رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أزمة البوتاجاز.. والدعم النقدى


كيف سمحت الدولة لوزير التموين بالتضحية بكوبونات الخبز التى كلفتها نحو 80 مليون جنيه مصرى ألقيت فى القمامة بدلاً من الاستفادة بها أولاً قبل التحول إلى سياسات البطاقات الغبية دائمة العطل.

تعليق على «الفيس بوك» أضحكنى كثيراً بأن الدولة سوف تضع «الفيس بوك» والإنترنت على بطاقة التموين وتحدد لكل مشترك عدداً من اللايكات والتعليقات والشيرات ومن يتخطاها يدفع مبالغ مضاعفة. يأتى هذا الأمر تهكماً على سياسات وزير التموين بوضع الخبز على البطاقة ثم السلع التموينية وأسطوانات البوتاجاز ثم البنزين والسولار، والتلويح بدراسة وضع السجائر أيضاً على البطاقة التموينية!! فهل لهذا مثيل فى أى دولة فى العالم؟ وهل سنصبح شعباً للكروت!! ما تعلمناه وندرسه هو أن الدولة تضع سياسات لرفع الدعم تدريجياً على عدة سنوات تزيد فيه الأسعار بمعدل 20% سنوياً للبوتاجاز والبنزين والسولار حتى تصل إلى السعر العالمى والأفضل أن تصل إلى سعر التكلفة المحلية حتى لا تكون مطالبة فى المقابل بأن تصل بمعدلات الأجور والدخول إلى المستويات العالمية. بعض الأمور أصبحت مهيأة تماماً للتحول إلى الدعم النقدى بدلاً من عمل وزير التموين بكل جهد وإخلاص لصالح الغرفة التجارية وتجارها، فإذا كانت بطاقة السلع التموينية قد حددت للفرد 15 جنيهاً شهرياً فالأمر الجدى للدولة أن تقوم بصرف هذا المبلغ لأصحاب البطاقات التموينية بحد أقصى خمسة أفراد وأن تترك لهم الخيار فى الشراء من الأماكن التى تتناسب مع دخولهم وبعيداً عن أسعار وزير التموين الأعلى من محلات نصف الجملة والبقالة.

مثال على ذلك أن كيلوجرام السكر كان يباع فى المجمعات التعاونية بسعر 4.25 جنيه بينما يباع على بطاقة التموين بسعر 4.75 جنيه، وبدلاً من أن يقوم الوزير بتخفيض سعر سكر البطاقات ليتساوى مع سعر السكر الحر قام برفع سعر السكر الحر بالمجمعات ليتساوى مع سعر سكر التجار بعكس استراتيجية كون المجمعات التعاونية للدولة هى ذراعها لضبط الأسعار بل وأصبحت تسير الآن فى أتجاه التخديم على التجار بما حذا ببعض محال نصف الجملة برفع أسعارها أيضاً خاصة وقد أقترب الشهر الفضيل لذروة استهلاك الغذاء فى مصر. نفس الأمر ينطبق أيضاً على بطاقات الخبز والتى حددت دعماً مقداره جنيه ونصف للفرد يومياً كفرق سعر للرغيف غير المدعم والذى تسبب أيضاً فى رفع أسعار الرغيف الحر للرصيف بنسبة 50% بعد أن سعرته وزارة التموين بسعر 35 قرشاً لصالح التجار بينما كان سعره الحر 25 قرشاً فقط بما حذا بالتجار برفع سعر الرغيف الحر للتخديم على رجلهم فى وزارة التموين.

عموماً الدعم للفرد بهذه الطريقة يصل إلى 45 جنيهاً شهرياً ويمكن أن يصرف أيضاً نقدياً بحد أقصى خمسة أفراد للبطاقة ليعود سعر رغيف الرصيف إلى الانخفاض بعد أن تتنافس المخابز على استقطاب الزبائن بالسعر الأقل وبذلك تتحول الدولة إلى سياسات الدعم النقدى. وبهذه المناسبة لا ندرى كيف سمحت الدولة لوزير التموين بالتضحية بكوبونات الخبز التى كلفتها نحو 80 مليون جنيه مصرى ألقيت فى القمامة بدلاً من الاستفادة بها أولاً قبل التحول إلى سياسات البطاقات الغبية دائمة العطل، والحل أن يتم الاستفادة بها حالياً فى المحافظات التسع التى لم يتم تطبيق منظومة البطاقة الغبية بها، أو أن يتم تحويلها إلى كوبونات لأسطوانات البوتاجاز مؤقتاً إلى أن يتم الاتفاق على سعرها الحر ثم صرف البديل النقدى أيضاً للأسر المستفيدة لترفع الدولة يدها من عملية الدعم والرقابة والتوزيع بل وقد يصل الأمر إلى إلغاء وزارة التموين وتحويل أمر الدعم النقدى إلى وزارة المالية لتحويل مبالغ الدعم إلى مكاتب البريد أو لمحال البقالين التموينيين لمن يريد أن يشارك فى تسليم الدعم النقدى لمستحقيه وليتنافس مع محلات نصف الجملة فى تخفيض أسعار بضائعه التموينية لصالح المستحقين حتى لا يذهبوا إلى غيره بحثا عن الأسعار الأقل. لأول مرة فى تاريخ مصر يأتى علينا شهر مارس وينقضى وما زالت أزمة أسطوانات البوتاجاز قائمة، فلم تمتد الأزمة سابقاً لأكثر من شهر واحد.

ولكن مع الوزير الحالى استمرت لثلاثة أشهر متتالية فى حدث لم يتكرر فى مصر أبداً بسبب انعدام الرقابة المنوطة بوزارة التموين لأن صالح المستودعات يهم الوزير أكثر من صالح الفقراء لذلك لم يكن من المستغرب أن نشاهد رئيس الوزراء بنفسه ولثلاث مرات يمر على مستودعات البوتاجاز، بينما لم يمر وزير التموين إلا لمرة واحدة جاءت فضيحة بعد أن ادعى لسيدة من الفقراء تعانى من دعمه للتجار ضد الغلابة بأن الأسطوانة متوفرة بثمانية جنيهات فأعطته عشرة جنيهات أمام الكاميرات وطلبت منه توفير الأسطوانة لها فبهت الذى حاول اشتغال العامة. التحول للدعم النقدى أصبح لصالح الفقراء وحماية لهم من وزير الغلاء والتجار لتنضبط بعده السوق المصرية.