رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الدستور" تحقق في كارثة انسحاب 5 خطوط ملاحية من ميناء بورسعيد

ميناء بورسعيد
ميناء بورسعيد

رئيس غرفة ملاحة بورسعيد يطالب بالتدخل السريع لتعديل قرار رفع رسوم العبور والخدمات

أعلنت 5 خطوط ملاحية عملاقة فى نشاط الحاويات - تكون فيما بينها تحالفًا عالميًا - انسحابها من ميناء شرق بورسعيد، والاتجاه إلى ميناء «بيريه» اليونانى، بعد أن عرض 40% تخفيضًا على خدماته مقارنة بميناءى شرق وغرب بورسعيد، اللذين شهدا رفع هيئة قناة السويس رسوم الخدمات والعبور بهما.
وضمت قائمة المنسحبين، 5 خطوط ملاحية هى: «نيبونى ياسان كايشا» و«مول» اليابانيان، و«يانج مانج» التايوانى، و«كى لاين» الكورى، و«إيفر جرين». وجاء انسحاب الخطوط الملاحية الخمسة بعد اعتراف الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس، فى جولته الأخيرة بالميناء مع لجنة النقل بمجلس النواب، بتوقف المفاوضات مع سنغافورة، وانسحابها من الميناء، وهو ما وثقته «الدستور» حينها بالفيديو رغم نفى جهازه الإعلامى، وستحاول «الدستور» التحقيق فيه فى السطور التالية.

رفع الرسوم وراء الأزمة.. وفقد 50% من الحاويات أبرز الخسائر
أرجع عادل اللمعى، رئيس غرفة ملاحة بورسعيد، عضو جمعية رجال الأعمال المصريين، انسحاب الخطوط الملاحية الخمسة، إلى زيادة أسعار رسوم العبور والخدمات، بموجب القرارين المتتاليين وهما: 488 الصادر فى سبتمبر 2015 والخاص برفع رسوم الخدمات «القطر والإرشاد والخدمات المينائية»، و800 فى ديسمبر 2016 والخاص برفع قيمة رسوم العبور، مضيفًا: «القراران أفقدا موانئ بورسعيد المنافسة مع الموانئ المحيطة».
وكشف عن أن اتحاد الغرف التجارية وجمعيات رجال الأعمال المصريين وغرف الملاحة المصرية سبق أن ناشدت وزارة النقل فى خطابات رسمية بالتراجع عن هذين القرارين اللذين صدرا فى عهد الوزير السابق جلال السعيد، وطالبت بضرورة إعادة دراستهما، وعرضهما على المتخصصين والخبراء فى المجال، لافتًا إلى أنه تم اقتراح الزيادة بشكل تدريجى، لكن لم يلتفت لهذه النداءات إلى أن انسحبت 5 خطوط ملاحية.

ودعا «اللمعى» إلى ضرورة التدخل السريع من وزارة النقل والهيئة الاقتصادية التى تشرف على الموانئ، لتعديل القرارين 488 و800.

وأشار فهمى الششتاوى، رئيس اللجنة النقابية للشركة الوطنية للحاويات فى بورسعيد، إلى أن ميناء شرق بورسعيد سيخسر قرابة 50% من عدد الحاويات السنوية التى يتعامل معها بعد سحب الخطوط الخمسة، وقال: «لن يحقق أكثر من مليونى حاوية رغم إعلانه أنه يستهدف 4 ملايين حاوية بنهاية العام الجارى 2017».

