رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المترجم محمد الفولى: يهمنى أن يتعرف القارئ على المؤلف.. وهذه أصعب مهمة أواجهها

المترجم محمد الفولى
المترجم محمد الفولى

- «الوحش» كانت تحديًا لاستخدامها تعبيرات غجرية ودينية

- طول جُمل الأرجنتينى «ساير» أخاف الناشرين.. و«التحقيق» ستنشر قريبًا

عمل متميز فى الترجمة عن اللغة الإسبانية يقوم به المترجم محمد صلاح الدين الفولى، كان سببًا فى تتويجه بعدد من الجوائز المهمة، فمنذ ما يقرب من شهرين كان اسمه ضمن قائمة الفائزين بجوائز المركز القومى للترجمة فى دورتها الثانية، إذ فاز بجائزة جابر عصفور للترجمة فى مجال الآداب والدراسات النقدية عن ترجمته رواية «الوحش»، من تأليف كارمن مولا، التى صدرت عن دار «عصير الكتب».

قبلها، فى الدورة الأولى من جوائز المركز القومى للترجمة، فاز «الفولى» بالمركز الثانى مناصفة عن ترجمته كتاب «حاصل الطرح»، عن اللغة الإسبانية، تأليف أليا ترابركو ثيران، وصدرت الترجمة عن «دار ممدوح عدوان» للنشر والتوزيع، بالتعاون مع دار «سرد للنشر» بسوريا. 

وحول ترجمته رواية «الوحش»، أوضح «الفولى»، لـ«الدستور»، أن ترجمة هذه الرواية مثلت تحديًا خاصًا، فكاتبها كارمن مولا هو اسم امرأة مستعار لثلاثة كُتّاب رجال، وهو إن كان يمثل تحديًا على صعيد الكتابة، فهو أيضًا يمثل صعوبة فى الترجمة.

وقال: «هؤلاء ثلاثة رجال قرروا أن يكتبوا تحت اسم مستعار لامرأة، ولكى يفعلوا هذا خلقوا شخصيتها وبالتبعية أسلوبها، وهكذا صار لكارمن مولا صوتها الشخصى، الذى بدوره خلق أصواتًا وشخصيات رواياتها القائمة على الإثارة والتشويق والحوارات والحبكة الملتوية، كما حدث فى أعمالها الثلاثة الأولى، ثم دخلوا الجانب التاريخى فى آخر روايتين، وهما «الوحش» و«الجحيم». وفى حديثهم للصحافة الإسبانية، قال الكُتاب إنهم حين خلقوا صوتها، صار كل منهم مُجبرًا على التخلى عن صوته الشخصى من أجل المصلحة العليا، أى صوت المؤلفة التى ابتكروها».

وتابع: «لم أواجه مشكلات ترتبط بأن النص مكتوب من قبل ثلاثة أشخاص. ما واجهته كان مشكلات تتعلق باستخدام تعبيرات غجرية، ومفردات دينية، وكيفية اختيار الألفاظ الأنسب لعكس أجواء الحقبة التاريخية، والحفاظ على تبدلات إيقاع النص بين تسارع وتباطؤ، متعمدين ومقصودين من قبل المؤلفين على امتداد الكتاب».

وأضاف: «لم تكن ثمة مشكلة فى أن يتنوع الأسلوب وطبقات اللغة داخل النص الواحد، بل هذا شىء أراه طبيعيًا، إن ارتبط بمبررات واضحة، مثل وجود شخصيات ذات خلفيات اجتماعية وثقافية مختلفة. فأنا ترجمت قبل ذلك لمؤلفين نوعوا أسلوبهم ولغتهم داخل النص الواحد مع تغير أصوات رواتهم».

واستطرد: «خذ رواية (حاصل الطرح) للتشيلية أليا ترابوكو ثيران، نموذجًا. فلدينا راويان هما: فيليبى وإيكيلا، وحين تقرأ النص بالإسبانية وبالعربية، أيضًا، أو هكذا أظن، ستحسب أن فصول فيليبى وإيكيلا قد كُتبت بيد مؤلفين مختلفين تمامًا، وهذا طبيعى تمامًا ومقصود من المؤلفة، وأعتقد أن مؤلفين قلائل يقدرون على فعله».

