رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التموين والزراعة.. وإبعاد الغلابة عن حضن الدولة


بدأ بعض ضعاف النفوس من عمال الشركة المصممة للكروت الإلكترونية بالاتصال بأصحاب المخابز والبقالين التموينيين للاتفاق معهم على التلاعب بالماكينات وزيادة أعداد المستفيدين لصالح البقال والمخبز على أن يتم اقتسام هذه الزيادة الحرام بينهما بالتساوى.
حذرنا فى مقالات سابقة من أن وزارتى التموين والزراعة هما الوزاراتان الأهم فى المرحلة الحالية لأنهما مسئولتان عن الغلابة وفقراء البلد سواء غذائيا أو بالعمل فى القطاع الزراعى المنتج الوحيد للغذاء. رأينا كيف ساهم وزير الزراعة السابق فى إبعاد المواطنين عن استفتاء الدستور وتقليل أعداد الناخبين فى انتخابات الرئاسة بسبب التفرغ لإزالة التعديات على الأراضى الزراعية للفلاحين الغلابة فقط دون أثرياء الطريق الصحراوى بما خلق عداوة بجهالة بين ساكنى القرى والحكومة فى ظل فشل السياسات الزراعية المتعاقبة. الأمر نفسه وأخطر منه يكرره الآن وزير التموين وبجهالة أشد خطراً، حيث تلقيت عشرات المكالمات من الأهل والأصدقاء فى الفيوم وأسيوط وسوهاج وقنا وأسوان وأغلب محافظات الدلتا بأنه نتيجة لتقصير وزير التموين والذى يصل إلى حد التعمد بتجويع الفقراء خلال شهر رمضان الذى يصنف كشهر ذروة الطلب الأعظم على الغذاء فإذا بالوزير وبسبب استعجاله وعمله دون خطه لدعم ورعاية الفقراء وهمومه فقط بالعمل لصالح التجار وتقليص الدعم بأى ثمن رغم حرص الحكومة والرئيس على بقاء دعم الغذاء فلم يصرف الوزير للفقراء مخصصاتهم التموينية بينما صرف التجار مستحقاتهم مقدما وسيبدأ الصرف للتموين بعد العيد!. الحجة التى ساقها الوزير هى وجود الجرد فى نهاية السنة المالية فى شهر يونيو من كل عام وليس فى شهر يوليو، وكأن الشعب بلا ذاكرة ولا أن شهر يوليو جاء فى العام الماضى وما قبله دون حدوث اختناقات أو قصور فى توزيع تموين الغلابة والذى لا يشعر بهم وزير التجار. الأمر الغريب فى السربعة والتعجل لهذا الوزير هو دخوله فى نظام جديد وإلغاؤه لنظام سابق لتوزيع السلع التموينية دون استعداد ولا دراسة ولا إجراء مناقصات للعشرين سلعة التى يقترحها بدلاً من السلع الثلاث والتى يغير فيها يوميا حتى أنه وضع مسحوق الغسالات الفول أوتوماتيك التى لا يعرفها الغلابة، والغريب أنه يريد أن يضع أنواعاً من الجبن والحليب والتى تحتاج لثلاجات للتداول وشهادات صحية لبائعها مثلها مثل اللحوم والدواجن ولكن الوزير المتسرع لا يعى ذلك ولا درسه ولا وضع احتمالاته ولا احتمالات تسمم وموت المستهلكين بسبب سياساته الخاطئة. فعندما أكون وزيرا للتموين وأريد تطبيق نظام جديد فليس أقل من تدبير مخزون استراتيجى فى البداية لا يقل عن الاحتياجات الخاصة بثلاثة أشهر مقبلة على الأقل حتى لا تكون فضيحة مدوية كالتى نعيشها الآن والتى ستسبب وبالاً على الدولة حيث سارع الوزير بالتحول إلى النظام الجديد دون أن تمتلك وزارته ومخازنها تموين شهر واحد ودون أن يوفر للبقالين احتياجاتهم من الثلاجات والشهادات الصحية وماكينات الصرف الآلى لقراءة البطاقات الذكية للتموين ولا تم تدريب أى بقال تموينى ولا حتى فران عليها وستكون مصدراً للفساد لا مثيل له، حيث بدأ بعض ضعاف النفوس من عمال الشركة المصممة للكروت الإلكترونية بالاتصال بأصحاب المخابز والبقالين التموينيين للاتفاق معهم على التلاعب بالماكينات وزيادة أعداد المستفيدين لصالح البقال والمخبز على أن يتم اقتسام هذه الزيادة الحرام بينهما بالتساوى. التسرع أيضا- وهو الأهم- تسبب فى استغلال أصحاب التيارات الدينية المتشددة ومعهم بعض الحزبيين للموقف للتنديد بالحكومة وإشاعة نيتها لإلغاء الدعم ثم قيامهم بتوزيع السكر والزيت والأرز والمكرونة على الفقراء الذين لم يصرفوا مقرراتهم التموينية مع بيان من الجماعات والأحزاب بأننا فقراء مثلكم ولسنا إرهابيين ودعونا نعمل ضد الحكومة التى جاءت بوزير يقتل الفقراء ولا يشعر بهم والبيانات والمنشورات موجودة على صفحات التواصل الاجتماعى بسبب وزير متسرع لا يحسب للغد ولا يّعد أسلحته للحرب ضد الفقر والجوع ولا يعرف شيئاً عن هشاشة الفقراء عند نقص تموينهم الغذائى لأن فكره مُعلق بالتجار وزيادة أرباح الأفران والبقال التموينى حتى أنه يعطى لكل مخبز 5 أجولة فوق حصته بلا إثباتات لزيادة ربحه ولزيادة تهريب الدقيق إلى السوق السوداء فنعم الاختيار ونعم الدراسة والتدقيق والمتابعة والمحاسبة.

وزيرنا الثانى وهو وزير الزراعة الكلّاس الذى لا يعرف الفقراء ولا الفلاحين ويرفض مقابلة مندوبيهم من نقابات الفلاحين يصر على زيادة أسعار الأسمدة وبنسبة تصل إلى 30% اعتباراً من الشهر المقبل لترتفع سعر الشيكارة إلى 100 جنيه بدلا من 72 وكأن الفلاح فى حالة رواج وجنى لمكاسب وسياسات وزارته وكأن نسبة الفقر والبطالة فى انخفاض وليست فى زيادة أو أن وزارته أعادت الفلاحة مهنة مربحة، وسنتفرغ فى المقال المقبل لهذا الأمر وكيف أصبح نصف مليون فلاح تحت رحمة الدفع أو الحبس بسبب غرامات زراعة الأرز والتى تصل إلى 2500 جنيه للفدان.

أستاذ بكلية الزراعة - جامعة القاهرة