رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ميرفت عوض: الصين قدمت الدعم للمشروع الفضائى المصرى والوكالة مهمة لحماية الحدود وكشف الثروات الطبيعية

ميرفت عوض
ميرفت عوض

قالت العالمة المصرية ميرفت عوض، عميد أول كلية مصرية وعربية متخصصة فى علوم الملاحة وتكنولوجيا الفضاء، بجامعة بنى سويف، إن أهمية وكالة الفضاء المصرية، التى أقر مجلس النواب مؤخرًا قانونًا بإنشائها، تتمثل فى دمج جميع الكيانات العاملة فى مجال الفضاء فى كيان واحد، لتوحيد جهودها وفقًا لاستراتيجية عمل مشتركة للوصول إلى أفضل النتائج الممكنة.
ورأت أن مشروع الفضاء المصرى تأخر ١٥ سنة، وسيمثل نقلة اقتصادية وتنموية واجتماعية وأمنية كبيرة، مشيرًا إلى أن مصر ستطلق قمرين صناعيين خلال العام الجارى، وستصنع قمرًا صغيرًا بنسبة ١٠٠٪ خلال ٥ سنوات، كما أنها تعمل على إطلاق مشروع فضائى متكامل بأسراب من الأقمار، فى ظل امتلاكها معملًا لإنتاج الأقمار الصناعية بمنحة صينية.

■ بداية.. ما أهمية تدشين وكالة الفضاء المصرية؟
- لدينا مشروع للفضاء تأخر ١٥ سنة، وهو قادر على نقل مصر إلى مرحلة متقدمة، بتحقيق نقلة اقتصادية وتنموية واجتماعية كبيرة، ورغم أننا نمتلك عددًا من المراكز والهيئات فى مجال الفضاء، إلا أنها تعمل بشكل منفصل، وأهمية الوكالة أنها ستوحد كل هذه الجهود فى برنامج واحد يمكن استغلال الكوادر المشاركة فيه لتحقيق أكبر استفادة ممكنة.
ومصر تعاهدت على إطلاق قمرين صناعيين للاستشعار عن بعد خلال العام الجارى، والفترة المقبلة ستشهد إطلاق مجموعة من الأقمار، وستتولى الوكالة متابعة مشروع الفضاء المصرى، وسنعمل على توحيد جهودنا لنسير بخطوات سريعة نحو إطلاق مشروع متكامل للفضاء به أسراب من الأقمار يمكن الاستفادة منها فى عدة مجالات، أهمها التنمية والأمن القومى، ولدينا أمل فى أن تكون مصر قادرة على تصنيع قمر مصرى صغير «نانو سات» بنسبة ١٠٠٪ خلال ٥ سنوات.
■ هل لدينا علماء وكوادر متفرغة يمكنها أن تتحمل مسئولية تصنيع قمر صناعى مصرى؟
- لدينا بالطبع علماء شاركوا فى تصنيع أقمار صناعية على مستوى العالم، وعملوا فى أكبر مراكز بحوث الفضاء والوكالات العالمية، والعلماء المصريون تنشر أبحاثهم فى دوريات علمية مهمة على مستوى العالم، ويتم الاستفادة منها بشكل كبير.
المؤسسات المصرية تعمل بجدية، لكن كل منها تعمل وفقًا لخطة منفصلة بعيدًا عن الأخرى، وهذا ما يجعل الجهود مفتتة ولا تؤدى إلى نتائج وأهداف، وهنا تأتى أهمية الوكالة التى تهدف إلى توحيد جهود العلماء والمراكز البحثية والأكاديمية فى مشروع واحد له خطة وأهداف واحدة محددة ومدى زمنى محدد، وأعتقد أن تضافر الجهود سينتج عملًا على مستوى عالٍ.
لم نبدأ حتى الآن فى تصنيع قمر صناعى مصرى بسبب ضعف الإمكانيات وتشتيت الجهود، لكن المناخ فى الوقت الحالى أصبح مهيأ، والظروف مناسبة للبدء فى ذلك، وخلال فترة زمنية صغيرة يمكن أن نعلن عن بدء العمل فى تجميع وتصنيع قمر صناعى مصرى، خاصة أنه تم افتتاح معمل لتجميع وتصنيع الأقمار بمنحة من الصين تقدر بحوالى ٢٣ مليون دولار.
■ ما دور كلية «علوم الملاحة وتكنولوجيا الفضاء» فى إمداد الوكالة المصرية بالكوادر المؤهلة للعمل؟
- دور المؤسسات العلمية والأكاديمية هو إعداد الكوادر اللازمة لإدارة مشروع الفضاء المصرى، وكلية «علوم الملاحة وتكنولوجيا الفضاء» بجامعة بنى سويف تعد سابقة مصرية وعربية، لأنها أول كلية متخصصة فى هذا المجال فى مصر والوطن العربى.
