رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كُتابنا وكُتابهم


انتقدت من قبل عددًا+ لا بأس به من أعمالنا الفنية التى تسببت فى القضاء على قوتنا الناعمة.. كما حذرت مرارًا من اقتحام «الأرزقية» لهذا المجال الخطير.. فالفن الذى عرفناه وتابعناه لوقت طويل من خلال فنانينا العظام.. كان وسيظل رسالة سامية تسهم فى دعم اقتصادنا وترتقى بذوقنا العام ولا تهدمه.

وحتى أكون منصفًا.. فهناك دراما تستحق منا الإشادة والتقدير لكل من أسهم فيها وهى كثيرة.. لكن على الجانب الآخر توجد دراما هابطة أساءت إلينا جميعًا.. فعلى سبيل المثال لا الحصر.. فقد أخبرنى صديق لى أنه شاهد وأسرته فيلمًا من هذا النوع.. فبعد أن قطعوا التذاكر وجلسوا فى صالة العرض.. بدأت مشاهد الفيلم هادئة وجاذبة حتى ظهرت وصلات الرقص المتدنى التى تشبه إلى حد بعيد أفلام الــ....!!.. لم يتمالك الرجل نفسه من «قرف» ما شاهده.. ترك الفيلم قبل أن ينتهى وخرج ناقمًا على مُنتجه و مُخرجه وُممثليه.. وحتى الجهة التى أجازته للعرض.

فما كان منى إلا أن ذهبت لمشاهدة ذات الفيلم لأتعرف على الحالة المزرية التى وصلت إليها «درامانا» على يد «سماسرة» الفن.. وبتمويل من أفراد وجهات ودويلات مشبوهة.. تابعت العمل بعناية حتى النهاية، وتأكدت أن صديقى كان على حق فى كل ما أخبرنى به.. فالعمل يحتوى على مشاهد خليعة لايمكن لأى أسرة مصرية أو حتى عربية تقضى عطلتها بمصر أن تجازف وتشاهده.. فمثلًا يُظهر فيه: «بنات ليل» و«تجار مخدرات وأسلحة».. ثم «بلطجية» و«خونة» و.... وكأن مصر لا يوجد فيها سيدات محترمات تعملن فى أرقى المناصب.. أو شباب ناجح ومكافح وشريف أو.....!!.

عندئذ تذكرت نصائح أساتذتنا عندما قالوا إن «أهم مايميز الكاتب الوطنى عن غيره.. هو العمل على تواصل الأجيال مع بعضها البعض».. وحذروا من أن «انحراف الكاتب عن هذا الهدف سيؤدى حتمًا إلى ضياع مجتمعه وطمس هويته والقضاء على لغته وثقافته».. وحتى لايكون كلامنا مجرد تنظير.. فإننى أنصح بمشاهدة الأفلام العالمية للسينما «الهوليودية» و«البوليودية» لنعرف الفرق بين الدراما التى تبنى وتسهم فى الحفاظ على التقدم والارتقاء والأمن القومى لبلادها.. والدراما التى تهدم كل هذه المعانى الجميلة بدافع العمالة أو الخيانة أو لمتاع دنيوى زائل!!.

الرئيس عبدالفتاح السيسى انتبه إلى هذه الكارثة.. ووجه مستشاريه فى الأمن القومى والأمن العام بعقد اجتماع مع صناع السينما المصرية لمناقشة تدهور قوة مصر الناعمة على يد معدومى الذوق والضمير ممن أسهموا بشكل أو بآخر فى تغييب وعى أعداد كبيرة من شبابنا بعد أن سلبوهم هويتهم وأفقدوهم وطنيتهم وجعلوا منهم أعداءً لبلدهم يُباعوا ويُشتروا لمن يدفع من جماعات الظلام والجهل والإرهاب بكل أشكاله.. لكن للأسف فإن نصيحة الرئيس وتوجيهاته فى هذا الأمر لم تفعل بالشكل المطلوب منذ عامين تقريبًا!!.

ما سبق يجعلنى أذكر نفسى وغيرى بأن الدراما المصرية منذ مائة عام ولوقت قصير مضى.. كانت أحد أهم روافد اقتصادنا.. بل وسببًا رئيسًا فى انتصار قضايانا العادلة وانتشار ثقافتنا وعاداتنا وقيمنا.. أما فى الفترة الأخيرة فقد تعرضت لمؤامرة خسيسة لاداعى للحديث عنها الآن.. وسأكتفى بالقول إن «من راهنوا على تقزيم دور الدراما المصرية.. قد خسروا الرهان من «بدرى».. ليه ؟؟.. لأن إنتاجنا من المسلسلات تعدى فى عام واحد السبعين مسلسلًا.. نقيس على ذلك بقية الأعمال الفنية من مسرح وغناء وأفلام.. وقد استمرت هذه المؤامرة لفترة أربع سنوات تقريباُ ثم توقفت لأسباب معروفة للجميع. ولأن مصر هى فعلاُ «أم الدنيا».. ولأنها قلب العروبة والإسلام النابض.. ولأن بقاءها يعنى بقاء العرب.. وزوالها لاقدر الله يعنى زوال العرب.. فقد انتبه المتآمرون إلا قلة فاسدة ومُفسدة من أبناء جلدتنا لعظمة وقيمة وقامة مصر بفنها وثقافتها وجيشها فى الحفاظ على الهوية العربية والإسلامية فى ظل الموجة الاستعمارية الخبيثة التى سُميت بـ «الربيع العربى».

ولمثل هذه القلة الحاقدة أقول: «توقفوا الآن وليس بعد عن إنتاج مثل هذه الأعمال التى زلزلت أركان الدولة وضربت قوتها الناعمة فى مقتل.. توقفوا عن هذه «المسخرة».. فمصر أرقى وأعظم من أن تجسدوها فى علاقات محرمة وشاذة و«شوية» صيع وعواطلية.. توقفوا أيها العملاء وتبرأوا من زلاتكم الخلقية التى أساءت لمصر وفنها وشعبها العريق».

أخيرًا أناشد الجهات الرقابية والأمنية فى مصرنا الحبيبة أن تتخذ الإجراءات اللازمة لمنع هذا الإسفاف بدعوى «الحرية والإبداع».. فالحرية الحقيقية أو المسئولة كما تعلمناها هى «الحفاظ على الذوق العام من السقوط فى براثن الرزيلة والعمالة والخيانة».. أما الإبداع فيعنى «الارتقاء بالسلوك البشرى وليس انحرافه»