رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قرن من الدماء.. الباحث فى الحركات الإسلامية محمد كروم: الإخوان سجدوا لله شكرًا بعد اغتيال فرج فودة لأنه «عدو الله»

الدكتور محمد الباز
الدكتور محمد الباز و محمد كروم،

ولد محمد كروم، الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية، فى بيت أحد أمراء تنظيم «الجهاد»، وتربى على أفكار الجماعات الإسلامية المتطرفة، وتنقل بين تنظيماتها المختلفة فى عصرها الذهبى، ونقل تكليفات قياداتها داخل وخارج السجون سنوات، ما أكسبه خبرات واسعة، وفهمًا شاملًا لأفكار هذا التيار المتطرف، دفعه للانشقاق عنه بعد ذلك، والتخصص فى دراسة وتفنيد أفكاره ومواجهتها.

وفى حواره مع برنامج «الشاهد»، الذى يقدمه الإعلامى الدكتور محمد الباز، على قناة «إكسترا نيوز»، قدم «كروم» شهادته حول أفكار تلك الجماعات المتطرفة، التى انشق عنها، على رأسها جماعة الإخوان الإرهابية و«الجماعة الإسلامية»، موضحًا تفاصيل كثيرة حول أشهر وأهم عمليات العنف والإرهاب التى نفذتها تلك الجماعات فى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضى، من بينها اغتيال الكاتب والمفكر فرج فودة، ومحاولات اغتيال وزير الداخلية الأسبق زكى بدر والفنان عادل إمام والكاتب الصحفى عادل حمودة، بالإضافة إلى مخططاتهم للاستيلاء على الحكم بعد اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات.

■ كيف كانت بداية التحاقك بـ«الجماعة الإسلامية»؟

- نشأت فى أسرة ملتزمة على علاقة بالحركات الجهادية، فوالدى هو نصر كروم، أحد أفراد الجيش المصرى، وبعد اغتيال الرئيس أنور السادات تمت محاكمته ورفده من الجيش، وخرج من السجن العسكرى ملتحيًا بالهيئة التى عليها الجهاديون.

وظل والدى فترة ملتصقًا بالشيخ إبراهيم عزت حتى توفى الشيخ فى عام ١٩٥٤، وفى هذه الأثناء بدأنا نلاحظ عليه تحولات غير معتادة، وكان سبب هذه التحولات هو الشيخ عبدالله السماوى، وكان «السماوى» الأب الروحى لكل الذين انضموا للجماعة الإسلامية عقب ذلك، وكان عنصرًا مهمًا ومؤثرًا فى الحركة الإسلامية فى الستينيات والسبعينيات والثمانينيات، حتى إن أول تنظيم نشأ فى عهد حسنى مبارك بعد مقتل السادات كان هو المفتى الذى يترأسه.

وهذا التنظيم هو الذى قام بحركة نوادى الفيديو، وكانت لديهم فلسفة تغيير المنكر باليد، وكان تنظيمًا مسلحًا يعد العدة للإطاحة بالرئيس الراحل حسنى مبارك وتفجير مباحث أمن الدولة ومبنى الإذاعة والتليفزيون.

وعندما جاءت أحداث الأمن المركزى فى التسعينيات اندست هذه العناصر التكفيرية التابعة لتنظيم «السماوى» وسط الأحداث، فيما عُرف بقضية نوادى الفيديو، وقامت بسلسلة حرائق كبيرة فى القاهرة، وحرقت شارع الهرم، والكنيسة الفرنساوى فى بولاق، وكانت تخطط لاغتيال مبارك أثناء زيارته منطقة بولاق أبوالعلا، ولكن تم القبض على التنظيم بعد ارتكاب سلسلة من الجرائم.

■ كيف رأيت التحولات على والدك بعد انضمامه للتنظيم التكفيرى «السماوى»؟

- كنت مثل أى طفل يرى فى والده مثله الأعلى، فكان والدى من قيادات تنظيم «الجهاد»، فكان كل ما يتأثر به ينقله لنا فى البيت وكان يؤثر علىّ، وكنت طفلًا لا أميز الخطأ من الصواب، وكان هو الذى يوجهنى للطريق.

