رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

احذفوا يناير علشان خاطر عيون النائبة




استطاع الرئيس عبــدالفتاح السيســى بمبادرات وطنية سريعة التفاعل - فى كثير من الأحيان - الرد الوطنى السياسى على كل ما يدور على أرض الوطن بحس المسئول الحاضر المتابع اليقظ لكل الأحداث بالشكل الحاسم القاطع.
ففور فعلة عصابات «داعش» الإرهابية الدنيئة على الأرض الليبية، وعقب إلقاء الرصاص على ٢٠ مصريًا، وقبل أن تجف دماء الشهداء كان قراره بالرد العسكرى المناسب، وقبل مضى ساعات من اليوم التالى جاء رائعًا ومُبلسمًا لجراح مواطنيه دون أى حسابات داخلية أو خارجية إلا مصالح البلاد والعباد.
وعندما انتشرت فتاوى تحريم تهنئة الأقباط فى أعيادهم، ذهب بنفسه لتهنئتهم فى الكاتدرائية، وبكلمات أكثر من رائعة، قال مهنئًا «أنا عاوز أقولكم إن احنا إن شاء الله هنبنى بلدنا مع بعض، وهنسمع بعض، وهنحب بعض كويس، وهنحب بعض بجد.. عمومًا عاوز أقولكم عام سعيد عليكم وعلى المصريين كلهم وكل سنة وأنتم طيبين جميعًا». وفى إطار ما أثير حول ضرورة تصويب الخطاب الدينى، وجه حديثه لعلماء وشيوخ الأزهر الشريف «رسالة الإسلام التى تلقيناها من الرسول الكريم، جاءت تأكيدًا للصلة المباشرة بين الإنسان والخالق، وانتصارًا لحرية الإنسان وتخلصه من الرق والعبودية، وحرية الإيمان والاعتقاد، وحرية الفكر إلا أن تلك الحريات لم تأت مطلقة؛ حتى لا تحولها نوازع النفس البشرية إلى فوضى تبيح التخريب والتدمير، وقتل النفس التى حرم الله إلا بالحق، وجعل من قتلها بغير نفس أو فساد فى الأرض كمن قتل الناس جميعًا».
وأخيرًا، وعندما وجد الرئيس خلطًا فى تقييم دور وأهمية ثورة ٢٥ يناير، ومن يمايزون بينها وبين تابعتها ثورة ٣٠ يونيو، كان واضحًا فى رسالته عبر خطابه للأمة بمناسبة الاحتفال بعيدها، فقال «نحتفل اليوم معًا بذكرى ثورة الشعب المصرى فى الخامس والعشرين من يناير، التى ضحى خلالها شباب من خيرة أبناء الوطن بأرواحهم من أجل دفع دماء جديدة فى شرايين مصر، تعيد إحياء قيم نبيلة افتقدناها لسنوات، وتؤسس لمصر الجديدة.. التى يحيا أبناؤها بكرامة إنسانية فى ظل عدالة اجتماعية تسود ربـوع بـلادنـا.. إن أى عمل إنسانى يخضع للتقييم.. وما اعترى تلك الثورة من انحراف عن المسار الذى أراده لها الشعب لم يكن من قبل أبنائها الأوفياء، وإنما جاء نتاجًا خالصًا لمن حاولوا أن ينسبوها لأنفسهم عنوة.. وأن يستغلوا الزخم الذى أحدثته لتحقيق مآرب شخصية ومصالح ضيقة».
