رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أنقذوا الأرض الزراعية من أصحاب «الكروش» العفنة «1-2»


كتبت هذا المقال منذ عام ونصف العام تقريباً مع تعمد حذف وإضافة مادة بسيطة عليه نظرًا للمستجدات الراهنة.. وأردت نشره اليوم كنوع من البشرى للمواطن بعد أن تحركت الحكومة مؤخراً لاسترداد أجزاء كبيرة من أراضى الدولة.. المقال بدأ بالآتى: «أنا إن قدر الإله مماتى.. لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدى.. ما رمانى رام وراح سليما.. عناية الله جندى».
 من منا لم يستمتع بهذه الكلمات الرائعة
لكوكب الشرق وسيدة الغناء العربى أم كلثوم؟.. لقد سمعت هذا الصوت الملائكى أثناء سفرى من القاهرة إلى المنصورة فى سيارة بيجو سبعة راكب.. وفى منتصف الطريق وقف السائق عند مدينة كفر شكر بعد أن استأذن الركاب فى الاستراحة على مقهى لمدة 15 دقيقة.. وأوقعنى حظى العثر أن أجلس بجوار رجلين اتضح أنهما من لصوص الأراضى الزراعية.. الأول يدعى الحاج سامى - 60 سنة - تقريبا والثانى يدعى المعلم عماد - 55 سنة - على أكثر تقدير.

ونظرا لأهمية وخطورة حديثهما.. وجدت فضولى الصحفى يطغى على طباعى وعاداتى وتقاليدى فى التنصت على الرجلين.. فقال سامى لعماد إنه ربح حوالى ثلاثة ملايين جنيه خلال العامين الماضيين من تجارة الأراضى الزراعية التى اشتراها و«سقعها» ثم باعها مبانى بعد أن قام بتقسيمها إلى قطع وشوارع.. وهنا نظر إليه عماد وقال: اللهم لا حسد ياحاج سامى.. بس الناس اللى اشتروا منك الأرض.. هيقدروا يبنوا عليها ويدخلوا لها كهرباء وصرف صحى ومياه رغم علمى بأن هذه الأرض خارج كردون المبانى؟!.. فرد عليه سامى قائلا: شوف يا معلم عماد.. كل شيء النهاردة بيمشى بالفلوس.. الولاد بتوع مجلس المدينة والكهرباء والمياه والتليفونات دول أولادنا ولا يمكن أن يرفضوا لنا أى طلب.. وكل قطعة أرض بعتها ساعدت صاحبها فى كل هذه الخدمات.

وهنا علق عماد قائلا: والله عندك حق.. الفلوس النهاردة أصبحت كل شيء ياحاج.. معاك قرش تساوى قرش واللى ما معهوش ما يلزموش.. أثناء حديثهما أخرج عماد هاتفه المحمول ونظر إليه والسعادة تعتلى وجهه.. وبسرعة البرق أجاب: نعم يا باشا.. سعادتك تأمرنى.. عندى طلبك ولا تحمل هم.. فيه قطعة أرض مساحتها خمسة أفدنة إنما إيه.. حاجة مخصوص لك يا باشا واعتبرهم بتوعك خلاص.. وتابع عماد: شوف يا باشا.. الأرض دى إحنا «مسقعنها» من سنتين.. يعنى جاهزة لأى مشروع استثمارى بس سعادتك تدفع فلوسها وتكتب عقدها وتوثقه وبعد كده بفلوسك هتخلص أى إجراءات سعادتك عاوزها.. وبعد أن أنهى عماد مكالمته.. سأله سامي: مين الزبون «السقع» ده يا معلم؟.. فرد عماد عليه: ده واحد من اللى سافروا للخارج وعلى صلة وطيدة بأمراء دويلة قطر.. ناوى يعمل مشروع على الطريق السريع ما بين القاهرة والإسكندرية مثل سلسلة المطاعم الأمريكانى.. و«مول» كبير وفندق خمس نجوم كمان.

وأثناء متابعتى لهذا الحوار «الكارثي» فوجئت بصوت السائق ينادينى ويتعجلنى بالركوب حتى نكمل مشوارنا وقبل أن أغادر المكان نظرت للحاج سامى والمعلم عماد فى سرى وقلت.. الله يخرب بيوتكم يا أولاد الـ «.. .. » ثم ركبت السيارة واستكملت طريقى.. ومنذ هذا الموقف ظل فكرى شاردا ونفسى تحدثنى عن الخراب والدمار والاغتصاب والسرقة التى تعرضت وتتعرض لها الرقعة الزراعية على يد هؤلاء اللصوص ومن على شاكلتهم.. وطرحت على نفسى السؤال التالي: أين المسئولون من هذه الجرائم التى تحدث عينى عينك؟ ثم رجعت بذاكرتى إلى العهد البائد وتذكرت كيف نهب رجال مبارك وعصابة ابنه أراضى الدولة الزراعية والصحراوية بنفس الأساليب القذرة.. وخير شاهد على ذلك سرقة 26 ألف فدان من أجود الأراضى الزراعية فى منطقة العياط، مضافاً عليها أكثر من 13 ألف فدان أخرى بوضع اليد لنفس الشخص.. هذه المساحة الكبيرة استولت عليها الشركة المصرية- الكويتية بملاليم فى خلسة من الزمن عام 2006.. فى عهد مبارك وبمساعدة قامات كنا نظنها وطنية.. لكن واحسرتااااه.. وللحديث بإذن الله بقية غداً.