وأرجع خبراء سبب الأزمة إلى القرار 800 الذى أصدره الدكتور جلال السعيد، وزير النقل السابق، ويقضى بمضاعفة مقابل جميع الخدمات المرتبطة بقطاع النقل البحرى ومقابل تجديد التراخيص. ووصف مصدر ملاحى القرار بأنه تأميم لاستثمارات الموانئ، خاصة أن أسعار الخدمات بموجبه طاردة للسفن وغير منطقية، وقال: «فى الوقت الذى يتم فيه سداد مقابل تمويل السفن بالمياه فى ميناء بيريه باليونان مقابل 4 دولارات عن كل طن، فإن القرار نص على سداد 15 دولارًا عن كل طن». وأضاف: «القرار يعتبر مصادرة لجميع الاستثمارات المقامة حاليا فى أنشطة تخزين وتداول الحبوب فى جميع الموانئ المصرية، وذلك بالمخالفة للشروط والضوابط التى تم على أساسها اتخاذ قرار الاستثمار، ما يقوض مناخ الاستثمار فى البلاد». وتابع: «أغلب الشركات العاملة فى مجال التخزين والمستودعات بالموانئ المصرية منشأة وفقًا لأحكام القانون رقم 8 لسنة 1997 بشأن ضمانات حوافز الاستثمار التى تمنع التأميم والمصادرة وفقا لنص المادة 8 من القانون». وأكدت مصادر فى الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، أن سبب الانسحاب يرجع بشكل مباشر إلى الرسوم التى تم تعديلها من خلال وزارة النقل، والتى قررت مؤخرًا رفعها دون الرجوع بشكل مباشر إلى إدارة الهيئة.

إسرائيل واليونان أكبر المستفيدين

رأى البدرى فرغلى، البرلمانى السابق، والمتابع لمجال النقل البحرى، أن قناة السويس فى خطر، وأن إدارتها ليست على الوعى الكافى بما يحدث فى العالم والموانئ على وجه التحديد، وقال: «انسحاب الخطوط الملاحية الخمسة بداية لكوارث وليس نهايتها، بسبب عدم الخبرة والدراية بما يحدث حولنا».

وأوضح أن إسرائيل واليونان تحاولان بكل الطرق سحب الخطوط الملاحية من موانئ مصر، وهو ما تمثل فى محاولات إسرائيل لتدشين قناة «حيفا – إيلات» التى تربط البحرين الأحمر والمتوسط، وتعرض أقل تكلفة فى رسوم العبور والخدمات.

وأضاف: «هناك فراغات فى الموانئ الأوروبية، وعلى رأسها ميناء بيريه اليونانى ستستغلها فى خفض الأسعار وجذب الخطوط الملاحية من موانئ مصر»، لافتًا إلى أن ميناء شرق بورسعيد الذى انسحبت منه الخطوط الخمسة يعانى أساسا تراجع التعاملات بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية، وتباطؤ حركة التجارة المنقولة بحرًا.

وشدد على ضرورة سرعة تشكيل لجنة لإدارة تلك «الكارثة الاقتصادية»، التى تعد نهاية طبيعية لسياسات غير واعية لا تقدر الأمور بشكل جيد.

أحمد درويش :الرسوم لم تزد منذ 1992.. والتعديل وفقًا للأسعار العالمية

الدكتور أحمد درويش، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، علق على هذه الأزمة عبر بيان صحفى جاء فيه إن الهيئة تدرس فى الوقت الحالى مع وزير النقل المهندس هشام عرفات تداعيات وجميع الجوانب الخاصة بالقرار رقم 800 وغيره من القرارات الخاصة بالخطوط الملاحية.

وأضاف: «التعاون بين الهيئة والوزارة فيما يخص شركات تداول الحاويات والخطوط الملاحية العالمية العاملة بالموانئ المصرية سيكون حول وضع محاور ونقاط ترضى جميع الأطراف وذلك خلال الفترة القصيرة المقبلة للوصول إلى حلول تضمن استمرار تنافسية الموانئ المصرية عالميًا وبما لا يخل بالمصلحة العامة للدولة». وتابع: «رغم أن تبعية موانئ بورسعيد تخضع للهيئة، ولها الحق فى تطبيق أو عدم تطبيق القرار، إلا أن المصلحة القومية تقتضى أن تكون هناك منظومة متكاملة».

ورأى أن ما تردد عن انسحاب الخطوط الخمسة وتضررها من زيادة الرسوم والأعباء المالية ووضع قيود جديدة على الخطوط الملاحية ليس بسبب تعسف الهيئة أو من قبيل عدم مراعاة الأمر الواقع، مضيفًا: «هذه الرسوم لم تتحرك منذ 1992 مقارنة بالموانئ المجاورة».