أما عن صورتى بجانبه فى قفص الاتهام، فكانت عقب القبض عليه من مباحث أمن الدولة، فقد ذهبت لأراه أثناء المحاكمة ووقفت بجانبه فى قفص الاتهام، وطلب منى أن أردد هتافًا، وكل مَن فى قاعة المحكمة رددوا خلفى، وكان الهتاف هو «لا إله إلا الله.. حسنى مبارك عدو الله».

■ مَن أهم القيادات التى كانت تتردد على منزلكم؟ وهل كان من بينها عبود الزمر؟

- الشيخ عبدالله السماوى، والشيخ إبراهيم عزت، ولكن الأخير لم يكن يدعو للعنف والتكفير، بل أسس جماعة «التبليغ والدعوة»، كما كان يتردد علينا عدلى دياب عبدالموجود، أحد قيادات التنظيم فى ذلك الوقت.

أما عبود الزمر فلم يكن موجودًا فى حياة التنظيمات التكفيرية، بل كان رمزًا يسمع عنه الجميع، وكان سقف المجموعات التكفيرية كلها، وكان نجم نجوم الجماعات الإسلامية فى هذا الوقت، وكان أشهر سجين سياسى فى العالم، وارتبط اسمه بقتل رئيس جمهورية، والأهم والأخطر أنه كان ضابط مخابرات، وكان يسعى إلى تنصيب نفسه رئيسًا لمصر، فقد كان هناك بيان للثورة وشريط فيديو مسجل بصوت وصورة عبود الزمر لإعلان نفسه رئيسًا للجمهورية.

فبعد مقتل السادات كان المخطط أن يقتحموا مبنى الإذاعة والتليفزيون، لإذاعة بيان الثورة، وخداع الشعب المصرى، والقول إن الجيش هو الذى استولى على السلطة وإن الرئيس من قيادات الجيش لأن «عبود» كان سيرتدى الملابس العسكرية.

وكانت مجموعة اقتحام مبنى الإذاعة بقيادة عصام القمرى، وكان ضابطًا فى الجيش المصرى، ومن أعنف الضباط، وقُتل فى عام ١٩٨٨، وكانت خطة الاغتيال أن يتم نسف المنصة بكل من فيها، ولكن عندما لم تنجح خطة نسف المنصة بالقنابل تراجعوا عن القرار وترددوا أمام مبنى الإذاعة والتليفزيون، وفى فترة التردد كانت الجهات الأمنية قد وصلت وأمّنت المبنى.

■ كيفت دخلت التنظيم التكفيرى؟

- من صغرى نشأت وتربيت على أن هذا التنظيم هو الصواب، وكنت متأثرًا بأصدقاء والدى، وكانت كل البيئة المحيطة توجهنى لهذا الطريق، وكان عمى فقط هو الذى ينصحنى بالتراجع، أما والدى فكان ينظر لعمى على أنه رجل ناصرى مضلل، ولكن والدى كان أكثر تأثيرًا فى شخصيتى، فاقتنعت بفكر تنظيم «الجهاد» وتبنيته، نتيجة لكثرة الكتب وشرائط الكاسيت التى كانت تملأ المنزل، واستمر ذلك حتى عام ١٩٩٢، حين تم القبض على والدى، وحُكم عليه بالسجن لمدة ١٣ عامًا.

كما أننى كنت أسكن فى منطقة الزاوية الحمراء، التى كانت من أهم معاقل «الجماعة الإسلامية» فى القاهرة، وكان عبود الزمر مشاركًا فى أحداث الفتنة الطائفية فى هذه المنطقة، وكانت الجماعات الإسلامية تتجاذب لضمى، مثل تنظيم «الجهاد» و«الجماعة الإسلامية» وجماعة «الإخوان المسلمين».

وأول من انضممت إليهم كانوا الإخوان، ولكن اصطدمت باستنكارهم عمل الجماعات الجهادية، وكان منهجهم عدم الالتزام الظاهرى باللحية، وكان ذلك على عكس نشأتى، وحتى عند التعامل مع الأمن، كان هناك تمييز للإخوان فى القبض والتحقيق والسجن، وكانوا يُعاملون معاملة طيبة، فانضممت لـ«الجماعة الإسلامية» بالزاوية، وكنت أستمع لها، وأزور والدى فى سجن طرة فى زيارة تمتد لـ٨ ساعات، وكان المساجين المتحكمين فى الزيارة، وكان هذا هو العصر الذهبى للجماعات الإسلامية.