ولكن للأسف، يبدو أن تأخر صدور الأحكام على الضالعين فى ارتكاب خطايا وسخائم نظم الاستبداد السياسى والفاشية الملتحفة بعباءة الدين بالغش والمتاجرات الرخيصة بتعاليمه وفق رؤاهم الشريرة - قد شكل مناخًا لائتلاف أصحاب النفوس الموتورة بقيام ثورة يناير التى أطاحت بنفوذهم وسبوبات أرزاقهم الفاسدة، وذلك بعد أن كاد البعض من البسطاء منا ينسى أدوارهم وبشاعاتهم، فآفة حارتنا النسيان على رأى أديب نوبل نجيب محفوظ. لقد انطلق هؤلاء يقذفون بنفايات صناديقهم السوداء «قد يكون بعضها صادقًا أو يبدو ذلك للناظرين الطيبين»، وتأتلف شراذمهم الكريهة ليكتبوا ويتغنوا بأحاديث المؤامرات الخارجية والداخلية «قد يكون بعضها صادقًا أو يبدو ذلك للناظرين الطيبين أيضًا»، ويخرجوا من جديد فى تجمعات الجراد الرذيل لينالوا من حصاد يناير المدفوع الثمن من عينى الطبيب «أحمد حرارة»، ونبل وصدق وبراءة الشيخ «عفت» وروعة راية «مينا» الفتى الذى ضرب أروع الأمثلة فى الفداء والطهارة الثورية، وغيرهم كثيرون.. عشرات الشهداء وآلاف من أصحاب العاهات خلفتهم تلك الثورة «نعم، قد يكون البعض منهم استجاب لنداهة الشر والغرور فيما بعد ليبيعوا الوطن لمن قرروا الشراء باستخدام كل الحيل، وهم نفر قليل تنبغى محاسبتهم لو كانوا ما زالوا بيننا». قالت لميس جابر، عضو مجلس النواب «المعينة» من قبل الرئيس، إن الثوار فى مظاهرات ٢٥ يناير ٢٠١١، التى أطاحت بحكم الرئيس محمد حسنى مبارك ونظامه، «قتلوا أنفسهم». وأضافت «جابر»، فى حوار لها مع جريدة «الوطن» فى الذكرى الخامسة للثورة: «ما حدث فى يناير، سلوك غريب وليست ثورة، فثورة ١٩١٩ لم تسجل الشرطة أى حادث سرقة أو اعتداء، فالحرامية فى ثورة ١٩ تحولوا إلى مواطنين شرفاء».
وأضافت جابر «يناير مؤامرة كاملة الأركان، وأتمنى أن يُحذف شهر يناير من العام ويكون أول شهور السنة هو فبراير مباشرة»، وأن أمريكا استغلت الإسلاميين فى الوطن العربى لتنفيذ مخطط «سايكس بيكو» الثانى. وهناك من أصروا على إهانة ثورة يناير.. قال ممتاز القط «أكبر نكسة».. أحمد موسى «كان هدفها إسقاط الدولة».. توفيق عكاشة: «أى حد هيقول ثورة هضربه بالدماغ».
هل كان يتخيل أحد أن تصدر مثل تلك التصريحات وغيرها من قبل نواب فى البرلمان وسياسيين وكُتّاب وفنانين وأهل رأى ودارسين لعلوم التحليل السياسى؟! وعليه، أطرح علامات الاستفهام التالية:
■ كيف لنائبة فى برلمان ما بعد ثورة، وهى من تمثل شعبًا ثار وحلم بمصر جديدة ودفع مهر ثورته بشكل أبهر الدنيا، أن يكره حتى شهر الثورة، ألم تتصور هى ومن وافقوها رد فعل أهالى الشهداء والمصابين، وهم يتابعون تلك الإهانات التى تسفه دور كل من كان فى الميادين؟!
■ لماذا قبل نواب أعداء يناير دخول البرلمان - برلمان يناير ويونيو - وفق تعريف الدستور الموافق عليه بأغلبية هائلة، وباعتماد رئيس منتخب، وجيش عظيم ساند تلك الثورة وأدت قياداته التحية لشهداء ميادين التحرير على هواء تليفزيونات الدنيا؟!.. ألم يراجعوا أنفسهم، وهم من أقسموا على دستور فيخالفونه الآن، وكأنهم قد غادروا مناطق احترام من انتخبوهم وجيشهم ودستور البلاد ورئيسها؟!
- قالت النائبة «أنا لسانى متبرى منى أصلًا، ولا أستطيع أن أقول إلا ما أنا مقتنعة به، وأى شىء غير مقتنعة به لا أقوله، واحتمال إن (السيسى) له رؤية فى أن يكسب بعض الشباب اللى مقتنع إن ٢٥ يناير ثورة، وخطاب من فى موقع الرئاسة يكون مختلفا عنى، ولا يوجد رئيس يمكن أن يتحدث مثلما تتحدث الأغلبية والمعارضة، فلا بد أن يكون خطابه متوازنا»!!.. يا مجلس النواب ويا مؤسسة الرئاسة، تلك العبارة بين قوسين قالتها وغيرها «لميس جابر» وردد مثلها، للأسف، بعض النواب والإعلاميين وكُتاب الرأى، فهل هذا من قبيل طرح وجهات نظر لإهانة شعب وثوار يناير المجيدة؟!.. اليوم، وقد غادرنا «يناير» أطمئن النائبة المحترمة بأن مصر وجيشها ورئيسها أوفياء لدماء أبناء «يناير» بتقدير وطنى بالغ وليس من قبيل المجاملة، كما تدعين.