رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سلوكياتنا أثناء وبعد ثورة 25 يناير


لا صوت يعلو فوق صوت الثورة وأهدافها ودستورها.. الجميع يضرب كفاً بكف.. الجميع يسأل: إلى أين نسير؟

حاولت الكتابة عن هموم الوطن والمواطن بعد ثورة عظيمة قامت ضد الفساد والفاسدين.. حاولت مناشدة شرفاء بلدى ـ و«هبيشتها» كمان ـ أن يراعوا الفقراء والمرضى والشباب الضائع البائس الذى يلقى حتفه طواعية فى عرض البحار بحثاً عن فرصة عمل فى بلاد «الفرنجة».. حاولت مناشدة رئيس الجمهورية أن يكشف السر عن عدم الالتزام بالحدين الأدنى والأقصى للأجور وتحجيم اللصوص والقضاء على ظاهرة مستشارى الوزراء وكبار المسئولين.. حاولت مناشدة «إخواننا» الداعين إلى تطبيق الشريعة السمحاء أن يتمهلوا حتى يتهيأ المجتمع لذلك.. وقبل وبعد ذلك من يا ترى سيطبق الشريعة فى مجتمعنا؟ أهم أمثال هذا الرجل الذى افتى بهدم أبوالهول والأهرامات؟!

حاولت أيضاً طرح ألف سؤال وسؤال على من يدعى حب مصر وهى منه براء.. لكننى أجلت ذلك لكثرة ما كتبت وتأكدت أن الكلمة فقدت معناها ولم يعد لها أى تأثير.. وفضلت إلقاء الضوء على سلوكياتنا بعد الثورة المباركة.. لقد تغير الشعب.. فهناك حالة إحباط ويأس أراها يومياً على الوجوه.. الكل يسأل عن حقوقه المسلوبة التى وعدونا برجوعها.. الكل يسأل عن أهداف الثورة وحق الثوار الذين ضحوا بدمائهم حتى يعيش الشعب حياة كريمة.. الكل يسأل عن سبب تقارب رجال أعمال النظام البائد ونظرائهم من جماعة الإخوان، خاصة فى تلك الزيارة التى قام بها الرئيس إلى الصين ومعه المهندس حسن مالك و«حبايبه».

ولعدم وجود إجابة شافية ووافية عن هذه الأسئلة وغيرها.. تغيرت سلوكيات الناس ونسوا أنهم قاموا بثورة.. وأصبح الاتجاه السائد حالياً يتلخص فى حكمة قديمة كنت أسمعها من البعض: «إن اتخرب بيتك أبوك.. انهض وخدلك منه قالب»!!

وأعتقد أن لسان حال البلد الآن ينطبق على المثل السابق.. ودليلى على ذلك الأسئلة لا تنقطع فى وسائل الإعلام عن مصير اللصوص والأموال التى نهبوها.. وعن الآثار التى هربت خارج البلاد دون أمل فى رجوعها وعن خروج المتهمين من قضية قتل الثوار وعن أرض الدولة التى اشتراها مستثمرون أجانب ومصريون بملاليم!!

لكل ما سبق.. تغيرت سلوكيات الناس.. ومن هذه السلوكيات التى أبكتنى بعض المواقف التى شاهدتها بأم عينى فى مترو الأنفاق، ومنها على سبيل المثال لها الحصر: امرأة تتعدى السبعين من عمرها تقف وسط عربة مملوءة بالشباب والرجال دون أن يقف لها أى منهم ليجلسها.. ومشهد آخر لامرأة حامل تنظر شمالاً ويميناً ليتعطف عليها أى راكب ويجلسها لكن دون جدوى، ومشهد ثالث لعاجز يمسك بكيس بلاستيك به مناديل يعرضها على الركاب فى تذلل ومهانة.. حالات إنسانية تستحق الدراسة والمساعدة فعلاً.. الغريب أن هذه المشاهد أثناء وبعد الثورة مباشرة كانت تجد قلوباً رحيمة تساعدها.. أما الآن فلا أعرف ما الذى حدث لقلوب وعقول الناس؟.

وعندما أفكر فى هذه الأمور أجد نفسى حائراً تائهاً على مستقبل بلدى.. الجميع يتحدث: فى المواصلات فى الشارع.. على المقاهى.. فى المنازل.. على الفضائيات.. فى الراديو فى الجرائد.. لا صوت يعلو فوق صوت الثورة وأهدافها ودستورها.. الجميع يضرب كفاً بكف.. الجميع يسأل: إلى أين نسير؟

وسط هذه الصراعات تاهت بوصلة الثورة وضاع أمل الشعب فى غدٍ أفضل وجاءت النتيجة عكسية بالطبع.. فهناك من يتهم المجلس العسكرى بأنه سبب المشاكل الحالية.. وهناك من يرى أن الإخوان يسيرون بالوطن إلى المجهول، خاصة فى ظل التقارب القطرى ـ الأمريكى مع مصر حالياً وأصبح الشعب يترقب ما ستسفر عنه الأيام المقبلة؟.

وبايجاز.. أريد أن أسأل الدكتور هشام قنديل ـ رئيس وزراء مصر ـ عن دفاع حكومته المستميت ضد مصالح الشعب فى قضايا مهمة منها منجم السكرى وأيضاً المصرية الكويتية وبصراحة أنا لا أفهم هذا المنحى.. وأرى أن الوضع الراهن لا يختلف فى أى شىء عن عصر مبارك.. إذن كيف لموظف فى جهة «ما» أن يتقاضى ملايين الجنيهات فى حين يتقاضى آخر ملاليم.. هل هذا هو العدل الذى وعدنا به الدكتور مرسى؟؟ ثم ما سبب الدعم الذى تقدمه الحكومة للمستثمر الأجنبى الذى يصدر منتجه للخارج ويربح المليارات دون أن نستفيد منه بأى عائد على الإطلاق سوى تشغيل عدد هزيل من العمال؟

تلخيصاً.. أتمنى من الدكتور هشام قنديل والدكتور محمد مرسى أن ينصتا لصوت العقل والحق من أهله.. وأطالبهما بأن يناقشا رجلاً بعلم الخبير الاقتصادى أحمد السيد النجار وغيره من المخلصين حتى يطلعوا على حجم وكم المآسى التى تتعرض لها مصر.. لقد تابعت هذا الرجل الوطنى طوال السنوات الماضية.. وعلمت منه حقائق ونصائح لو عمل بها النظام البائد لما وصل إلى هذه النهاية المؤسفة.. فهل هناك أمل فى الاستعانة بأهل الخبرة أمثال «النجار» وغيره.. حتى ننفذ ما يمكن انقاذه أم ستغلق الآذان حتى نجد أنفسنا فى خبر كان؟!

■ كاتب صحفى

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.