أولوياتنا فى «بريكس»

بتأييد واسع، قوبلت الرؤى والمقترحات المصرية بشأن سبل تعزيز التعاون والتنسيق بين الدول الأعضاء فى تجمع «بريكس»، خلال الاجتماع الأول من سلسلة الاجتماعات والفعاليات، التى تنظمها الرئاسة الروسية للتجمع، وهو الاجتماع الذى استعرضت فيه روسيا ملامح خطة عملها، طوال السنة الجارية، وصولًا إلى القمة السادسة عشرة لقادة دول التجمع، المقرر عقدها فى أكتوبر المقبل، بمدينة قازان الروسية.

سنة الرئاسة الروسية لـ«بريكس»، تحمل شعار «تعزيز التعددية من أجل التنمية والأمن الدوليين العادلين»، وتشهد أكثر من ٢٣٠ اجتماعًا، حدثًا، وفعالية، من بينها اجتماع وزراء خارجية دول التجمع، فى يونيو المقبل، بمدينة «نيجنى نوفجورود». وخلال الاجتماع الأول لمنسقى «بريكس» ومساعديهم، الذى استضافته العاصمة الروسية موسكو، بدءًا من الثلاثاء الماضى وحتى أمس الخميس، طرحت الدول الأعضاء رؤيتها أو مقترحاتها حول الأولويات، التى ينبغى التركيز عليها خلال سنة الرئاسة الروسية.

تلك هى مشاركة مصر الأولى فى اجتماعات «بريكس»، بعد أن صارت، اعتبارًا من بداية السنة الجارية، عضوًا كاملًا فى التجمع، الذى يضم أبرز الاقتصادات الناشئة، الصاعدة، والذى كنا قد أوضحنا، فى مقال سابق، أن توسيعه سيؤدى إلى تعزيز إمكاناته وقدراته وأوزانه الاقتصادية والسياسية. وعليه، لم تفاجئنا إلفيرا نابيولينا، رئيسة البنك المركزى الروسى، حين أكدت أن حصة دول «بريكس» من الناتج المحلى الإجمالى العالمى ارتفعت إلى ٣٥٪ فى نهاية ٢٠٢٣، متجاوزة حصة مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى، التى تضم الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان.

حتى نهاية السنة الماضية، كان تجمع «بريكس»، BRICS، يضم الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، وبانضمام مصر والإمارات والسعودية وإيران وإثيوبيا، مع بداية السنة الجارية، صار التجمع يضم عشر دول. وقطعًا، سيؤدى انضمام المزيد من الدول إلى إعلاء صوت دول الجنوب إزاء مختلف القضايا والتحديات التنموية، وبناء نظام عالمى جديد، متعدد الأقطاب، أكثر مساواة وعدالة من النظام القائم، و... و... وإحياء مبادرات عديدة، جرى الإعلان عنها، منذ سنوات، وقد تُحدث، حال تفعيلها أو تنفيذها، تحوّلات جذرية فى القواعد، التى تحكم السياسات الاقتصادية والمالية الدولية.

تجمع «بريكس» صار، بالفعل، يجتذب المزيد من الدول ذات التفكير المتماثل، أو التى تتشارك فى المبادئ الأساسية للتجمع. وفى كلمة ألقاها بمناسبة بدء تولى بلاده رئاسة التجمع، أكد الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، أن حوالى ٣٠ دولة ترغب فى الانضمام، لافتًا إلى أن بلاده ستضع هذا الأمر على جدول أعمال القمة المقبلة. كما سبق أن أعرب الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال مشاركته فى قمة التجمع التاسعة، التى استضافتها الصين، سنة ٢٠١٧، عن تطلعنا، تطلع مصر، إلى أن يتمكن «بريكس» من التوصل إلى آلية مناسبة للتواصل والحوار مع كل الدول النامية، التى يمكن أن تكون لها إسهاماتها فى التجمع.

المهم، هو أن أولويات مصر، أو الرؤى والمقترحات المصرية حول الأولويات، التى ينبغى التركيز عليها خلال السنة الجارية، تضمنت دفع جهود التحول الصناعى، وتكثيف التعاون فى مجالات الطاقة والأمن الغذائى ونقل التكنولوجيا واللوجستيات، وإنشاء صلات مؤسسية بين الهيئات المعنية بالاستثمار فى الدول الأعضاء، ودعم آليات التنسيق بشأن إصلاح النظام الاقتصادى العالمى، ودفع الجهود لزيادة تمثيل الدول النامية فى الأطر المالية والنقدية الدولية، وتعزيز الروابط بين التجمع والقارة الإفريقية، إضافة إلى العمل على تطوير نظم المدفوعات بين دول التجمع بالعملات الوطنية، أو بصيغة أوضح، تقليل الاعتماد على الدولار، والتوسع فى استخدام العملات الوطنية فى تسوية المعاملات التجارية.

.. وأخيرًا، نرى أن عضوية مصر فى «بريكس» ستضيف إلى ثقلها الاستراتيجى، على مختلف الأصعدة، وستزيد من إسهاماتها فى تعزيز السلام والتنمية على المستويين الإقليمى والدولى. وهذا ما أكده التأييد الواسع، الذى قوبلت به الرؤى والمقترحات المصرية، خلال الاجتماع الأول لمنسقى «بريكس» ومساعديهم، التى طرحها السفير راجى الإتربى، مساعد وزير الخارجية للعلاقات الاقتصادية متعددة الأطراف، منسق مصر لدى التجمع، وممثلها فى اجتماعات الممثلين الشخصيين لقادة الدول الأعضاء.