رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الحقائق في مواجهة الشائعات"


الوصول للحقائق اصبح أمرا في غاية الصعوبة في بلدنا، ونفاجأ في كل يوم بشائعات تحاصرنا الى درجة الاختناق والي درجة الاحباط، ولكي يتسنى الوصول للحقيقة  فيما يحدث بداخل مصر، فإن هذا يقتضي من كل منا ان نحاول تجاوز هذا الكم الهائل من المعلومات المتضاربة والمتناقضة، ومن الشائعات التي تنهال علينا كالمطر طوال النهار من كل مكان ومن مواقع عديدة  ومختلفة الاتجاهات والمصالح.
اننا نعيش في عصر الكلمات من خلال وسائل الاتصال الحديثة،  التي تدخلك في متاهة لاتخرج منها،  ويصعب ان تكون منها رأيا،  لانها تُشتتك فلا تصل الى  الحقيقة الا نادرا جدا،  واذا كان هذا حالي فمابالك بالمواطن والمواطنة الذي ليست لديه دراية او إلمام بكيفية الوصول للحقيقة ،،ومن اي مصدر يستقيها؟
وامام كل هذا السيل من الشائعات التي تحاصرنا، لابد ان تتنبه الدولة الى ان يكون لديها قنوات او فضائيات او مواقع مؤثرة، تستطيع ان تقدم الحقائق والأخبار للمواطن المصري ومن خلال الشفافية والصراحة،  حتي تكون لها مصداقية مع المتابع لها .
 ان الاعلام الحديث ووسائل الاتصال الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي  قد اصبحت تلعب دورا أساسيا في حياتنا مع كل صباح  في توصيل المعلومات او الأخبار اوالشائعات، التي كثيرا مايكون ورائها اهداف لمنظمات او دول او أشخاص  ذلك تبعا لمالكيها.
ولابد ان نختار مصادر نثق في مصداقيتها وفي أهدافها حتى لا نشتت الذهن وراء اخبار وشائعات كاذبة او مضللة، ان المهنية  تقتضي ان يكون الخبر صحيحا وان تكون المعلومة صحيحة لكن هذا لم يعد موجودا في ظل فوضى وسائل الاتصال والمعلومات،، وأقول هذا مع السنة الجديدة التي بدأت بخبر مفزع عن ملاحقة قضايا الفساد، حيث تم كشف أكبر قضيه فساد في مجلس الدولة منذ ايام، مما يؤكد سعي الدولة لملاحقة الفساد وكشفه أيا كان مكانه او مرتكبه ،، الا ان المبلغ الضخم الذي تم ضبطه في قضية رشوة قد اثار غضب الرأي العام خاصة مع نشر خبر ملايين الجنيهات والدولارات التي تم ضبطها وبشكل استفزازي، وأدى  انتشار  هذه الصور في كل البيوت من خلال مواقع التواصل الاجتماعي الي استياء الرأي العام بشكل كبير، وجاء القبض علي  احمد اللبان بمجلس الدولة ثم اعقبه القبض على شخصيه قيادية في مجلس الدولة وهو  نائب رثيس مجلس الدولة وائل شلبي، ثم اُذيع خبر انتحاره في محبسه في الصباح التالي للقبض عليه، الي ان امتلات البيوت المصرية بالشائعات الكثيرة ومازالت ،، وبدات علامات استفهام عديدة مثل :هل قتل ام انتحر ؟ من ايضا في قضية الفساد الكبرى؟  ومن الذي قتل الرجل في محبسه ؟ وأشاع البعض ان وراء مقتله شخصيات اخرى تخلصوا منه حتي لا يتم فضح  الامر !! وسيل لا نهائي  من السيناريوهات المقترحة ملأت مواقع التواصل الاجتماعي  مما ادى لانتشارها في البيوت المصرية، ووجد المواطن العادي نفسه امام سيل منهمر من الشائعات التي أدت الي تشتت ذهنه ،، ولكن ما يجعلني اتوقف عند هذه القضية أمرين؛ أولهما هو انه ليس معني القبض على اثنين او حتى ثلاثة من  الذين أخطأوا في جهاز معين ان تبدأ الناس في تعميم الفساد في جهاز قضائي محترم ،، وان الأخطاء البشرية قد تقع في كل المجالات وليس في مجال محدد.
وثانيها ان هناك اسرة لهذا الرجل الذي انتحر في محبسه، وربما له أطفال صغار لا ذنب لهم فيما ارتكب الأب فلماذا هذا الكم الهائل من الشماته على مواقع التواصل الاجتماعي ؟ ولماذا الاستمرار في ترديد اسمه على مواقع التواصل مما سيجعل أسرته وأبنائه يعانون من وصمة عار تظل لصيقة بهم مدي الحياة، بينما لا ذنب لهم فيها، ولماذا تزداد الشائعات كلما حدثت واقعة وتتضخم وتصبح ككرة النار التي تكبر وتنتشر في كل البيوت ؟ 
ان الكشف عن وقائع الفساد لابد ان يستمر رغم كل شيء،  فمن حق الشعب ان يعرف عنها كل شيء حتى لو كان المخطئين من مجالات مهمة وفاعلة، ولكن ترديد الشائعات المغرضة والتي احيانا تكون مضللة وممنهجة قد اصبح من  مظاهر الحياة اليومية خلال السنوات الأخيرة، و هو الذي يجعل الحقائق تتوه في بعض الأحيان، بل  ويجعل الوصول للحقائق مستحيلا في كثير من الأحيان.