رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الجولة الأمريكية الخامسة

جولة خامسة، منذ هجمات ٧ أكتوبر، أو عملية «طوفان الأقصى»، قام بها أنتونى بلينكن، وزير الخارجية الأمريكى، فى منطقة الشرق الأوسط، لـ«مواصلة النقاش مع شركاء الولايات المتحدة حول كيفية إقامة منطقة أكثر تكاملًا وسلامًا، تحقق الأمن الدائم للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء». ولعلك تتذكر أن «بلينكن» قام بأولى جولاته، فى ١٢ أكتوبر الماضى، وأقرّ فيها بأنه لم يذهب إلى إسرائيل كوزير لخارجية الولايات المتحدة فقط، بل كيهودى، نجا زوج والدته من معسكرات الاعتقال النازية. 

بعد السعودية ومصر وقطر، وصل وزير الخارجية الأمريكى إلى تل أبيب، أمس الأربعاء. وبالتزامن، وبينما اقترب عدد ضحايا العدوان الإسرائيلى، المستمر، من ٢٨ ألف شهيد و٧٠ ألف مصاب، اندلعت مواجهات، فى مناطق مختلفة بالضفة الغربية، خاصة فى المُخيمات، خلال تنفيذ جيش الاحتلال الإسرائيلى اقتحامات ومداهمات واسعة، واعتقلت عددًا من الفلسطينيين، بزعم مشاركتهم فى أعمال مقاومة مسلحة.

فى تل أبيب، اجتمع «بلينكن» مع بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، لمدة ساعتين، بشكل منفرد، قبل أن يعقد جلسة موسعة مع مجلس حكومة الحرب. وذكرت جريدة «إسرائيل هيوم» وزير الخارجية الأمريكى طلب أن يجتمع، منفردًا، مع رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية، غير أن «نتنياهو»، طبقًا لما نقلته الجريدة عن «مصدر مسئول»، رفض هذا الطلب، وردّ بقوله «لسنا جمهورية موز». والإشارة هنا قد تكون مهمة إلى الولايات المتحدة هى التى خلقت ظاهرة جمهوريات الموز، فى أمريكا الوسطى، ثم اتسعت وتحولت إلى مصطلح توصف به الدول غير المستقرة سياسيًا، التى تحكمها مجموعة صغيرة فاسدة.

استهدفت جولة وزير الخارجية الأمريكى الجديدة، أو الخامسة، التوصل إلى هدنة إنسانية ثانية، ومنع توسيع دائرة الصراع و«تأكيد أن الولايات المتحدة ستتخذ الإجراءات المناسبة للدفاع عن العاملين لديها وحرية الملاحة فى البحر الأحمر»، حسب ماثيو ميلر، المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، الذى أكد أن «بلينكن» يريد التوصل، أيضًا، إلى تسوية أكبر، «بعد الحرب»، تقوم فيها السعودية بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل مقابل «اتفاق واضح ذى مصداقية ومحدد زمنيًا» لإقامة دولة فلسطينية.

من العاصمة السعودية الرياض، جاء وزير الخارجية الأمريكى إلى القاهرة، أمس الأول الثلاثاء، واستقبله الرئيس عبدالفتاح السيسى، بحضور سامح شكرى، وزير الخارجية، واللواء عباس كامل، رئيس المخابرات العامة. وبعد أن نقل «بلينكن» للرئيس تحيات الرئيس جو بايدن، أكد حرص بلاده على تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، واستمرار التنسيق والجهود المشتركة، للتوصل إلى تهدئة، وحماية المنطقة من اتساع نطاق الصراع، مشيدًا بـ«الجهد المصرى المقدّر» الداعم للأمن والاستقرار فى المنطقة.

استكمالًا للجهود المصرية منذ بدء العدوان الإسرائيلى، التى أسفرت عن هدنة أولى، استمرت أسبوعًا، كان مسئولون مصريون قد شاركوا فى اجتماع باريس، الذى ضم أمريكيين وإسرائيليين وقطريين، وانتهى إلى إطار مقترح لاتفاق تهدئة، قامت مصر بتسليمه لـ«حركة حماس»، وتسلمت، أمس الأول الثلاثاء، رد الحركة. وعليه، كان طبيعيًا، أن يركز لقاء الرئيس السيسى مع وزير الخارجية الأمريكى على تطورات الجهود المصرية المكثفة، الرامية للتوصل إلى وقف فورى ودائم لإطلاق النار فى قطاع غزة، وتبادل المحتجزين، وإنفاذ المساعدات الإغاثية اللازمة لإنهاء المعاناة الإنسانية بالقطاع. 

فى هذا السياق، أوضح الرئيس ما تقوم به مصر من جهود هائلة، فى ظروف ميدانية صعبة، لقيادة عملية تقديم وتنسيق وإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، بالتنسيق مع المؤسسات الأممية والإغاثية، مؤكدًا أهمية الدور المحورى الذى تقوم به وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، «الأونروا»، على هذا الصعيد. كما أكد الرئيس ضرورة تنفيذ القرارات الدولية والأممية المتعلقة بالأزمة، واتخاذ خطوات جادة تجاه التسوية العادلة والشاملة للقضية الفلسطينية، ما يضمن استقرارًا مستدامًا فى المنطقة.

.. وتبقى الإشارة إلى رد «حماس» على الإطار المقترح لاتفاق التهدئة، الذى انتهى إليه اجتماع باريس، نشرته جريدة «الأخبار» اللبنانية، الممولة من «حزب الله» اللبنانى، الموالى أو التابع لإيران، ثم وكالة «رويترز»، وعرفنا منه أن الحركة اقترحت خطة، من ثلاث مراحل، لوقف إطلاق النار، وطالبت بأن تكون مصر وروسيا والأمم المتحدة وتركيا وقطر، أطرافًا ضامنة للاتفاق.