رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الدستور تكشف: «الأعلى للصوفية» يرفض اعتماد طريقة شيخ الأزهر

أحمد الطيب
أحمد الطيب

الطيب تنازل عن قيادتها لشقيقه بعد توليه المشيخة.. وأتباعها لا يزالون يعتبرونه «مولانا»

أثار الاعتراف الرسمى بـ«الطريقة الشاذلية العلية»، التى أنشأها الشيخ على جمعة، مفتى الديار السابق، غضب عدد من أتباع الطريقة «الخلوتية الحسانية»، التى يتزعمها محمد الطيب، شقيق شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وأبدى أتباع «الخلوتية الحسانية»، التى تنازل «الطيب» عن قيادتها لشقيقه بعد توليه مشيخة الأزهر، استياءهم من عدم الاعتراف الرسمى بطريقتهم، من قبل المجلس الأعلى للطرق الصوفية، لكن قيادات به قالت إن الطريقة «مخالفة للقانون».

انتشارها واسع فى الصعيد.. وأبوالعزائم: لم تقدم أوراق اعتمادها حتى الآن
البداية عند عابدين جلال، عضو الطرق الصوفية فى الصعيد، الذى تساءل: «كيف يتم الاعتراف بطريقة الدكتور على جمعة، المفتى السابق، ولا يتم الاعتراف بطريقة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، الذى يحرص أشد الحرص على نشر المنهج الإسلامى الصوفى فى جميع أنحاء الصعيد من خلال الطريقة الحسانية التى تنتشر بشكل كبير بين العائلات والقبائل العربية؟».

وأضاف «جلال»، لـ«الدستور»: «يجب على الطرق الصوفية الاعتراف بالطريقة الحسانية حتى تأخذ الشكل الرسمى، ما يساعدها على القيام بواجبها تجاه التصوف والصوفية، خاصة أن الطريقة حققت انتشارًا كثيفًا فى الصعيد».

من جهتها، قالت مصادر فى المجلس الأعلى للطرق الصوفية إنه لن يتم الاعتراف بـ«الخلوتية الحسانية» إلا بعد استيفاء الإجراءات القانونية، مضيفة: «الطريقة تم إنشاؤها بعيدًا عن تقاليد المؤسسة الصوفية، وبالتالى على الشيخ محمد الطيب تقنين أوضاعها حتى يتم الاعتراف بها».

وتابعت المصادر: «الاعتراف بأى طريقة صوفية جديدة يتطلب أن يكون لها أوراد خاصة، ومنهج خاص بها، وهذا غير متوفر فى الطريقة الحسانية، فهى تتبع المنهج الخلوتى الخاص بالطريقة الخلوتية، وعلى ذلك يجب على شيخ الطريقة تدشين أوراد خاصة بها».

وقال الدكتور علاء أبوالعزائم، عضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية: «الطريقة الخلوتية الحسانية لم تقدم أوراق اعتمادها للمجلس حتى الآن»، لافتا إلى أنها ليست الوحيدة غير المعترف بها، بل هناك ١٠ طرق صوفية أخرى لم تحصل على اعتراف رسمى».

وأضاف «أبوالعزائم»، لـ«الدستور»: «خلال الفترة الأخيرة قدم كثير من علماء الأزهر والأوقاف والإفتاء طلبات لإنشاء طرق صوفية جديدة، ولا نعرف السبب الرئيسى وراء ذلك، ورغم أن تأسيس طريقة ليس بهذه السهولة».

وأوضح أنه «يجب على الشيخ المتقدم لإنشاء طريقة جديدة أن يعلم علم اليقين أنه إذا خالف منهج الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، فإن المولى -عز وجل- سيحاسبه على أتباعه ومريديه الذين وثقوا فيه واعتبروه قدوة ومثلًا أعلى لهم».

واعتبر أن ظاهرة إنشاء طرق صوفية ظاهرة صحية، لأنها ستجذب الشباب المصرى إلى ساحات الصوفية التى تدرس العلوم الوسطية والفكر الإسلامى الصحيح، بدلًا من الانجراف وراء التطرف والإرهاب الذى تغذيه الجماعات الإخوانية والسلفية.

