رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

.. وجمهورية فلوريدا!

لقناة «فوكس نيوز» قال رون ديسانتيس، حاكم ولاية فلوريدا الأمريكية، إنه سيكون «سعيدًا» بإرسال بعض جنود الحرس الوطنى فى ولايته إلى ولاية كاليفورنيا، للمساعدة فى مواجهة الهجرة غير الشرعية، موضحًا أن ولاية تكساس هى الخطوة الأولى، وأنه يريد تأمين حدود الولايات المتحدة بأكملها، وقبل ظهوره على شاشة القناة الأمريكية، كان حاكم فلوريدا قد أعلن عن اعتزامه إرسال حوالى ألف جندى إلى تكساس لوقف ما وصفه بـ«الغزو القادم من الحدود الجنوبية».

المعركة بين ولاية تكساس وحكومة الولايات المتحدة الفيدرالية كانت قد وصلت إلى ذروتها، الأسبوع الماضى، بعد أن قضت المحكمة الأمريكية العليا بأحقية حرس الحدود الفيدراليين فى إزالة أسلاك شائكة، أقامتها الولاية على طول حدودها مع المكسيك، لمنع تدفق المهاجرين غير الشرعيين، ولأن الجمهوريين يستخدمون ملف الهجرة غير الشرعية فى مهاجمة خصومهم من الحزب الديمقراطى، كان طبيعيًا أن تتزايد حدة الهجمات مع اقتراب انتخابات الرئاسة الأمريكية، المقرر إجراؤها فى نوفمبر المقبل، والمرجح أن يتنافس فيها الرئيس الديمقراطى الحالى جو بايدن، والرئيس الجمهورى السابق دونالد ترامب.

ديسانتيس، واحد من ٢٥ حاكمًا جمهوريًا، كانوا قد أعلنوا، مع الرئيس السابق، عن دعمهم لحاكم ولاية تكساس جريج أبوت، وأكدوا حق الولاية فى الدفاع عن نفسها، باستخدام كل الوسائل فى تأمين حدودها بما فى ذلك الأسلاك الشائكة. وليس بعيدًا أن يكون حديثه عن ولاية كاليفورنيا، التى يحكمها الديمقراطى جافين نيوسوم، حركة «نعم كاليفورنيا»، التى تسعى إلى إجراء «استفتاء جديد» على انفصال الولاية عن الولايات المتحدة، والتى تؤكد أن مؤيدى الاستقلال يزيد عددهم على ٥٠٪ من سكان الولاية.

تقع ولاية فلوريدا، Florida، فى أقصى الجنوب الشرقى للولايات المتحدة، وهى شبه جزيرة بين خليج المكسيك والمحيط الأطلسى، وكانت محل نزاع بين القوى الاستعمارية الأوروبية، قبل أن تصبح ولاية أمريكية سنة ١٨٤٥، وهى السنة نفسها التى انضمت فيها ولاية تكساس إلى دولة الاتحاد، كما انفصلت الولايتان أيضًا فى أوائل ١٨٦١، وكانت تلاهاسى فى فلوريدا، وأوستن فى تكساس، العاصمتين الوحيدتين بين عواصم الولايات الكونفيدرالية، اللتين لم تحتلهما جيوش دولة الاتحاد فى الحرب الأهلية الأمريكية، التى استمرت خمس سنوات وراح ضحيتها حوالى ٦٢٠ ألفًا، وعادت بعدها الولايتان إلى الفيدرالية.

يحكم «ديسانتيس»، Ronald DeSantis، ولاية فلوريدا، منذ سنة ٢٠١٩، وحقق فوزًا ساحقًا فى انتخابات التجديد النصفى، التى جرت فى نوفمبر ٢٠٢٢، وأعيد انتخابه بفارق كبير يزيد على ١.٥ مليون صوت. وكان يسعى إلى نيل ترشيح الحزب الجمهورى فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، لكنه انسحب فى ٢١ يناير الماضى، قبل الانتخابات التمهيدية للحزب، فى «نيو هامبشاير»، وأعلن عن تأييده الرئيس السابق دونالد ترامب، الذى أكد أنه المرشح الأوفر حظًا وأن غالبية الناخبين الجمهوريين يريدون منحه فرصة أخرى.

منذ أن تفكك الاتحاد السوفيتى، وبعد أن صارت الولايات المتحدة هى القوة العظمى الوحيدة، لم تتوقف الاستنتاجات بشأن القوى المرشحة لمنافستها، أو لكى تحل محلها. وتدريجيًا، اتضح أن هذه المنافسة لن تحسمها قوة الخصم فقط، بل قدرة الولايات المتحدة على معالجة مشكلاتها الداخلية: الديون، التعليم، الرعاية الصحية، و... و.... وعيوب النظام الفيدرالى، التى أدت إلى تململ مواطنى بعض الولايات، واعتقادهم بأنهم سيصبحون أفضل حالًا لو انفصلت ولاياتهم وصارت دولًا مستقلة. وكنا قد أوضحنا، فى مقال سابق، أن انفصال ولاية واحدة، سيتبعه، قطعًا، انفصال ولايات أخرى، لديها مقومات اقتصادية وتعداد سكانى يكفلان لها البقاء والاستمرار كدويلات مستقلة. ما يعنى، ببساطة، نهاية الولايات المتحدة.

.. وتبقى الإشارة إلى أن «الجمهورية» سارة هوكابى ساندرز، التى تم انتخابها فى نوفمبر ٢٠٢٢؛ لتكون أول امرأة تحكم ولاية أركنساس، كانت قد أكدت أن الخط الفاصل فى الولايات المتحدة، الآن، لم يعد بين اليمين واليسار، أو بين الجمهوريين والديمقراطيين، بل أصبح يتعلق بـ«الاختيار بين الطبيعى أو الجنونى»، مؤكدة أن الرئيس بايدن ورفاقه الديمقراطيين خذلوا الشعب الأمريكى، وأن «وقت التغيير» قد حان.