رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحماية الدستورية والقانونية لحقوق الطفل


لاحظنا كثيراً ــ سيما هذه الأيام ــ جرائم عنف واعتداءات على الأطفال، وقد تنتهى بإصابتهم بأضرار بالغة «جسمانية ونفسية» بل ومنها ما تنتهى بوفاة الطفل نتيجة تعذيبه وضربه ــ وما أحزننا ــ أن يكون الجانى من أصول الطفل والمتولين تربيته سواء أكان الأب أو الأم، أو الوصى على الطفل وغيرهم، بل قد وصل الأمر إلى دور الرعاية الاجتماعية تحت ما يسمى دار الأيتام الخاصة مما يؤدى إلى إهدار مصالح الطفل الفضلى، وهى كلها فى مجملها جرائم ليست ضد الطفل قط، بل ضد الإنسانية كلها وتحرمها جميع الشرائع السماوية، وقد بادرت الأمم المتحدة بإبرام الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وحقوق الطفل لوضع حد لحماية الطفل وحقوقه وحمايته من جميع أشكال العنف منها إعلان جنيف لحقوق الطفل الذى صدر عام 1924 وإعلان حقوق الطفل الذى اعتمدته الجمعية العمومية للأمم المتحدة سنة1959 والمعترف به فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان والعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واتفاقيات منظمة العمل الدولية، وقد كفلت الدساتير المصرية السابقة حقوق الطفولة، وكان آخرها وأفضلها الدستور الحالى فقد نصت المادة 80 منه على التزام الدولة بكفالة الطفولة ورعايتها وحمايتها من جميع أشكال العنف والإساءة والاستغلال الجنسى والتجارى والعمل على تحقيق المصلحة الفضلى فى جميع الإجراءات حياله.

كما اتخذت الدولة التدابير التشريعية والإدارية اللازمة حيال حماية الطفولة، حيث صدر قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 والقانون المعدل له رقم 126 لسنة 2008 لحماية الطفولة من جميع أشكال العنف، والإساءة والاستغلال الجنسى والتجارى ومحاولة تحقيق المصلحة الفضلى للطفل فقد رفع فيه سن الطفل حيث اعتبر طفلاً كل من لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره اتساقاً مع المواثيق والاتفاقيات الدولية، وحظر تشغيل الأطفال لمن لم يبلغ الخامسة عشرة من عمره، وعدم تدريب من لم يبلغ الثالثة عشرة من عمره، وحظر تعريض الطفل لأى إيذاء جسدى أو معنوى أو توجيه أى إساءة، إلا أنه من الملاحظ فى هذا القانون أنه لم ينص تفصيلاً على عقوبة محددة فى حق الطفل، بل تركها للقواعد العقابية العامة المنصوص عليها بقانون العقوبات سواء أكانت جرائم ضرب، أو عاهة مستديمة، أو ضرباً أفضى إلى موت أو قتل عمد أو هتك عرض أو اغتصاباً وغيرها من الجرائم.

إلا أن قانون الطفل رقم 126 لسنة 2008 المعدل للقانون رقم 12 لسنة 1996 سلك مسلكاً حميداً بوضعه قيداً قوياً على تلك القوانين العقابية العامة باعتباره قانوناً خاصاً وحيث إن «الخاص يقيد العام» إذ نصت المادة 116 مكرر منه على أن «يزاد بمقدار المثل الحد الأدنى للعقوبة المقررة لأى جريمة إذا وقعت من بالغ على طفل، أو إذا ارتكبها أحد والديه أو من له الولاية أو الوصاية عليه أو المسئول عن ملاحظته وتربيته أو من له سلطة عليه، أو كان خادماً عند من تقدم ذكرهم»، وعليه تلتزم المحاكم بتطبيق تلك المادة التى ضاعفت العقاب حسب نوع الجريمة والحد الأدنى للعقوبة المنصوص عليها بقانون العقوبات.

مستشار بهيئة قضايا الدولة