رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الفائز الحقيقى فى مباراة السوبر


فازت المحبة وانهزمت البُغضة، فازت المحبة وانهزمت الـ «أنا»، فازت المحبة وانهزمت الغطرسة، فازت المحبة وانهزم الشر. ومن تدابير الإله محب البشر الصالح أن يحدث هذا قبل ساعات من الانتخابات البرلمانية لنهنىء الفائز ونشد من أزره، ونشد على يد الخاسر ولا نستفزه ونتمنى له التوفيق وتكون له آراء بناءة من أجل رفعة الوطن وصموده أمام وجه الشر والأشرار والمُخربين.

لكن هل عدو الخير يقف صامتاً أمام حالة المحبة السائدة بين الجميع؟ لا يمكن، لأن هذا عمله أن ينشر الشر والبُغضة والخلافات بين الأحباء. ففى الدقيقة 77 «ومتبقى 13 دقيقة من عمر المباراة» يقوم أحد لاعبى النادى الأهلى بحركة طفولية خائبة أثارت لاعبى الفريق الآخر وتدخل الاحتياطيون وتشابكت الأيادى وأمام هذا المنظر المرفوض أخلاقياً وكروياً اضطر الحكم الإسبانى ومساعداه إلى مغادرة الملعب إلى غرفة تغيير الملابس. وهنا بدأت مباحثات رئيسى الفريقين مع الحكم للعودة إلى المباراة وبتعهد على ألا يحدث ذلك الأمر مرة أخرى. وفعلاً عادت المباراة، وهنا تجلت حكمة المدير الفنى لفريق النادى الأهلى الكابتن عبد العزير عبدالشافى – الإنسان الراقى أخلاقياً – فى استبدال اللاعب الذى تسبب فى المشكلة حتى لا يكون أحد مصادر الاحتكاكات المستقبلية، على الرغم من أن الفريق كان فى احتياج لمجهوداته الوفيرة لصغر سنه وحماسه فى الملعب. لكن الأخلاق أولاً.

وبعد نهاية المباراة بدأت ملامح المودة بين رئيسى الناديين العريقين وعادت مياه المحبة والتسامح إلى مجاريها. عادت المودة بين المهندس والمستشار، وكانا على منصة التتويج كأسدى مصر يقدمان صورة جميلة للمحبة الحقيقية حتى إن سيادة المستشار استقبل لاعبى فريق النادى الأهلى بالأحضان والقُبلات – وربما مع بعض المداعبات المُضحكة لإزالة التوتر – واختص بالأكثر لاعبى النادى الأهلى الذين كانوا يوماً مع فريق الزمالك. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن سيادة المستشار أعلن أنه سيذهب لمقر النادى الأهلى للتهنئة بحصوله على كأس السوبر والروح العالية التى ظهر بها أفراد الفريق، وربما سيذهب المستشار ومعه أفراد مجلس الإدارة وتكون جلسة مودة ومحبة وتصاف واحترام متبادل مع التمنيات بالتوفيق للمجتهد دون أى تشكيكات ولا مجادلات ولا توجيه إتهامات. فى مناخ المحبة الحقيقية تنصلح أحوالنا. وأعتقد شخصياً أن تلك الصورة الرائعة التى ظهر عليها سيادة المستشار – وأعتقد أيضاً أنها صورة صادقة – ستكون أكبر دعاية له فى الانتخابات البرلمانية المُقبلة، فلم يعد فى احتياج لأى دعاية انتخابية لأنه قدم صورة حقيقية وصادقة لما يجب أن يتحلى بها المسئول.

التنظيم الرائع الذى كانت عليه المباراة من استاد يليق بعظمة الإماراتيين المحبين لمصر، للالتزام الجماهيرى فى المباراة بتحضر شديد. يكفى أننا لم نشاهد ألعاباً نارية مثيرة للمشاكل. فعلى اتحاد الكرة المصرى – وبقية الاتحادات – وأيضاً وزارة الداخلية أن يستوعبوا تلك الدروس الراقية، وعلى جماهير الكرة المصرية أن تنبذ التعصب وتقوم بتشجيع اللعب الجيد وتساند فرقها الرياضية وهى فى محنتها دون تعصب ولا تشنج. المحبة لا تسقط أبداً.