رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مزاجك فى السيول


السؤال المطروح هنا: هل تؤثر الأمطار والسيول على مزاج الإنسان وقراراته، خاصة إذا كانت هذه السيول مصاحبة بخسائر مادية غير متوقعة؟ طرح السؤال له علاقة بما حدث فى مصر ‏خلال اليومين الأخيرين من تغيرات مناخية، أدت إلى حدوث سيول، وإحداث خسائر فى منطقة لم يتوقع أحد أن تحدث بها تلك الخسائر «التجمع الخامس»، التى يقطن بها صفوة المجتمع، حيث ‏الكمبوندات والسيارات الفارهة، والبحيرات الصناعية وملاعب الجولف، والأمن المحكم، والمدارس الدولية والجامعات الخاصة، والمولات التجارية، بعيدًا عن التلوث والضوضاء.‏
فجأة، يجد سكان التجمع أنفسهم فى كابوس، حيث غرقت منازلهم وسياراتهم، وعلق الناس فى سياراتهم لساعات عديدة، وتحول ما يحسدهم الناس عليه من معيشة فاخرة إلى نقمة، أو سخرية وشماتة ‏من رواد السوشيال ميديا، مثل مقولة فيلا فى التجمع تطل على البحر.‏
شارك سليمان هسيانج، أستاذ التنمية المستدامة بجامعة كولومبيا، بعدة أبحاث حديثة ومتطورة، بدأت منذ عام ٢٠١٣، وطرحت هذا السؤال، عن تأثر الصراع البشرى بالتغيرات المناخية، بالاعتماد ‏على الآثار، وعلم الجريمة، والاقتصاد، والجغرافيا، والتاريخ، والعلوم السياسية، وعلم النفس، وجمعت وحللت هذه الأبحاث ٦٠ من الدراسات والوثائق الأكثر صرامة.‏
ولأول مرة، يظهر تقارب مذهل للنتائج، نجد أدلة سببية قوية تربط بين الأحداث المناخية والصراع البشرى، عبر مجموعة من المقاييس المكانية والزمنية، وعبر جميع المناطق الرئيسية فى العالم. ‏
إن حجم تأثير المناخ كبير، فلكل واحد من الانحراف المعيارى «1‏σ‏»، التغير فى المناخ نحو درجات حرارة أكثر دفئًا أو زيادة هطول الأمطار، تشير تقديرات الوسط، إلى أن وتيرة العنف بين ‏الأفراد ترتفع بنسبة ٤٪ وترتفع وتيرة الصراع بين المجموعات، بنسبة ١٤٪، ولأن المواقع فى جميع أنحاء العالم المسكون من المتوقع أن ترتفع من ٢ إلى ٤ درجات بحلول عام ٢٠٥٠، فإن ‏معدلات تضخم الصراعات البشرية، تمكن أن تمثل تأثيرًا كبيرًا وحرجًا لتغير المناخ البشرى المنشأ.‏
نستنتج من هذه الأبحاث أن العنف سيرتفع بعد الخسائر التى حدثت فى التجمع بسبب هذه السيول، والعنف لن يكون جسديًا، لكنه عنف لفظى أو سلبية، خاصة إذا لم يجد سكان التجمع من يقدر ‏مصابهم، ويبرر الكوارث، وأنها تحدث فى كل أنحاء العالم، لذلك نقدر نزول الوزير محمد عرفان رئيس الرقابة الإدارية بنفسه إلى الشارع، للتحقيق فى الأمر.‏
الخطوة الثانية، وهى التعويض، منظومة التأمين فى مصر يجب أن تُفعل بند التأمين ضد الكوارث الطبيعية، حتى إذا كانت نسبة حدوثها نادرة، وأعتقد أن نسبة كبيرة من قاطنى التجمع لديهم تعامل ‏مع شركات التأمين، وهذه ليست دعاية لشركات التأمين، لكن هكذا تتم الأمور فى الدول المتقدمة.‏