رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وزير التموين يستخسر فينا القمح المصرى ويرفع الأسعار


مسئولون يتفنون فى إيهام القيادات بأمور ليست بصحيحة، ولعل فشل تطبيق منظومتى الخبز والسلع التموينية نموذج لسوء الاختيار وسوء التصرف فى مقدرات شعب وحياة الفقراء

فى الوقت الذى ترفض روسيا تصدير قمحها من الدرجة الأولى والثانية لأن شعبها أولى به وتسمح فقط بتصدير الدرجات من الثالثة إلى الخامسة، يخرج علينا وزير التموين ليبشرنا عبر الصفحة الأولى لصحيفة «الأهرام» بأنه سيتم فرز القمح المصرى إلى قمح الدرجة الأولى والثانية والثالثة وسيتم تصدير قمح الدرجة الأولى ونستورد بدلاً منه قمح الدرجة الثانية التى يستحقها الشعب المصرى وفقراء الرغيف المدعم لأن قمح الدرجة الأولى خسارة فينا؟!. ويضيف الوزير الألمعى بأن قمح الدرجة الأولى لا يصلح لصناعة الخبز؟ أى أننا وعبر عشرات السنوات الماضية كنا شعباً جهولً نستخدم القمح المصرى فى تصنيع الرغيف بالخطأ لأن الوزير ليس له علم لا بنسبة البروتين فى القمح ولا بالعرق ولا بأصول صناعة الخبز التى لم يدرسها وإنما جاء ليوفر للتجار تجارة مضمونة فى تصدير القمح ثم تجارة مضادة فى استيراد قمح بدلا منه فيزيد من أرباحهم، وسبق لرئيسه أحمد الوكيل فى تصريح سابق أن طلب عدم زراعة القمح فى مصر والاكتفاء باستيراده لتعظيم أرباح التجار المستوردين والتى تبلغ حاليا من القمح 500 مليون دولار سنويا. ما لا يعلمه وزير اللوجيستيات أن القمح المصرى تبلغ فيه نسبة البروتين نحو 14% مقابل 10 – 13% للقمح المستورد، وبالتالى فأطفالنا وفقراؤنا أولى بنسبة البروتين المرتفعة التى تزيد من عرق الدقيق وجودة الرغيف خاصة أن 50% من أطفالنا فى القرى يعانون من الأنيميا وسوء التغذية، وكما وأن أقماح محافظات الصعيد من النوع الصلد الذى يصلح لتصنيع المكرونة والمخبوزات الأفرنجية ولدينا فى مصر مصانع مكرونة وأفران أفرنجية ولا نحتاج لتصديره للخارج، بالإضافة إلى أن هذا لا يعنى أنها لا تصلح لتصنيع رغيف الخبز ولكن وزير التموين يعتبرها خسارة فى الرغيف وبيعها أفضل ثم شراء قمح أرخص. ثم ما الحجم المتوقع من دولة تنتج مابين 5 إلى 7 ملايين طن سنوياً من القمح ولا يورد للدولة إلا 3.7 مليون طن فقط رغم كل التزوير والخروقات التى أرتكبها الوزير فى موسم توريد القمح، فكم نتوقع منها أن تكون أقماح درجة أولى وهارد؟ مليون طن مثلا؟ ما تأثيرها فى حجم تجارة القمح العالمية التى تتراوح بين 120 – 160 مليون طن؟! وهل ستسمح أمريكا وكندا وأستراليا لأى دولة أن تشترى القمح المصرى وبهذه الكمية الضعيفة؟! وما الدولة التى ستجازف بعلاقتها بدولة كبرى من أجل هذا الحجم الضئيل من القمح؟! فالفائض فى بريطانيا والهند كل عام 5 ملايين طن قمح درجة أولى ولا يستطيعون بيعه واضطروا إلى تحويله إلى وقود حيوى، علما بأن القمح الأسترالى أفضل من القمح المصرى ولا تزيد نسبة الرطوبة فيه على 10% مقابل 14% فى المصرى. مسئولون يتفنون فى إيهام القيادات بأمور ليست بصحيحة، ولعل فشل تطبيق منظومتى الخبز والسلع التموينية نموذج لسوء الاختيار وسوء التصرف فى مقدرات شعب وحياة الفقراء. وفى هذا الصدد أحذر وزير التموين الذى تقدم للرئيس بدراسة وضعتها بنفسى عن تحويل الموانئ المصرية إلى مراكز لتجارة وتبادل الحبوب فى العالم نظراً لمركز مصر المتوسط والموانئ الستة المجهزة على أعلى مستوى، وسلمتها لرئيس الوزراء أحمد نظيف ووزير التموين حسن خضر، ولكن الوزير الحالى حصل عليها وينسبها لنفسه وجميع العاملين فى هيئة السلع التموينية يعلمون أنها تخصنى بما يُعد استيلاء على دراسات علمية وعدم نسبها إلى أصحابها.

الأمر الثانى وشديد الخطورة والذى يوضح كيف يتلاعب وزير التموين بالدولة وأجهزتها عبر سلسلة من الأكاذيب والمخادعات، وادعاؤه بأن طلب من التجار عدم رفع الأسعار وأنه خفض الأسعار بالمجمعات التعاونية بنسبة 30% وهذا كذب وأسعار المجمعات مازالت أعلى من محلات نصف الجملة، أما الطامة الكبرى بأنه طلب ضم الشركة القابضة للصناعات الغذائية من أجل السيطرة على ارتفاع أسعار أسواق التجزئة وأن تكون هذه الشركات هى ذراع الدولة لتحجيم الأسعار وجعلها فى استطاعة الفقراء. فقد أصدر الوزير قراراً وزارياً برفع جميع أسعار منتجات شركات «إدفينا» و«قها» والشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية والمنتجة للسلع الغذائية اعتبارا من 2 أغسطس الجارى وبنسبة 40% دفعة واحدة، وقد عرض على شخصى مدير أحد فروع شركة إدفينا بالإسكندرية القائمة الكاملة لرفع الأسعار والتى شغلت نحو عشر صفحات، ومنها رفع سعر برطمان الصلصة الصغير وزن 320 جراماً من 2.5 جنيه إلى 3.5 جنيه!، ورفع سعر علبة العصير من 3.5 إلى 5 جنيهات! والقائمة طويلة وأرجو من الرئاسة الاطلاع عليها وطلب تفسير الوزير الذى يدعى خفضه للأسعار.

■ أستاذ الزراعة - جامعة القاهرة