ونعمل حاليًا على برنامج تدريبى عملى للطلاب الدارسين بها، ليتم تدريبهم على تجميع وتصنيع مجسم للقمر الصناعى يشبه القمر الأصلى تمامًا، بالتعاون مع مجموعة من الهيئات العلمية والصناعية، منها هيئة الإنتاج الحربى، إذ لابد من التعاون بين جميع الهيئات الأكاديمية والمراكز البحثية وجهات التطبيق والتصنيع لإعداد الكوادر العلمية، وهذا ما سيحدث من خلال وكالة الفضاء المصرية.
■ هل يمكن أن نكشف تفاصيل أكثر عن خطة عمل الكلية وأهدافها على مدار السنوات المقبلة؟
- مجال الفضاء ينقسم إلى قسمين، الأول هو علوم الفضاء، والآخر تطبيقات الفضاء، ونحن لدينا بالفعل قسم علوم الفضاء بأكاديمية العلوم، وقسم علوم الفضاء وهندسة الطيران فى كلية الهندسة، وجامعة بنى سويف كان لديها رغبة فى تخصيص كلية مستقلة لدراسة الفضاء تجمع بين الجانبين العلمى والتطبيقى، لأن كليات الهندسة والعلوم تدرس علوم الفضاء الأكاديمية، بينما تتولى المؤسسات العاملة فى المجال مثل «هيئة الاستشعار عن بعد» مسألة التطبيق.
وكما ذكرت فإن كل مؤسسة تعمل بشكل منفصل عن الأخرى وفقًا لرؤيتها الخاصة، لكن بعد تدشين كلية علوم الملاحة وتكنولوجيا الفضاء، سيتم دمج الجانبين معًا، بحيث نقدم للطلاب المادة العلمية الخاصة بالعلوم، وتطبيقها على المستوى العملى فى معامل لتجميع وتصنيع الأقمار الصناعية.
بدأنا العمل فى الكلية بداية من العام الدراسى ٢٠١٧، ومع تخريج أول دفعة سنقدم نموذجًا مصغرًا لقمر صناعى متكامل خلال ٤ سنوات، ونحرص على تأهيل الطلاب بحيث يكونون جاهزين للعمل فورًا بعد التخرج فى الكلية، ويمكن أن يكون هناك تعاون مشترك بيننا وبين وكالة الفضاء المصرية لإعداد برامج للتأهيل والتدريب وإعداد الكوادر بعد انطلاق المشروع.
■ هل تواجه الكلية مشكلة فى إمكانيات البحث العلمى مثل كثير من الكليات العلمية فى مصر؟
- إذا قلنا إن مشكلة البحث العلمى تحدث بسبب عدم وجود علماء مصريين على قدر عالٍ من الكفاءة فهذا «افتراء»، لأن العلماء المصريين -وتحديدًا فى مجال الفضاء- قدموا إسهامات مهمة لدى أكبر الوكالات، ونحن لدينا حضور بارز فى ملف الفضاء على المستوى الدولى، وأبحاثنا تنشر فى أكبر المراكز والدوريات العلمية، ونشارك فى مؤتمرات الفضاء الدولية.
المشكلة أننا نحتاج إلى إمكانيات ضخمة لتطوير البحث العلمى فى مجال الفضاء، ولا بد من توفير الإمكانيات المادية والمعملية وتوفير معامل مجهزة وفقًا للمقاييس العالمية حتى نتمكن من الحصول على نتائج تضاهى الدول المتقدمة.
ونطالب بضرورة دعم كلية «علوم الملاحة وتكنولوجيا الفضاء»، لتطوير المعامل وتجهيزها على مستوى عالٍ، حتى يمكننا الحصول على ناتج يضاهى المشروعات العالمية.
■ لكن هناك انتقادات كثيرة لتخصيص ميزانية كبيرة لصالح وكالة الفضاء.. ما رأيك؟
- من الضرورى أن نفهم أنها مشروع سياسى واقتصادى، يمكن أن يحقق تنمية مهمة لمصر إذا تم وضع استراتيجية محددة تتضافر فيها كل الجهود لتحقيق أفضل الأهداف، وضرورى أن يتم تحديد مدة زمنية أيضًا لإنجاز الأهداف وتحويل المشروع إلى مصدر ربح.
من الطبيعى أن مجال الفضاء مكلف جدًا، لكنه ضرورة حتمية لا غنى عنها، بالعكس مصر تأخرت كثيرًا فى إنجاز مشروعها الفضائى وتأثرت بظروف سياسية واقتصادية.
وأؤكد أن الوكالة إذا تم وضع استراتيجية محددة لها فستحقق عائد ربح ضخمًا لخزينة الدولة، وبالإضافة إلى القيمة الاقتصادية هناك أيضًا الأهمية الأمنية، فالوكالة يمكنها أن تسهم فى حماية الأمن القومى وتقديم معلومات تساعد فى تأمين حدودنا ومكافحة الإرهاب، والتعامل مع الأخطار الخارجية التى تواجهنا.