وأضاف: «عندما أقرت وزارة النقل القرار رقم 800 المعدل لقرارات سابقة كان بهدف مواكبة الأسعار العالمية فى منظومة النقل البحرى مثلما سبقتنا الموانئ المجاورة، كما أن هذا التحالف أصبح يخضع لمتغيرات أخرى بسبب الأوضاع السياسية وإحصاءات التجارة العالمية التى انكمشت».

وأوضح أن القرار لم يؤثر فى عقود الامتياز مثل شركة قناة السويس للحاويات، مشيرًا إلى التزام الهيئة الاقتصادية وطبقًا للقرار الجمهورى بكل التزامات وتعاقدات الحكومة المصرية وهو ما يحافظ على جاذبية الاستثمار فى مصر والمنطقة الاقتصادية.

وذكر أن الهيئة تدرس مع وزارة النقل حاليًا وضع حوافز تنافسية تناسب الأوضاع الاقتصادية العالمية مع زيادة جودة الخدمات التى تقدم داخل الميناء أثناء تراكم السفن لتداول البضائع وهو ما بدأت فى إعلانه فبراير الماضى فى ميناء السخنة كمرحلة أولى لتقديم خدمات تموين السفن عن طريق شركات عالمية متخصصة فى هذا الحقل.

وتابع: «ثم يبدأ بعد ذلك فى تقديم هذه الخدمات فى ميناء شرق بورسعيد ثم بقية موانئ المنطقة الاقتصادية وحاليًا الهيئة تقوم بمراجعة جميع بنود التنافسية فى المناطق الاقتصادية الأربع والموانئ الستة من خلال شركة ماكينزى العالمية لكى تصل إلى رؤية واضحة ومحددة لضمان وصول المنطقة للعالمية ومنافسة مثيلاتها».

البرلمان يستدعى وزير النقل لسؤاله عن سبب زيادة الأسعار

كشف خالد عبدالمولى، وكيل لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب، عن استدعاء اللجنة وزير النقل، هشام عرفات، لمناقشة قرار زيادة أسعار الرسوم الذى سبب أزمة لدى المستثمرين بميناء بورسعيد، نتج عنه انسحاب تحالف عالمى من الميناء.

وأشار «عبدالمولى»، فى تصريحات خاصة لـ«الدستور»، إلى أن انسحاب الشركات سينجم عنه تقلص الأرباح بنسبة تصل إلى 30%، فى ظل تأثر تعاقدات الدول والسفن مع هذه الشركات، موضحًا أنه سيتم الاستماع إلى رؤية وزير النقل وفى حالة عدم الاقتناع بتبريراته ستتم مطالبته بالتراجع عن القرار، لافتًا إلى أن أوضاع الملاحة والتجارة العالمية لا تسير على المستوى المأمول، ما يؤكد ضرورة الحفاظ على المستثمرين وتشجيعهم بالحوافز.

وقال النائب أحمد فرغل، عضو مجلس النواب عن محافظة بورسعيد، وأمين سر اللجنة الاقتصادية بالمجلس، إن قرار وزارة النقل بزيادة الرسوم على الهيئات والسفن العاملة بميناء شرق بورسعيد، هو السبب الرئيسى فى امتناع تحالف عالمى عن استكمال العمل فى الميناء، ما يعكس سلبية القرار فى ظل أزمة النقل العالمى وانكماش التجارة الدولية، على خلفية انخفاض أسعار البترول.

ورأى أن المحافظة على استمرار عوائد قناة السويس لا بد أن تتضمن أسعاراً منافسة، لافتًا إلى أن التحالف المنسحب وجد أنه لن يحقق الأرباح المرجوة من الاستثمار فى المنطقة بعد زيادة الرسوم، والانسحاب سيؤثر بالسلب فى خطط التنمية فى المنطقة ولا يبشر بالخير. وأشار أمين سر اقتصادية البرلمان، إلى أن وزارة النقل وهيئة تنمية محور قناة السويس مطالبتان بتبرير قرار زيادة الأسعار أمام البرلمان، وإعادة دراسة جدواه على استمرار حركة الاستثمار.