رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وكان لكنيسة الإسكندرية السبق «٤»


عندما أراد الرومان إصلاح تقويمهم واستبدال السنة القمرية بالسنة الشمسية استقدموا فلكياً مصرياً من الإسكندرية يُدعى «سوسيجنس» ليُجرى لهم هذا الإصلاح. فأسس التقويم الشمسى. وقد أصدر الأمبراطور «يوليوس قيصر» فى سنة 709 من تاريخ تأسيس روما – وهى السنة الموافقة لسنة 46 قبل الميلاد - أمراً بتعميم التقويم الشمسى فى جميع أنحاء الامبراطورية الرومانية. وظل هذا التقويم معمولاً به سنوات طويلة تحت اسم «التقويم اليوليانى» نسبة إلى يوليوس قيصر. جاء بعد ذلك الراهب الأنجلوسكسونى «بيد» «673 – 735م» ووضع تاريخاً للكنيسة نسب جميع الأحداث إلى ميلاد السيد المسيح. ومن هنا شاع استعمال التقويم الميلادى فى القرن الثامن الميلادى وتعدلت جميع حوادث العالم وفقاً لميلاد السيد المسيح. فى سنة 730م أعلن نفس الراهب أن السنة المدارية الشمسية تتكون من: «365 يوماً، 5 ساعات، 48 دقيقة، 46 ثانية» أى بنقص قدره: «11 دقيقة، 14 ثانية» عن السنة اليوليانية. وأن تكرار هذا الخطأ بالزيادة يُنشئ يوماً كاملاً زائداً كل 128 سنة. إلا أن أحداً لم يلتفت إلى دعواه ليُجرى هذا التصحيح. استمر هذا الحال 800 سنة أخرى تجّمع فى النهاية 10 أيام خطأ بالزيادة فى التقويم اليوليانى، إلى أن قام بابا روما «جريجورى الثالث عشر» فى سنة 1582م وأصدر أمراً بإسقاط عشرة أيام من النتيجة اليوليانية واعتبار يوم الجمعة الموافق 15 أكتوبر 1582 هو اليوم التالى ليوم الخميس الموافق 4 أكتوبر 1582 أى أنه أسقط العشرة أيام الزائدة دون المساس بتسلسل الأيام الأسبوعية. ثم أوجد حلاً لتلافى تكرار وقوع هذا الخطأ مستقبلاً. ووفق فى هذا الحل أيضاً، حيث رأى أن خطأ 3 أيام بالزيادة ينتج من توالى مرور 128 سنة ثلاث مرات. وفكّر فى إسقاط 3 أيام كل 400 سنة وبذلك نجح فى استبعاد 3 أيام فقط كل 400 سنة. ويُسمى التقويم المُستحدث باسم «التقويم الجريجورى» نسبة إليه.

تمسكت الكنائس الشرقية بالتقويم اليوليانى، فنجد الكنيسة القبطية والكنيسة الروسية والكنيسة القبرصية والكنيسة اليونانية «وبالتحديد أديرة جبل آثوس التى تزيد على 22 ديراً» والكنيسة الأرمنية تحتفل بعيد ميلاد السيد المسيح فى 7 يناير. ثم بخصم 13 يوماً يكون 25 ديسمبر وهو الذى تحتفل به الكنائس الغربية. فالاختلاف إذاً اختلاف فى التقاويم فقط وليس فى العقيدة. وكل من الفريقين يعتز بالتقويم الذى يتبعه. لذلك الحديث عن توحيد العيد أمر مستبعد وبالأخص نحن فى الكنيسة القبطية العريقة يقع عيد الميلاد فى 29 كيهك – طبقاً للتقويم القبطى – الذى نعتز به نحن الأقباط.

أما موضوع عيد القيامة فالأمر منتهى تماماً، فقد تحددت طريقة حسابه منذ العصر الرسولى الأول كما وضعه الآباء الرسل ثم تثبت فى المجامع المسكونية فى القرن الرابع الميلادى، لذلك فالآراء الشخصية لتغيير هذا العيد أمر مستبعد وعدم أمانة منا للآباء الأولين بل هو تبعية لكنيسة روما التى انحرفت عن النظام الذى وضعته المجامع المسكونية، فبالأولى أن نتباحث مع كنيسة روما حتى تقوم بتصحيح نفسها وتتبع التقليد الصحيح. هذه قصة كنيسة الإسكندرية التى تأسست عام 64م ومازالت باقية شامخة تؤدى رسالتها الروحية كما تسلمتها من الآباء الأولين بكل أمانة وصدق، رغم ما شاب بعض التقاليد الكنسية من انحرافات لن تدوم حتى يعود لكنيسة الإسكندرية مجدها التليد.