واستمر ذلك الأمر حتى ١٩٩٤، حين قُتل طلعت ياسين حسين، رئيس الجناح العسكرى لـ«الجماعة الإسلامية»، وكان نبأ وفاته صدمة لكل مساجين الجماعة، وقال عنه كرم زهدى: «ذراعنا اتقطعت بعد مقتل طلعت حسين»، لأن مقتله كان فارقًا فى تاريخ الجماعات التكفيرية والتنظيمات الجهادية.

■ متى وجدت نفسك داخل دائرة العنف وتنفذ عمليات داخل جماعة الإخوان الإرهابية؟

- الفترة التى انتميت فيها لجماعة الإخوان الإرهابية كانت فى عام ١٩٩٠، وكانت فترة ملتهبة بالأحداث وساخنة، والجماعة فى هذا الوقت أعلنت عن حمل السلاح وتوسعت الأمور، و«عبدالشافى» كان أمير الجماعة فى الزاوية الحمراء، وهو من قام باغتيال الدكتور فرج فودة.

وكان المحامى الإخوانى منصور أحمد منصور يزور صفوت عبدالغنى بسجن العقرب، وكان متهمًا فى قضية اغتيال رفعت المحجوب، وكانت هناك جريدة على الأرض بها صورة فرج فودة، فطلب منه أن يأتى بها وسأله: «تعرف ده؟»، قال له: «ده فرج فودة»، فقال له: «ده مرتد.. وخلى عبدالشافى وأشرف السيد يقتلوه ويخلصوا على طول»، فقام بنقل التكليف.

و«عبدالشافى» كان رجلًا يبيع السمك وكان عريسًا جديدًا، وكان له شريك هو أشرف السيد، وبدآ فى رصد فرج فودة من خلال طفلين كانا يلعبان الكرة أمام منزله، ووجدا أنه منضبط من منزله لعمله والعكس، وفرج أبوالعلا هو الذى أحضر لهما بندقيتين وتم استخدام موتوسيكل فى عملية الاغتيال.

وسائق فرج فودة طاردهما بالسيارة فسقط الموتوسيكل وسقط عبدالشافى وأغمى عليه وهرب أشرف السيد، وهو من قام بمحاولة اغتيال صفوت الشريف بعد ذلك بشارع الخليفة المأمون، كما أنه هو من وضع القنبلة بأتوبيس التحرير، وهو من وضع أخرى فى هرم خوفو، وتم القبض عليه بعدها وحُكم عليه وعلى عبدالشافى بالإعدام.

■ ما رد فعل أعضاء الجماعة على اغتيال فرج فودة؟

- جماعة الإخوان الإرهابية كانت تستقبل أخبار الاغتيالات بالتهليل والتكبير والسجود شكرًا لله، كما فعلت فى اغتيال فرج فودة، لأنها ترى أنه سقط عدو من أعداء الله، فهذا فكرها.

والجماعة فى عام ١٩٨٩ قررت اغتيال زكى بدر، وزير الداخلية وقتها، عند كوبرى الفردوس، وتم تكليف ممدوح على يوسف، وجمال أبورواش، وكان طبيبًا، وشخص آخر، وكانوا فى ميدان العباسية، و«ممدوح» كان مطلوبًا القبض عليه وقتها، والتكليف بالاغتيال ذهب لـ«جمال» الذى بكى من الفرحة، وسجد شكرًا فى ميدان العباسية، وعرضهم للقبض عليهم لأنهم كانوا مطلوبين، وكان يسجد لأنها اصطفته لمرتبة الأنبياء والصديقين والشهداء.

وبعد ساعتين من الاغتيال كان سيتم اقتحام مبنى أمن الدولة، ومحمد صبرة كان ينتمى للجماعة، وكنا نسميه «الشهيد الحى»، لأن «ممدوح» لغّمه بعد محاولة اغتيال زكى بدر، وكانت القيادات الأمنية ستجتمع فى مبنى لاظوغلى وعلى «صبرة» أن يدخل ويفجر نفسه فيهم.

لكن المتفجرات التى كانت مع جمال أبورواش كانت بها رطوبة، فأشعلت السيارة ولم تنفجر، وتم ضبطه، كما أُلقى القبض على «صبرة» فى محيط مبنى الوزارة، والرطوبة أنقذت مصر من تفجيرات عدة.

