رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى زيارة القدس


أثار موضوع ذهاب بطريرك الأقباط إلى القدس لرئاسة صلوات تجنيز مطران القدس الأنبا أبراهام جدلاً واسع النطاق بين مؤيد للزيارة ومعارض لها، وكلا الرأيين مستند إلى خلفية مخالفة للحقيقة. أقول إن رأى الكنيسة فى منع الأقباط من زيارة القدس – بينما مُصرح للأقباط المقيمين ببلاد المهجر بالزيارة – أمر غير صحيح وفيه خلط بين السياسة والدين. كيف أعتبر الشخص الذى يذهب لزيارة الأماكن المقدسة التى عاش فيها السيد المسيح منذ 21 قرناً – لفترة 33 عاماً – يقوم بتطبيع مع العدو الإسرائيلى؟ متساوياً فى ذلك مع الشخص الذى يذهب بغرض السياحة أو المعاملات التجارية!! لماذا هذه القيود على فقراء الأقباط بمصر، بينما القيود مرفوعة عن أغنياء الأقباط المقيمين بالخارج؟ لماذا ذهب مطران الجيزة الأنبا دوماديوس – فى حبرية البابا شنودة الثالث – وكان مريضاً واصطحبه فى ذلك أحد الأساقفة المساعدين له؟

بينما القبطى الفقير المحتاج لهذه الزيارة يتم منعه؟ وأذكر واقعة حدثت نحو عام 1996 عندما ذهب أحد أعضاء المجلس الملى السكندرى إلى القدس وكان طبيباً، وقال له النائب البابوى – فى ذلك الوقت – إذا سألك البابا شنودة عن سبب الزيارة، اذكر له السبب حضور مؤتمر علمى!! هكذا كانت ومازالت تُدار الأمور. حتى فى فترة عيد القيامة الماضى ذهب أحد أعضاء المجلس الملىالسكندرى – وهو من المقربين إلى البطريرك – لزيارة القدس وتم نشر صور هذه الزيارة على المواقع الإلكترونية ولم يحدث شىء؟ لماذا هذا التمييز؟ ولماذا هذه المخالفات إن كان هناك التزام بقرارات مجمع الأساقفة.

أنا لا أرى فى زيارة البطريرك للقدس أى مخالفة ولا بها تطبيع طالما الزيارة بغرض أداء واجب العزاء – كما قيل - مثلما لا أرى أنه فى زيارة أى شخص للقدس بغرض زيارة الأماكن المقدسة والتبرك بالأماكن التى عاش فيها المسيح بها تطبيع أو مخالفة لقرارات مجمع أساقفة الكنيسة.

وفى الآونة الأخيرة نظم العديد من شركات السياحة وبعض الكنائس الكاثوليكية رحلات لزيارة القدس، وذهب الآلاف من الأقباط الأرثوذكس – وهذا من حقهم – للقدس دون أن يعترضهم أحد، بل لم يعترضهم أحد من رجال الكنيسة بالقدس، وعندما عادوا تحدثوا عن روعة الأماكن التى قاموا بزيارتها وحثوا الآخرين على زيارة تلك الأماكن. أقول أكثر من ذلك، إن للكنيسة القبطية فى القدس مدارس تابعة لمطرانية الأقباط الأرثوذكس وكثير من المدرسين الأقباط يتوجهون إلى تلك المدارس – على سبيل الإعارة – ويقيمون هناك للعمل لفترة معينة لعدة سنوات. وفى تلك الفترة لهم تعاملات مع الفلسطينيين واليهود بطبيعة الحياة اليومية، بدون أدنى مشاكل، طالما أنهم مبتعدون عن مناطق التوتر والأشتباكات. أقول أيضاً إن ذهاب الأقباط أو عدم ذهابهم لن يحل المشكلة الفلسطينية المتشابكة الأطراف، فهناك دول عديدة متداخلة فى المشكلة ولها مصالح شخصية. فما دور الأقباط فى تلك المشكلة السياسية البحتة؟

لكن السؤال الآن: لماذا تمت الزيارة قبل موعد صلوات التجنيز بثلاثة أيام؟ كان بالأولى التوجه إلى القدس يوم الصلاة والعودة فوراً!! لكن للأسف كان السبب هو التحفظ على أملاك المطرانية والتشاور فى اختيار مطران آخر وكان لا يجب أن يتم ذلك، بينما المطران الراحل العظيم مازال على فراش الموت!! الجانب الإنسانى اختفى.