وفيما يتعلق بترجمته رواية «المولود من ذى قبل» للكاتب الأرجنتينى «خوان خوسيه ساير»، قال «الفولى»: «لم يلتق القارئ العربى أسماء كثيرة مهمة فى أدب أمريكا اللاتينية وإسبانيا. وأظن أن ذلك يرجع لعدد من الأسباب، فأولًا: لم يكن عدد المترجمين عن الإسبانية فيما سبق كافيًا لتغطية كل الأسماء التى تستحق الترجمة إلى العربية. وثانيًا: ربما تفوق الأسماء التى تُرجمت عن الإسبانية فى تلك الفترة (ساير) فى الأهمية، وفقًا لوجهة النظر التسويقية. وثالثًا: ساير كاتب صعب، وربما بسبب صعوبته، تخوف الناشرون من ألا يلقى رواجًا. فهذا رجل جُمله طويلة إلى حد اللا نهائية، مُفصّلة، فلسفية، ثقيلة، ويحتاج إلى نفس طويل، وهذه كلها عوامل قد تثير الخوف لدى الناشرين».

وأشار إلى أن هناك مشروعات أدبية أخرى لـ«ساير» من المتوقع أن تصدر ترجمتها قريبًا، وبيّن ذلك بقوله: «من ضمن المشاريع الأخرى المرتبطة بساير رواية (التحقيق)، التى قد تصدر بنهاية العام الجارى، ويمكن القول إنهما روايتان فى رواية واحدة. إن أردت أن تقرأها كرواية بوليسية، ستجد فيها ضالتك، وإن أردت أن تقرأها- بعين أخرى- كرواية تُفكك وتفصص بنية الروايات البوليسية، فستجد ضالتك أيضًا».

وأضاف: «كل ما يهمنى أن يتعرف القارئ إلى المؤلف، لا أن يتعرف إلىّ. هذه هى أصعب مهمة أُجابهها بصفتى مترجمًا، وهى: الحفاظ على نبرة المؤلف وأسلوبه قدر الإمكان. لا أريد أن أفرض أسلوبى لأن هذا سيعنى بالتبعية محو المؤلف».

وأردف: «ساير جملة طويلة، وألفاظه ثقيلة، ويكتب جملًا بدلالات مزدوجة عن الزمن ومروره، وأحاول الحفاظ على كل هذا. وهذا ما أفعله مع أى مؤلف آخر له أسلوب آخر. دعنى أقل لك إن بعض المؤلفين يتعمدون جعل بعض الشخصيات يتحدثون الإسبانية بركاكة، إما لأنهم أطفال أو أجانب مثلًا، ولهذا حين أترجم جملهم إلى العربية، أحافظ على هذه الركاكة، فهذا جزء من روح النقص ومقصود من قبل المؤلف، ويجب الحفاظ عليه. أنا مترجم، ومهمتى أن أجعلك تقرأ النص كما كان بلغته الأصلية قدر المستطاع».

ولفت «الفولى» إلى أنه، أيضًا، بصدد الترجمة عن أقلام نسائية، إذ يرى أن ثمة حالة تفجر للإبداع النسائى فى الوقت الحالى، على مستوى الجودة والفنيات والتنوع الأسلوبى. 

وأوضح: «قد يُلاحظ القارئ أن عددًا كبيرًا من اختياراتى فى الأقلام المعاصرة يرتبط بكاتبات، مثل سارة ميسا، وأجوستينا باثتيريكا، وسارة خاراميو كلينكيرت... إلخ. أنا معجب فعلًا بهذه الظاهرة، فى الوقت نفسه، ثمة أقلام نسائية من أجيال سابقة لم تترجم. من ضمن هؤلاء، الكولومبية بييداد بونيت، وهى شاعرة وروائية رائعة. ترجمت لها عملًا روائيًا وسلمته منذ فترة، لكن لظروف ترتبط بسوق النشر تأخر طرحه. وعلى أى حال يفترض أن يصدر بالتزامن مع معرض أبوظبى للكتاب. وهناك أسماء نسائية أخرى تستحق الترجمة وأتمنى أن أنجح فى تقديم أكبر عدد منها».

عمل متميز فى الترجمة عن اللغة الإسبانية يقوم به المترجم محمد صلاح الدين الفولى، كان سببًا فى تتويجه بعدد من الجوائز المهمة، فمنذ ما يقرب من شهرين كان اسمه ضمن قائمة الفائزين بجوائز المركز القومى للترجمة فى دورتها الثانية، إذ فاز بجائزة جابر عصفور للترجمة فى مجال الآداب والدراسات النقدية عن ترجمته رواية «الوحش»، من تأليف كارمن مولا، التى صدرت عن دار «عصير الكتب».