رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى يوم المرأة العالمى


بعد أيام قليلة يحتفل العالم بيوم المرأة العالمى.. وتحديدًا فى ٨ من الشهر الجارى باعتباره- بحسب إعلان بعض الدول منذ عام ٢٠٠٠- عطلة رسمية.. وهو فى تقديرى مناسبة تستحق منا الاهتمام تقديرًا لدور المرأة فى مختلف نواحى الحياة.. كما تستحق أيضًا أن نتوقف عندها لرصد ما تحقق فيها للمرأة من مكاسب وما تتطلع إليه من آمال وتغييرات وطموحات، فالمرأة صانعة الحياة والأجيال. وقد أشار تقرير البنك الدولى إلى أنه «عندما تتحقق المساواة بين الرجل والمرأة سيكون مردود ذلك إيجابيًا على الاقتصاد، وأن رغد العيش وجودة الحياة لن يكونا من نصيب المرأة فحسب، وإنما سيكونان أيضا من نصيب أفراد عائلتها.. الزوج والأبناء».


وقد أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسى أن «هذا العام هو عام المرأة المصرية».. ولدينا أيضا يوم خاص للمرأة المصرية سيكون لى معه وقفة.. وأعتقد أننا فى حاجة إلى أن نتذكر بعض التواريخ المهمة فى سجل المرأة العالمى بشكل عام.. حيث يأتى الاحتفال الدولى للمرأة فى عام ٢٠٣٠.. مما يستلزم تكاتف الجميع لتحقيق تقدم وتحسن فى الأوضاع المعيشية لها.. فضلًا عن ضرورة تنفيذ الأهداف الرئيسية التى صدقت عليها الدول عام ٢٠١٤ ومنها مصر لصالح المرأة.. ومن بينها على سبيل المثال: «القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء والفتيات فى كل مكان.. والقضاء على جميع الممارسات الضارة مثل: زواج الأطفال والزواج المبكر والزواج القسرى وختان الإناث وضمان أن يتمتع البنون والبنات بتعليم ابتدائى وثانوى مجانى ومنصف وجيد.. وكذلك الحصول على نوعية جيدة من النماء والرعاية فى مرحلة الطفولة المبكرة.. كما صدقت معظم الدول ومنها مصر على مبادئ اتفاقية الأمم المتحده للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأ «سيداو» وصدقت عليها ١٨ دولة عربية كأعضاء فى الجامعة العربية.. لكن امتنعت كل من: الصومال والسودان أما السلطة الفلسطينية فقد أيدتها رمزيًا.

وقد يعترض البعض على الاحتفال بيوم المرأة العالمى، خصوصًا بعد حصولها على العديد من الفرص. ولتوضيح هذا الاعتراض نؤكد أننا مازلنا فى منتصف الطريق وأمامنا مشوار طويل حتى تحصل المرأة على حقوقها فى مناطق ودول لا تزال أوضاع المرأة فيها سيئة للغاية.. لذا فالاحتفال بيوم المرأة العالمى يعتبر فرصة لسماع صوتها والمطالبة بحقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية.. فضلًا عن إزالة الصعاب التى تواجهها وحل المشاكل التى تتعرض لها فى العمل. ولو أننا- مثلا- نظرنا إلى المناصب القيادية بين الجنسين سنجد تفاوتًا كبيرًا فى لصالح الرجل، وأن امرأة واحدة من بين ثلاث نساء تتعرض للعنف الجسدى والجنسى فى العالم، وأن غالبيتهن ضحايا أزواجهن. أما بالنسبة للأمية فقد وصلت إلى ٦٠ فى المائة بين نساء العالم.. كما أن المرأة فى العديد من الدول لا تزال غائبة نوعًا ما فى مجالات بعينها مثل: السياسة والصحة والتعليم والاقتصاد.. وفى دول أخرى سنجد دعاوى لتهميشها وتحقير شأنها.

صحيح أنه منذ بداية عام ٢٠٠٠ شهدت الألفية الجديدة تغييرًا كبيرًا فى الآراء والمواقف والاتجاهات من تلك القضية بسبب انتشار فكرة المساواة والتحرر، إلا أن هذا التغيير لم يأتِ إلا بعد مرور سنوات طويلة وجهود كبيرة بدأت منذ مطلع القرن الماضى.. وتحديدًا حين حشدت النساء العاملات بمصانع الملابس مظاهرات فى شوارع نيويورك عام ١٩٠٨.. وانضم لهن نساء الطبقة الوسطى احتجاجًا على أوضاع العمل السيئة والأجورالمتدنية.. وكذلك للتعبير عن الظلم الذى يتعرضن له وعدم المساواة بينهن وبين الرجال، وحاجتهن للمشاركة الإيجابية فى مجتمعاتهن.. وكانت هذه الحركة تضم ١٥ ألف امرأة عاملة.. وقد عقدن بعدها عدة مؤتمرات دولية كان أهمها مؤتمر كوبنهاجن بالدنمارك عام ١٩١٠.. حيث اقترحت الألمانية «كلارا زينكين» أن يكون هناك يوم عالمى للمرأة.. وقد قوبل هذا الاقتراح بمواقفة جماعية من قبل ١٠٠ امرأة مشاركة من ١٧ دولة أوروبية وأمريكية.. لكن لم يتم تخصيص هذا اليوم إلا بعد ذلك بعدة سنوات طويلة عندما أصدرت الأمم المتحدة عام ١٩٧٧ قرارًا بدعوة دول العالم لاختيار يوم للاحتفال بالمرأة.

وقد قررت غالبية الدول اختيار يوم ٨ مارس من كل عام للتعبير عن إنجازات نسائها والتعبير عن مطالبهن.. ومنذ هذا التاريخ أصبح هذا اليوم عيدا عالميا للمرأة أو يوم المرأة العالمى الذى تلقى الدول فيه الضوء على إنجازات المرأة فى كافة المجالات السابق ذكرها.. كما يخصص هذا اليوم أيضًا لمكافحة الفقر والأحوال المعيشية المتردية والأمراض والأمية وتوفير الرعاية الصحية للمرأة وأطفالها.

لذا دعونا نلق الضوء فى هذا الاحتفال وتلك المناسبة على أهم ما حققته المرأة المصرية من تقدم ملموس فى بعض المجالات.. مثل مشاركتها الملحوظة فى برلمان ٢٠١٥.. وتقلدها منصب محافظ لأول مرة فى تاريخ مصر. وهذه خطوات تعكس تحولًا اجتماعيًا هامًا.. لكن رغم ذلك مازال أمامنا طموحات ومشاكل نأمل فى تحقيقها لتحسين أحوال نسائنا حتى نصل إلى المساواة الكاملة بين الجنسين.. أما فى منطقتنا العربية كما فى بعض البلدان الأخرى.. فمشاكل المرأة مازالت خطيرة. كالنازحات واللاجئات العربيات نتيجة النزاعات المسلحة التى تتعرض لها بلادهن، فضلًا عن تعرض الجماعات المتطرفة لهن.