الأقصر معقلها الرئيسى.. تدعو للزهد ومساعدة الفقراء.. ومريدوها يلقبون الإمام الأكبر بـ«القطب»
تنسب الطريقة الخلوتية إلى «الخلوة»، حيث يعتكف مشايخ الطريقة الكبار فى حجرات خاصة بهم من أجل العبادة لمدة قد تصل إلى شهر، وتعد «الحسانية» فرعا من «الخلوتية».

وتنتشر الطريقة «الخلوتية الحسانية» فى جميع محافظات الجمهورية، وتعتبر محافظة الأقصر معقلها الأول، نظرًا لوجود «آل الطيب»، شيوخ الطريقة، بها، وتنشر الطريقة مبادئ التصوف الإسلامى، بين المواطنين فى جميع قرى ومراكز الصعيد.

ولا تكاد الحضرة الصوفية تنقطع من ساحة «آل الطيب» -مركز إدارة «الحسانية الخلوتية»- التى وصل عدد أتباعها إلى مليونى مريد، وفقًا لآخر الإحصاءات التى أجرتها الطريقة.

ويلقب أتباع الطريقة «الخلوتية الحسانية»، شيخ الأزهر أحمد الطيب بـ«القطب الكبير»، ويلتقونه الجمعة من كل أسبوع، فى مقر الحضرة، ويقول أتباع الطريقة إنه «رغم تنازل الشيخ أحمد الطيب عن زعامة الطريقة لأخيه الشيخ محمد، فإن المريدين يعتبرونه شيخ الطريقة، خاصة بعد توليه مشيخة الأزهر الشريف».

وتعود تسمية ساحة «آل الطيب» بالبر الغربى إلى أحمد محمد أحمد الطيب الحسانى، جد شيخ الأزهر، وهى من أكبر ساحات محافظة الأقصر، ويتردد عليها المئات من الفقراء والمحتاجين يوميًا، بالإضافة إلى مريدى وأتباع الطريقة للمشاركة فى الحضرة التى يقيمها الدكتور الطيب وشقيقه يوم الجمعة، ويشارك فيها العديد من المسئولين والعلماء الكبار بالصعيد.

ويقول محمد الخلوتى، أحد أتباع الطريقة فى الأقصر: «يأتى إلى الساحة زوار من جميع أنحاء مصر، خاصة محافظات الصعيد، كما يفد إليها الكثير من أبناء العالم الإسلامى، بغية التقرب إلى الله، وتقام جلسات الذكر على الطريقة الخلوتية الصوفية، التى ينتمى إليها مشايخ الطريقة وآل الطيب، وتبدأ بقراءة أوراد من القرآن فى جماعات من بعد صلاة العشاء إلى ما قبل بزوغ فجر اليوم التالى».

وأضاف «الخلوتى»: «الساحة الخلوتية تستقبل ضيوفها طوال العام، إلا أن عدد الزوار يصل يومى الخميس والجمعة إلى قرابة الـ٢٠ ألفًا، ويشرف عليها فى غياب الدكتور الطيب أخوه الشيخ محمد ونجله المهندس محمود، وابن أخيه إسلام، وعادة ما يشارك شيخ الأزهر شقيقه محمد، فى ترؤس مجالس المصالحات المعروفة باسم المحاكم العرفية التى تعقدها الطريقة».

وتابع: «معظم أفراد الطريقة الخلوتية يؤمنون بأن الكرامة هى التى تؤثر فى الناس، فشيخهم أحمد الطيب يحكم بالشريعة، وأكبر كرامة تركها لهم الطيب الكبير هى فكرة إنشاء الساحات، فالساحة عندهم مكان لحل مشكلات الناس وقضاء حوائجهم، وليست تجمعًا للدراويش، فمع ذكر الله يجب أن ينشغل أيضًا الناس بهموم الدنيا وحل المشكلات المختلفة».

