رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المواطنة الكاملة.. كرامة للمواطن «2»


نعم، إنها كرامة الإنسان التى تحدثت عنها فى الجزء الأول من المقال، والتى تم إهدارها هى التى دفعت الملايين فى ميادين الحرية للثورة على من أهدروها ببشاعة، باستخدام كل ألوان البطش والاستعباد، ولم يتركوا أى وسيلة يمكنها تصعيد حالة النيل من كرامة مواطنيهم، ويصل الأمر فى الكثير من الأحيان إلى حد الإذلال وقتل الطموح والأمل فى تجاوز محنة القهر والتراجع الحضارى والقيمى والتنموى.

من منا عزيزى المواطن القارئ يمكنه إنكار حالات قهر المواطن إلى حد التعذيب فى بعض أقسام الشرطة وفروع أجهزة أمن الدولة وفق تطبيق مبدأ أن المواطن متهم حتى لو ثبتت براءته إلى حين تقديم المواطن كبش فداء آخر لجهات التحقيق أو بالأحرى إلى قصر السلطان فى انتظار الانعام بهبات الرضا السلطانى «وزير داخلية نظام مبارك يبشر السلطان فى يوم فرح وزارته وعيدها الأبهة أنه قد قام بالقبض على من ارتكبوا فعل مذبحة كنيسة القديسين، وهى أحد أهم الأحداث التى تشارك كل أبناء الوطن فى إعلان غضبهم وثورتهم على النظام فور حدوثها، وبعد أن سبقها مقتل الشاب خالد سعيد فكان الغضب الأعظم فى ميادين التحرير».. ويسأل الناس وحتى تاريخه من هؤلاء وهل مازالوا خلف القضبان ولماذا تأخر الحكم؟.. ولا جواب فالأمر ببساطة أننا مازلنا نعيش زمن إهدار الكرامة وحقوق المواطنة رغم تقديم قرابين الفداء بالمئات، وحتى بعد انتخاب رئيس وتشكيل حكومة، واليوم نثور فى الميادين لأن الذكرى الثانية قد حلت، وإذا بنا نرى أن أحوال البلاد والعباد تعيش الحالة الأسوأ فى تاريخ المحروسة.

أما عن أجهزة الإعلام الحكومية المباركية، فحدث ولا حرج كيف كان للإعلام هذه القدرة الرذيلة فى إهدار كرامة المواطن عبر تقديمه وديعة مستسلمة خاضعة لرأس النظام وكل دواوينه البليدة الغبية من خلال آلياته التى اعتمدها من التغييب والتدليس «بينما تحتشد الجماهير الثائرة الغاضبة فى كل ميادين التحرير فى كل المحافظات تواجه بصدور عارية بطش قوى النظام المسلحة، كان قطاع الأخبار بتليفزيون الحكومة يمارس التدليس والكذب الفضائحى، ولن ينسى المواطن لقاءات مراسليه بمحافظى النظام ومعظمهم يؤكد أن محافظته تحت السيطرة، فضلاً عن توجيه الاتهامات للثوار ورفض الاعتراف بأن البلاد فى حالة ثورة على النظام والسلطان!!».

ومازال الإعلام ذاته ــ ونحن نعبر للعام الثالث بعد ثورة يناير 2011 ــ يمارس نفس الدور بغباوة وتجاهل لكرامة وعقل المواطن الإنسان، رغم تواتر أحداث البطش بالقضاء والإعلام الخاص للكنيسة والأزهر، والفشل الذريع فى إدارة نظم ومقدرات بلد عظيم بحجم ومكانة أم الدنيا.

مصر بكل أطيافها فى ميادين التحرير، وأهالى الشهداء وأهل القضاء بعد أن تم العصف بالقانون الذى به يحكمون وإعلان دستور رفضوه، وإعلام يحاصرون مواقعه بشراذم لا تعى ما نفعل من سخائم لإسكات ضمير الوطن، ومؤسسات تعليم يتم اختراقها للتبشير بزمن الإخوان، وبرغم ذلك مازال أولادنا برموزهم الخاصة يحتفون «فى اختبار وضعه مدرس فى المرحلة الإعدادية طلب فيه أن يكتب الطالب عن رمز وطنى ودوره فى المرحلة الأخيرة، فكانت إجابة نسبة هائلة من الطلاب أنه تامر حسنى وأغانيه الحديثة».. فى أحلى من كده كلام؟!

■ كاتب