وبالعكس أرى أن وكالة الفضاء ستوحد الجهود وتقلل النفقات على الدولة، ولن يكون الموضوع عشوائيًا، لأنه إذا استمر بالوضع الحالى فسنجد أن كل هيئة فضائية لديها رغبة فى إطلاق قمر استشعار على سبيل المثال، وذلك سيكلف خزينة الدولة أموالًا ضخمة، لكن فى حال وجود الوكالة سنركز جهودنا لإطلاق قمر واحد للاستشعار يمثل المشروع القومى للفضاء، ويمكن استغلال النفقات فى إطلاق مجموعة أقمار أخرى بتخصصات مختلفة.
وكما ذكرت لا بد من وضع استراتيجية بحيث يعمل كل قمر فى استخداماته المحددة له، مثلًا فى مجال حصر مساحة الأراضى الزراعية أو استخدام كاميرات التصوير الرادارى فى الكشف عن الثروات المعدنية أو المياه الجوفية، ويمكن استخدام أقمار التصوير فى التخطيط العمرانى، بالإضافة لأقمار المراقبة وحماية الحدود.
■ متى سنعلن عن إنتاج أول قمر صناعى مصرى؟
- قريبًا جدًا، وبالفعل هناك مشروع مشترك مع اليابان للتعاون فى تصنيع وتجميع قمر صناعى مصرى بنسبة ٧٠٪، ومن المفترض أن يتم الانتهاء منه فى ٢٠١٨ الجارى، وهناك مشروعات لتصنيع أقمار صناعية مع عدة دول أبرزها الصين، ونعمل بشكل متوازٍ بجميع الطرق، بحيث يتم إعداد وتجهيز الطلاب على إعداد القمر المصرى. وكما ذكرت ستقدم الدفعة الأولى من طلاب كلية «علوم الملاحة وتكنولوجيا الفضاء» مجسمًا متكاملًا لقمر صناعى.
■ مشروع الفضاء المصرى حلم قديم وللأسف توقف أكثر من مرة.. ما روشتة العلماء لاستكماله؟
- مشروع الفضاء المصرى بدأ مع الرئيس جمال عبدالناصر وتوقف لعدة أسباب منها نكسة ١٩٦٧، والمرحلة التى تبعتها كان البلد منهكًا ومرهقًا بسبب الحرب بشكل كبير حتى ١٩٧٣ وبعدها، بالإضافة إلى أن عدد العلماء والكوادر وقتها لم يكن كبيرًا مثل الوقت الحالى.
وما يضمن تحقيق المشروع حتى إتمامه هو رغبة الرئيس عبدالفتاح السيسى الحقيقية فى استكماله، فقد جعله تحت رعايته الخاصة، وبالنسبة للقائمين على المشروع لا بد أن تكون لهم رؤية واضحة ومحددة للأهداف التى يرغبون فى تحقيقها وتحديد مدة زمنية لها وتقسيم الأدوار وفقًا للتخصص، والأهم من ذلك أن يتم تضافر الجهود جميعها للوصول إلى هذه الأهداف.
ونحن، علماء الفضاء، نشكر الرئيس السيسى على اهتمامه بهذا المشروع الذى ظل مؤجلًا، على الرغم من أهميته الشديدة، ومصر فى أمس الحاجة إليه فى الوقت الحالى.
■ أخيرًا.. هل هناك أى أضرار يمكن أن تسببها وكالة الفضاء؟
- لا توجد أى أضرار لوكالة الفضاء مطلقًا، فالمشروع آمن لأقصى درجة، وستتمكن مصر بإذن الله خلال سنوات قليلة من إنجاز المشروع وفقًا لرؤى خاصة وخطة محددة، وستتمكن من تحقيق أعلى النتائج الممكنة، سواء الأهداف العلمية أو الربح الاقتصادى.
ما الدول الأقرب للتعاون مع مصر فى مشروع وكالة الفضاء؟
- الصين هى الأقرب للتعاون معنا فضائيًا، وبدأت الإجراءات بالفعل، وقدمت كل الدعم العلمى للمشروع المصرى، ولا نريد أن يكون التعاون فى مجال وكالة الفضاء المصرية مقصورًا على دولة أو اثنتين، بل لا بد أن يمتد ليشمل كل البلاد.
والحقيقة أن مصر تريد أن تتعاون مع الجميع، وليس دولة واحدة، ونريد أن نستفيد من جميع البلدان المتقدمة فى مجال تكنولوجيا الفضاء، ومنها الصين وروسيا واليابان ودول أوروبا.
ومن الضرورى أن نفهم أننا فى البداية، ونريد الاستفادة من جميع التجارب التى سبقتنا، حتى تجربة الهند لا بد من الاستفادة منها، لأنها تعتبر تجربة رائدة فى مجال الفضاء.