رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سيناء الغالية ٢٠٢٤.. الكرامة والصمود والبناء

أطلَّ علينا عيد تحرير سيناء رقم ٤٢ منذ أيام فى يوم الخميس ٢٥ أبريل بإطلالة ذات مغزى مختلف عن كل أعيادنا المصرية الكثيرة، التى تميزنا عن كل الدول، لأنها أعياد دولة ذات حضارة تصل لـ٧٠٠٠ سنة.

وكان لاحتفالنا بعيد تحرير سيناء الغالية هذا العام تحديدًا ٢٠٢٤ مغزى أعمق وأهم من الأعياد السابقة، لأنه أعاد إلينا الإحساس الوطنى الفياض بأهمية الحفاظ على أرض الفيروز، هذه البقعة التاريخية الغالية من أرضنا المقدسة التى حافظنا عليها منذ قديم الأزل كجزء مهم من الأرض المصرية الغالية على كل مصرى، التى استعدناها بعد انتصارات الجيش المصرى على جيش الاحتلال الإسرائيلى فى حرب ٦ أكتوبر ١٩٧٣ المجيدة، التى استطاع فيها الجيش المصرى اقتحام خط بارليف المنيع، والعبور إلى أرض سيناء الغالية.

وكانت الخطوات الأولى على طريق التحرير بعد أيام معدودة من هزيمة ١٩٦٧ قبل أن تندلع مفاجأة حرب أكتوبر المجيدة بأكثر من ٦ سنوات، حيث شهدت جبهة القتال معارك شرسة كانت نتائجها بمثابة صدمة للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية، حيث بدأت المواجهة على جبهة القتال ابتداءً من سبتمبر ١٩٦٨ وحتى السادس من أكتوبر ١٩٧٣، حيث انطلقت القوات المصرية بقرار من الرئيس الراحل محمد أنور السادات معلنة بدء حرب العبور، التى خاضتها مصر فى مواجهة إسرائيل، فاقتحمت قناة السويس، وخط بارليف، التى كانت إسرائيل تردد أنه من المستحيل عبوره، وكان من أهم نتائجها استرداد جزء من الأراضى المصرية فى شبه جزيرة سيناء، وعودة الملاحة فى قناة السويس فى يونيو ١٩٧٥.

كما أسفرت حرب التحرير الكبرى عن نتائج مباشرة على الصعيدين العالمى والمحلى، من بينها انقلاب المعايير العسكرية فى العالم شرقًا وغربًا، وتغير الاستراتيجيات العسكرية فى العالم، والتأثير على مستقبل كثير من الأسلحة والمعدات، والأهم بالنسبة للمصريين هو عودة الثقة للمقاتل المصرى العربى بنفسه، وقيادته، وعدالة قضيته، وانطلاق الوحدة العربية فى أروع صورها، التى تمثلت فى تعاون جميع الدول العربية مع مصر، مما جعل من العرب قوة دولية لها ثقلها ووزنها وسط العالم، وسقوط الأسطورة الإسرائيلية.

وكان من أهم نتائج العبور العظيم والمدوى للجيش المصرى فى كل أنحاء العالم أن حرب أكتوبر قد مهدت الطريق لعقد اتفاق كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، الذى عقد فى سبتمبر ١٩٧٨على إثر مبادرة السادات التاريخية المفاجئة والمدوية فى نوفمبر ١٩٧٧، حيث فاجأ العالم وإسرائيل باستعداده للذهاب إلى القدس لإنهاء الحرب بين مصر وإسرائيل، وإقامة السلام العادل فى المنطقة العربية، واسترداد حقوق الشعب الفلسطينى.

وهكذا بدأت سلسلة من المحادثات السياسية بين مصر وإسرائيل انتهت باسترداد كامل الأرض المصرية فى شبه جزيرة سيناء، ورفع العلم المصرى على آخر جزء منها، وذلك فى ٢٥ أبريل ١٩٨٢ حيث رفع العلم الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك، وعمت الاحتفالات منذ ذلك العام، وأصبح يوم ٢٥ أبريل من كل عام عيدًا لتحرير سيناء الغالية يحتفل به الشعب المصرى والقيادة السياسية وتعم الفرحة البلاد بالكرامة، واستعادة ذكرى انتصارات الجيش المصرى، ويصبح هذا اليوم إجازة رسمية، يتغنى فيها المصريون بالأغانى الوطنية المحملة البهجة والسرور والكرامة والكبرياء، والفخر ببطولات رجال الجيش المصرى.

أما ما يميز أو يعيد إلينا ذكرى أرض سيناء وتاريخها العريق وضرورة الحفاظ عليها، فهو موقف شجاع ووطنى من الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى أعلن للعالم أجمع ومنذ بدء طوفان الأقصى فى فلسطين فى ٧ أكتوبر الماضى ٢٠٢٣ أن سيناء أرض مصرية، وهى خط أحمر ولا مساس بها، وذلك الموقف الواضح للعالم كان على إثر محاولة إسرائيل، بدعم أمريكى سافر وبجنون سفاح العصر الحديث نتنياهو، تنفيذ مخطط صهيونى سرى، انكشف ورفضه الرئيس السيسى ومن ورائه الشعب المصرى أجمع، ألا وهو محاولة طرد الفلسطينيين من غزة ورفح إلى سيناء.

وهكذا فإننى أحسست بأن عيد تحرير سيناء، الذى احتفلنا به منذ أيام، كان فى تقديرى يحمل مغزى يجمع بين الإحساس بالكرامة، وغلاوة الأرض والعرض، مصحوبًا بالفخر بالجيش المصرى حامى الأرض والعرض، والفرحة بتنمية وبناء أرض سيناء الغالية بمشروعات تنموية عملاقة يتم حاليًا إنجازها بأيادٍ مصرية، وتتم حمايتها والدفاع عنها بأبطال مصريين من رجال الجيش المصرى، فهم خير أجناد الأرض وأشرفهم، وبصمود وقوة شعب مصر وقيادته، إيمانًا منهما بأنه لا مساس بشبر من الأرض المصرية، وأن أرض مصر الحبيبة خط أحمر، فنحن- المصريين- شعب لا يرضى إلا بالكرامة والبناء والصمود على مدى تاريخنا العريق العظيم، والأرض بالنسبة للمصرى والمصرية هى العرض.