رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

القاهرة.. باريس.. والعكس

العاصمة الفرنسية باريس استضافت، الأسبوع الماضى، اجتماعًا ضم مسئولين مصريين وأمريكيين وإسرائيليين وقطريين، انتهى باتفاق، أو مقترح، قد يوقف العدوان الإسرائيلى على الشعب الفلسطينى، لمدة شهرين. وفى مستهل أولى جولاته الخارجية، بعد توليه منصبه، زار القاهرة، أمس الأحد، ستيفان سيجورنيه، وزير الخارجية الفرنسى، واستقبله الرئيس عبدالفتاح السيسى، وعقد معه جلسة مباحثات، حضرها سامح شكرى، وزير الخارجية، الذى عقد، أيضًا، اجتماعًا ثنائيًا مغلقًا مع نظيره الفرنسى.

فى ٢١ أكتوبر الماضى شاركت فرنسا فى «قمة القاهرة للسلام»، وفى ٨ نوفمبر التالى، شاركت مصر فى مؤتمر عقدته باريس حول «الأوضاع الإنسانية فى غزة». ومنذ بداية العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، وعلى الأراضى الفلسطينية إجمالًا، تلقى الرئيس السيسى اتصالات تليفونية عديدة من الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، الذى زار القاهرة، فى ٢٥ أكتوبر الماضى، وتحول موقفه، تدريجيًا، من الانحياز الواضح لدولة الاحتلال، والدعم المطلق لما وصفه بـ«حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها»، إلى التشكيك فى «أهداف الحرب» والمطالبة بالوقف الدائم لإطلاق النار. 

قبل مجىء «سيجورنيه»، زار القاهرة، أمس الأول السبت، وفد برلمانى فرنسى، يضم ٢٢ نائبًا، وتوجه صباح أمس إلى معبر رفح، «لنقل أصوات الفرنسيين، الذين يتظاهرون، يوميًا، فى المدن الكبرى والصغرى، دعمًا للفلسطينيين»، لافتين إلى أنهم، كنواب منتخبين، يمثلون الشعب الفرنسى، جاءوا يحملون شعار الجمهورية الفرنسية «الحرية.. المساواة.. الإخاء». وأعرب إريك كوكريل، رئيس الوفد، خلال مؤتمر صحفى، عن تثمينه الدور الذى تلعبه مصر فى المحادثات الجارية حاليًا، من أجل التوصل إلى وقف فورى ودائم لإطلاق النار، وليس فقط للسماح بإدخال المزيد من المساعدات إلى قطاع غزة.

فى حسابه على شبكة «إكس»، كتب وزير الخارجية الفرنسى أنه حرص على أن تكون مصر «الشريك الاستراتيجى لفرنسا» هى المحطة الأولى لأول جولة يقوم بها فى الشرق الأوسط. ومن بيان أصدره المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، عرفنا أن لقاء الرئيس السيسى مع «سيجورنيه» تناول سبل تعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين مصر وفرنسا، وجرى خلاله تأكيد أهمية استمرار التنسيق والتعاون واسع النطاق، فى ضوء تقارب الرؤى والمصالح والعلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وتعدد مجالات التعاون الاقتصادى، القائمة حاليًا، إلى جانب العلاقات الثقافية التاريخية بين الشعبين الصديقين. 

تطرّق اللقاء، أيضًا أو طبعًا، إلى عدد من الملفات السياسية ذات الأولوية، مثل الأوضاع فى السودان وليبيا والبحر الأحمر، وأكد الجانبان حرصهما على دعم الأمن والسلم على المستويين الإقليمى والدولى. وبشأن الأوضاع فى قطاع غزة، جرى استعراض الجهود المصرية المكثفة مع مختلف الشركاء لوقف إطلاق النار، وإنفاذ المساعدات لإنهاء المأساة الإنسانية التى يعانى منها أهالى القطاع، إلى جانب التشديد على ضرورة اضطلاع المجتمع الدولى بمسئولياته تجاه تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة. 

فى هذا السياق، تم التشديد، مجددًا، على رفض البلدين المُطْلَق أى إجراءات أو سياسات تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، كما تم تأكيد الدور المحورى، الذى لا بديل عنه، لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، «الأونروا»، فى تقديم الدعم لأهالى غزة، و... و... وأكد وزير الخارجية الفرنسى حرص بلاده على تنسيق الرؤى والجهود مع مصر فى اتجاه الوقف الدائم والمستدام لإطلاق النار، وتفعيل حل الدولتين كأساس للتسوية الشاملة للقضية الفلسطينية واستعادة الأمن والاستقرار بالمنطقة.

.. وتبقى الإشارة إلى أن مصر وفرنسا تتشاركان، أيضًا، فى جهود دعم لبنان وتعزيز استقراره، ومساعدة الشعب اللبنانى الشقيق على إنهاء حالة «الشغور الرئاسى» القائمة، وتقريب مواقف الأطراف السياسية اللبنانية، دون تدخل أو افتئات على حق ومسئولية البرلمان اللبنانى الحصرية فى طرح الأسماء المرشحة لمنصب رئيس الجمهورية. وأمس الأول السبت، شارك البلدان، إلى جانب السعودية والولايات المتحدة وقطر، فى اجتماع عقدته اللجنة الخماسية الخاصة بلبنان، مع نبيه برى، رئيس مجلس النواب اللبنانى، الذى أعرب عن ترحيبه بالموقف الموحد للدول الخمس، مؤكدًا التزامه بالعمل مع مختلف القوى السياسية اللبنانية، والمجتمع الدولى، لإنهاء حالة الشغور الرئاسى فى أقرب وقت ممكن.