رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر.. والبوسنة والهرسك

لجمهورية «البوسنة والهرسك» مجلس رئاسى، يضم ثلاثة أعضاء يتناوبون رئاسته، بشكل دورى، كل ثمانية أشهر، ويرأسه حاليًا دينيس بيتشيروفيتش، الذى زار القاهرة، أمس الإثنين، فى أول زيارة على هذا المستوى الرفيع من الدولة الصديقة، منذ حوالى ١٤ سنة. وأسعدنا أن يؤكد، خلال المؤتمر الصحفى المشترك مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، أن بلاده «تكن كل الاحترام والتقدير لمصر، باعتبارها زعيمة العالم العربى والإفريقى، ودولة مهمة فى الشرق الأوسط وحوض البحر المتوسط».

متغلبًا على «بكر عزت بيجوفيتش»، الذى كان يسعى إلى الفوز، مجددًا، بمقعد المسلمين، أو البوشناق، خلفًا لـ«شفيق جعفروفيتش»، فى المجلس الرئاسى، فاز «بيتشيروفيتش»، Denis Becirovic، بهذا المقعد، خلال الانتخابات، التى جرت فى أكتوبر ٢٠٢٢، لاختيار أعضاء المجلس الثلاثة، الذين يمثلون البوشناق والكروات والصرب. وبعد شهرين تقريبًا، وافق قادة الاتحاد الأوروبى على أن تصبح البوسنة والهرسك مرشحة رسمية للانضمام إلى التكتل، ثم قرّر «المجلس الأوروبى»، أواخر الشهر الماضى، أن يفتح باب المفاوضات بشأن هذا الانضمام. ولأن بدء المفاوضات يمثل إحدى أهم خطوات الحصول على العضوية الكاملة فى الاتحاد الأوروبى، قدَّم الرئيس السيسى التهنئة لضيفه، وللشعب الصديق، على هذه الخطوة المهمة، متمنيًا التوفيق والتقدم على هذا المسار المهم لمستقبل البلاد. 

فور تفكك الاتحاد اليوغسلافى السابق، سنة ١٩٩٢، كانت مصر من أولى الدول التى اعترفت باستقلال البوسنة والهرسك، وأقامت معها علاقات دبلوماسية. ثم أسهمت «الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية»، فى عملية إعادة الإعمار بأبعادها المختلفة، بعد أن شاركت مصر فى عملية حفظ وبناء السلام بالدولة الصديقة، التى أنهت فى نوفمبر ١٩٩٥، حربًا استمرت حوالى ثلاث سنوات وكادت تمزّق البلاد. 

تأسيسًا على ذلك، أكد الرئيس السيسى، خلال المؤتمر الصحفى المشترك، موقف مصر الراسخ الداعى إلى احترام سيادة ووحدة أراضى البوسنة والهرسك، واستعدادنا للتعاون مع مختلف مكونات المجتمع بالدولة الصديقة، بالشكل الذى يحقق الاستقرار والتنمية فيها. وفى المقابل، أعرب «بيتشيروفيتش» عن «بالغ وخالص الشكر والتقدير للرئيس السيسى شخصيًا، وللشعب المصرى الصديق على كل ما تلقته البوسنة والهرسك، إلى الآن، من مساعدات مصرية». وهنا، قد تكون الإشارة مهمة إلى شفيق جعفروفيتش، رئيس المجلس الرئاسى السابق، كان عبّر، مرارًا، عن اعتزاز البوسنة، على المستويين الرسمى والشعبى، بالدور الذى قامت به مصر لتحقيق الاستقرار والسلام فى البلاد.

المهم، هو أن رئيس المجلس الرئاسى الحالى لجمهورية البوسنة والهرسك، زار القاهرة، أمس الإثنين، واستقبله الرئيس السيسى، فى قصر الاتحادية، وعكست مباحثات الرئيسين رغبة مشتركة فى تعزيز العلاقات الثنائية، وحرصًا متبادلًا على تعميق وتطوير كل أشكال التعاون، القائمة بين البلدين. إذ جرى خلالها استعراض جهود تعزيز التعاون الاقتصادى والتجارى والاستثمارى، وتأكيد الاهتمام المشترك بضرورة استخدام آليات التعاون وتطويرها، بما فى ذلك تفعيل «اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادى والعلمى والفنى» لدفع جهود تعزيز التبادل التجارى. إضافة إلى ترحيب الرئيسين بالعمل على تعزيز التبادل السياحى، من خلال إطلاق خط طيران مباشر من بعض المدن البوسنية إلى مدينة الغردقة.

عكست المباحثات، أيضًا، تقاربًا فى وجهات النظر حول مجمل القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، حيث توافق الرئيسان على ضرورة بذل كل المساعى نحو تهدئة التوتر الإقليمى، وتحقيق الاستقرار فى الشرق الأوسط، إضافة إلى أهمية تكاتف الجهود الدولية، لتحقيق الوقف الفورى لإطلاق النار فى قطاع غزة، وإنفاذ المساعدات الإغاثية إلى كل مناطق القطاع، مع الانخراط الجاد والفورى فى مسارات التوصل لحل سياسى عادل ومستدام للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، ذات سيادة، على خطوط الرابع من يونيو ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية.

.. وتبقى الإشارة إلى أن الرئيس السيسى، الذى حرص منذ توليه الرئاسة، على تعزيز العلاقات بين البلدين، فى جميع المجالات الممكنة، وأعرب عن تطلعه إلى تلبيه الدعوة، التى تلقاها من «بيتشيروفيتش» لزيارة البوسنة والهرسك، فى أقرب فرصة ممكنة، لمواصلة العمل على ترفيع العلاقات بين البلدين الصديقين.