفِ الظُّلْمُ دَرْبًا في سَريرَتِهِ
ولا انْتَمَى لَفْظُهُ يَوْمًا لِمُعْجَمِهِ

اللهُ عَلَّمَهُ قُلْ كَيْفَ يُخْطِئُ مَنْ
مَشَى إلى النَّاسِ حُبًّا في مُعَلِّمِهِ ؟

ثم تلاه الشاعر خالد حلمي الطاهر شاعر العامية والموال والمسبعات، والذي قرأ قصيدة بعنوان التعويذة في رثاء الشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي.

ثم اختتمت الأمسية بالشاعر محمود الكرشابي والذي قرأ قصيدة بعنوان "حصير" جاء فيها:

الحصائرُ تفرش الساحة
والمريدون يقبلون من كل صوب...
وبينا يبدأُ الذكر
شيخُ الحصيرةِ يعلنُ عن حضور
الحضرة النبوية في مجلسهم
يتبعها رتلُ ملائكةٍ
فتهتزُ الساحة
يسقطُ من يسقطُ من سكرته
وتحلقُ في الساحة أرواحٌ وحصائر
كأجنحة ملائكةٍ

ذلك ويتلقي جمهور بيت الشعر بأمسية "كاتب وكتاب" التي يستضيف فيها بيت الشعر الشاعر فتحي عبد السميع متحدثًا عن كتابه "الشاعر والطفل والحجر"، يعقبها قراءة شعرية للشاعر عبد النبي عبادي والشاعر حسين سعيد.