وأشار «الخلوتى» إلى أن الدكتور الطيب تلقى خبر تعيينه شيخًا للأزهر، وهو جالس بين أتباع الطريقة الخلوتية فى الساحة التى تصل مساحتها إلى بضعة أفدنة.

ولفت إلى أن «الخلوتية» أصلها من الخلوة، وهو معنى روحى إيجابى، ففى الخلوة يتعرف الإنسان إلى ربه بعيدًا عن زينة الدنيا وشهواتها، مضيفا: «التجربة المصرية مع الطريقة الخلوتية تؤكد أن الذوق المصرى فى التدين ما زال قائمًا وفاعلًا، فالخلوة لم تمنع شيوخ ورجال الطريقة الخلوتية من أن ينزلوا إلى الشارع لحل مشكلات الناس».

واختتم: «الطريقة تعلى من الجانب الروحى، ولها حضراتها وأورادها وأذكارها التى يرددها الذاكرون، وتعلى من شأن الزهد، كما أنها طريقة اجتماعية تتماس مع حياة الناس والفقراء وتحل مشكلاتهم وتتواصل معهم، دون أن ترى فى ذلك ما يفسد حالتها الروحية».

زهران: الطيب بكى فى الحضرة حين سمع المنشد يقول: «هى لله يا رجال الله»
قال الشيخ عبدالباسط زهران، أحد أتباع الطريقة فى سوهاج، إن «الخلوتية الحسانية» ترتبط ارتباطًا كليًا بالشريعة الإسلامية، فما تقره الشريعة تقره الطريقة، وما ترفضه ترفضه الطريقة ولا تقترب منه، مضيفا: «إذا كان هناك ما يشغلها فهو علم التجرد الروحى، فهى لا تغرق فى الأوراد والأذكار بل تقوم فى الأساس على حل مشكلات الفقراء».
وتابع «زهران»، لـ«الدستور»: «يتجمع مريدو الطريقة الخلوتية، فى ساحة الشيخ الطيب طوال أيام الأسبوع يقرأون القرآن والأوراد الخاصة بالطريقة، ويشاركهم شيخ الأزهر أحمد الطيب، وأخوه، شيخ الطريقة الخلوتية محمد، يوم الجمعة، فيما يؤدى كبار المنشدين القصائد الدينية فى محبة آل بيت رسول الله، وعلى رأسهم الشيخ ياسين التهامى وأمين الدشناوى وعاطف الهوى وغيرهم من منشدى الصوفية المعروفين».
واستكمل: «من أجمل المشاهد التى نراها فى الحضرة الصوفية الحسانية، وقوف الدكتور أحمد الطيب وسط الحضرة مع المريدين وقت الذكر، حيث يتم إنشاد القصائد الصوفية لمحيى الدين بن عربى، وابن الفارض، وذات مرة حين قال المنشد، (هى لله يا رجال الله) أصيب الشيخ الطيب بنوبة من البكاء الشديد».
ويتردد على ساحة «آل الطيب» المشايخ والعلماء من أتباع الطرق الصوفية المختلفة، ومن هؤلاء المشايخ «الشيخ محمد أحمد الحافظ التيجانى» الذى تولى الطريقة التيجانية خلال الفترة الماضية، بعد وفاة والده الشيخ التيجانى الكبير.
وكشفت مصادر بالطريقة الخلوتية، لـ«الدستور»، أن شيخ «التيجانية» جلس فى حضرة الدكتور أحمد الطيب لمدة ثلاث ساعات تحدث معه خلالها عن دور الصوفية خلال الفترة المقبلة، وكيفية التصدى لخطر الجماعات السلفية التى تحاول سحب البساط من تحت أقدام الصوفية، فى حضور الشيخ محمد مهنا، مستشار شيخ الأزهر.
ويتردد على حضرة الطيب، كذلك، الشيخ الشريف الإدريسى، شيخ الأشراف الأدارسة، وغيرهم الكثيرون يأتون إلى ساحة الشيخ الطيب، ليتحدثوا فى شئون التصوف والصوفية فى مصر، بل إنهم يشاركونه أيضا فى الحضرة الصوفية، وقراءة الأوراد مع المريدين.