رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بلينكن فى الملعب!

من «الرأس الأخضر»، التى زارها، صباح أمس الإثنين، توجه «أنتونى بلينكن» إلى كوت ديفوار، فى ثانى محطات جولته الإفريقية، التى تستمر لمدة أسبوع، وتشمل نيجيريا وأنجولا، وقيل إن وزير الخارجية الأمريكى «المحب لكرة القدم»، قرر حضور إحدى مباريات كأس الأمم الإفريقية. ولأننا نكتب هذه السطور قبل ساعات من مباريات أمس الأربع، فى منافسات الجولة الثالثة للمجموعتين الأولى والثانية بالبطولة، نتوقع أن يقع اختيار «بلينكن» على مباراة منتخبنا الوطنى مع منتخب الرأس الأخضر!

تقع جمهورية الرأس الأخضر، «كابو فيردى»، Cabo Verde، فى المحيط الأطلسى، على بعد ٥٧٠ كيلومترًا من سواحل السنغال، وتبلغ مساحتها حوالى ٤ آلاف كيلومتر مربع، ويزيد عدد سكانها قليلًا على نصف المليون، وكثيرًا ما أشادت الولايات المتحدة بـ«ديمقراطيتها»، وأهدتها، أكثر من مرة، محتجزين فى معتقل جوانتانامو، لإعادة توطينهم. والشهر الماضى، أعلنت عن تقديم حزمة مساعدات جديدة، بعد حزمتين سابقتين، شملتا توسيع ميناء العاصمة، وتحسين الطرق، وإنشاء أنظمة للمياه والصرف الصحى.

المهم، هو أن جولة وزير الخارجية الأمريكى فى القارة السمراء، تأتى بعد أيام قليلة، من جولة وزير الخارجية الصينى، التى بدأها بزيارة مصر، وشملت تونس، توجو، وكوت ديفوار. ولعلك تتذكر أننا كنا قد أوضحنا، كيف أن التنين الصينى يواصل صعوده السريع إلى قمة النظام الدولى، مستفيدًا من التطورات الدراماتيكية المتلاحقة، التى تشهدها الساحة الدولية، ومن الرعونة الزائدة التى تدير بها الولايات المتحدة سياساتها الخارجية، خاصة فى أمريكا اللاتينية وقارة إفريقيا، ومنطقة الشرق الأوسط.

السنة الماضية، زارت جانيت يلين، وزيرة الخزانة، السنغال وزامبيا وجنوب إفريقيا، وكانت غانا وموزمبيق وكينيا من نصيب ليندا توماس- جرينفيلد، السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ثم زارت السيدة الأولى، جيل بايدن، قرينة الرئيس، ناميبيا وكينيا، قبل أن يقوم أنتونى بلينكن، فى مارس الماضى، بزيارة إثيوبيا والنيجر. وكان من المفترض أن يقوم الرئيس بايدن بجولة إفريقية، أعلن عنها بنفسه، خلال «القمة الإفريقية- الأمريكية»، التى أقيمت فى ديسمبر ٢٠٢٢، لكنه لم يفعل.

خلال جولته الحالية، سينظر وزير الخارجية الأمريكى فى مساعدة الدول الإفريقية الأربع «على تعزيز مجتمعاتها لمنع تمدد التهديدات الإرهابية التى شهدتها منطقة الساحل»، حسب مولى فى، مساعدته للشئون الإفريقية، التى قالت إن «بلينكن» سيشجع هذه الدول على منح الأولوية «لأمن المدنيين عندما تجرى عمليات عسكرية ودعم حقوق الإنسان وتنمية المجتمع»، وأشارت إلى أنه «سيشيد بترسخ الديمقراطية فى كوت ديفوار خلال عهد الرئيس الحسن وتارا، الذى درس الاقتصاد فى الولايات المتحدة، وعمل منذ انتخابه سنة ٢٠١٠، على طى عقد من النزاعات الأهلية فى البلاد». غير أن الأستاذة «فى» استدركت أن الولايات المتحدة تدرك أن الأوضاع الأمنية فى كوت ديفوار ما زالت «متوترة للغاية» بسبب موقعها!

الثابت هو أن القارة السمراء كانت ولا تزال «شاهدًا رئيسيًا على أزمة النظام الاقتصادى العالمى، الذى يتحمل مسئولية رئيسية عن إنتاج الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التى تهدد الاستقرار والسلم الدوليين، وتجعل من الحديث عن التنمية المستدامة مجرد حديث مُرسل، لا شاهد عليه من الواقع الدولى المؤسف. مع أن القضاء على جذور ومسببات الأزمات الدولية يمر بالضرورة عبر تفعيل مبدأ المسئولية المشتركة، متفاوتة الأعباء، بين أعضاء المجتمع الدولى، لتضييق الفجوة بين الدول المتقدمة والنامية». وما بين التنصيص من كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى، منذ سبع سنوات، أمام الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، التى شدّد فيها على ضرورة التخلص من سياسات الاستقطاب، وأكد أحقية كل الدول فى أن تسعى إلى تطوير مصالحها مع مختلف الشركاء الدوليين، دون أن يستعدى ذلك أحدًا.

.. وتبقى الإشارة إلى أن وزير الخارجية الأمريكى كان قد أعلن خلال زيارته النيجر، فى مارس الماضى، عن دعمه رئيسها، محمد بازوم، الذى أطاح به جيشها، بعد أربعة أشهر، وقام بطرد قوات فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، الحليفة للولايات المتحدة، و.... و... والأسبوع الماضى قام رئيس الوزراء، على محمد الأمين زين، بزيارة روسيا، سعيًا إلى تعزيز التعاون معها!