رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الإسكندرية بلا أسقف!!


سبب متاعبنا هو الجهل بالقوانين، وإخفاء القوانين عن الشعب صار أمراً مُتعمداً حتى لا تنفتح أعين الشعب على الحقيقة. أكتب هذا فى قضية مهمة تخص الكنيسة القبطية بصفة خاصة وتهم بعض المفكرين من المصريين بصفة عامة. فمن المعروف – وللأسف لم يصبح معروفاً عند قطاع كبير من الشعب سواء شيوخاً أو شباباً – أن «البابا البطريرك» لقب (وليس درجة) يُطلق فقط على أسقف الإسكندرية، وأيضاً يُطلق على أسقف روما وأسقف القسطنطينية وأسقف أنطاكيا.. إلخ، لأن تلك الكراسى الرسولية – التى أسسها آباء رسل – لها مكانة خاصة عن بقية الأيبارشيات المختلفة. ومن المعروف تاريخياً أن أسقف الإسكندرية هو أول من حمل لقب «بابا وبطريرك» وكان ذلك فى القرن الثالث الميلادى.

فجميع المجامع المسكونية والقوانين الكنسية منعت انتقال أسقف من إيبارشية إلى إيبارشية أخرى وبالتالى لا يجوز انتقال أسقف أو مطران من إيبارشيته إلى إيبارشية الإسكندرية. لكن حدث فى عام 1928 أن تمت إقامة الأنبا يؤانس مطران البحيرة بطريركاً باسم البابا يؤانس 19 ( 1928 – 1942) البطريرك 113مخالفة لقوانين الكنيسة. واستمرت تلك المخالفات فى البطريرك 114 و 115 حتى عام 1959 حينما التزمت الكنيسة بالقوانين الكنسية – بسبب حكمة وحزم القائمقام فى ذلك الوقت حينما أصر على اقتصار الترشح على الرهبان فقط. وكانت نعمة الله على الكنيسة وعلى مصر أن يتم اختيار الراهب العابد الناسك القمص مينا البراموسى المتوحد ليكون أسقفاً على الإسكندرية ومن ثم حمل لقب البابا كيرلس السادس (1959 – 1971) البطريرك 116، فكان جديراً باختياره أسقفاً لأعظم كرسى وهو كرسى الإسكندرية.

ابتدعوا بعد ذلك لقب «أسقف عام» مع أنه فى العمل الرعوى لا يوجد ما يُسمى بهذا الاسم، لأن أسقفاً معناه يرعى شعباً، أى يكون له إيبارشية يهتم بها ويُدبر أمورها. حدث فى عام 1962 ثم 1967 أن أنشأ البابا كيرلس السادس أسقفيات عامة (الخدمات، التعليم، البحث العلمى) وخصص لكل أسقفية منهم أسقفاً يدبرشئونها، فلم يكونوا أساقفة عموميين بل أساقفة لهم إيبارشية خاصة يهتمون بتدبيرها. حدث بعد ذلك أن أسئ فهم ما فعله البابا كيرلس السادس فتمت سيامة عدد كبير من أساقفة عموميين ليس لهم شعب. هؤلاء فى قوانين الكنيسة ليس لهم وجود ولا يحق لهم الترشح لكرسى الإسكندرية.

جميع إيبارشيات (محافظات) مصر بها أب أسقف أو مطران يهتم بها ويرعاها بالأبوة وقد تمت إقامته من بين الآباء الرهبان كما هو فى تقاليد الكنيسة والتزم بها الآباء الأمناء على تقاليد كنيستهم العريقة. ومن هنا من يُقام من غير الآباء الرهبان لا يُعتبر أسقفاً على الإسكندرية ولا يحق له أن يحمل لقب «بابا وبطريرك». ومن العجب أن أحد المسئولين – غير العارفين بقوانين الكنيسة وتقاليدها وطقوسها يصرح قائلاً: (علينا أن نترك الأفكار التقليدية القديمة ونتطور)!! إنه من العبث أن يكون التطور الهدام المزعوم على حساب التقاليد التى استقرت فى الكنيسة والتزم بها الآباء على مر العصور. وأيضاً من العبث أن يُقام علىالإسكندرية أسقف عام ليدبر أمورها بالمخالفة لتقاليد الكنيسة، وهناك حرومات موجودة فى تاريخ الكنيسة لمن يخالف قوانين المجامع المسكونية. إنه الجهل الذى أصاب الكنيسة!!