■ لماذا قررت الجماعة اغتياله؟

- الجماعة كانت تفتح جبهة جديدة للكُتاب وأصحاب الرأى، بعيدًا عن استهداف الداخلية والسياحة والبنوك وتفجير الكنائس، لأنها كانت ترى أن هناك خطرًا على الهوية من هؤلاء الكُتاب، ولهذا اتخذت قرارًا بتصفية بعضهم، وكان على رأس قائمة الاغتيالات فرج فودة، وعادل حمودة، والمستشار محمد سعيد العشماوى، والدكتور نصر حامد أبوزيد.

■ ما شهادتك حول كواليس تخطيط «الجماعة الإسلامية» لاغتيال الدكتور محمد سيد طنطاوى؟ 

- مجموعة من «الجماعة الإسلامية» من الزاوية الحمراء اجتمعت على ضرورة القيام بعمل انتقامى ترد به على إعدام أخيها «عبدالشافى»، ووقع اختيارها على الدكتور محمد سيد طنطاوى، وكانت ترى أنه السبب فى تبرير إعدام «عبدالشافى»، وأنه مرتد، باع دينه بدنياه وانحاز إلى صف الباطل.

وكان الدكتور طنطاوى يعتبر هدفًا سهلًا من الناحية العسكرية، فلم تكن عليه حراسة كافية، ومن السهل معرفة منزله، أو الذهاب إليه فى المشيخة، ومعرفة الأماكن التى يتردد عليها، لأنه شخصية دينية عامة.

■ ما تفاصيل رفض عبود الزمر اغتيال الدكتور سيد طنطاوى؟ 

- كان موضوع قتل عالم دين جديدًا على «الجماعة الإسلامية»، لأنها تمتلك تصريحًا مسبقًا ودائمًا بقتل كل الشرطة، لكن ليس الشيوخ، وعندما قررت اغتياله، وقع اختيارها علىّ للسؤال عن ذلك، لأننى كنت دائم التردد على والدى فى السجن وأنقل التكليفات بين الداخل والخارج، وكان بعضهم فى أحيان كثيرة يطلبون منى أن أسأل المشايخ فى العديد من الأمور المتعلقة بالعمل الدعوى وسياسات الجماعة، فطلبوا منى تبليغ الإخوة بأنهم سيقتلون الدكتور محمد سيد طنطاوى ويريدون معرفة رأيهم، وعندما سألتهم عما يتوقعونه من ردود أفعال المشايخ أكدوا أنهم سيوافقون.

وأكثر من كنت أقابله فى الزيارات هو عبود الزمر، لأننى كنت أحبه، وكان قائدًا، وكان يمكن أن ينزل للزيارة دون أن يأتى إليه أى زائر، وكان لذلك هدف هو رفع الروح المعنوية للأهالى، وحل بعض المشاكل الأسرية وإعطاء التوجيهات.

وعندما ذهبت للزيارة وجدته وقلت له: «يا شيخ عبود.. الإخوة يستأذنونك فى قتل الدكتور سيد طنطاوى انتقامًا لأخينا عبدالشافى، فقال لى: لا.. محمد سيد طنطاوى إيه اللى تقتلوه؟ مينفعش.. هو رجل ضال مضل يستحق القتل لكن الناس لا يعلمون ذلك.. الناس تعلم أنه عالم دين.. وإذا قتلناه سوف تستخدمه الدولة ضدنا أسوأ استغلال.. كما أن آثار قتله السلبية علينا أكبر بكثير من آثار قتله الإيجابية».

وبالتالى فإن شرع «الجماعة الإسلامية» كان يبيح قتل الدكتور طنطاوى، لكنهم كانوا يرفضون لأسباب سياسية.

■ ما شهادتك حول تفاصيل تكليف عبود الزمر بقتل عادل إمام؟

- بعد رفض الشيخ عبود اغتيال الدكتور سيد طنطاوى سألنى عن إمكانات واستعداد «الجماعة الإسلامية»، فأجبته بأنها تمتلك الاستعدادات والإمكانات، فقال لى بالنص: «اقتلوا عادل إمام.. وهذا تكليف»، ثم قال: «عادل إمام مجرم.. وهو الذى يستحق القتل وعليكم أن تقتلوه». 

وكان عادل إمام بالنسبة لـ«الجماعة الإسلامية» صنمًا علمانيًا ورمزًا لمحاربى الإسلام من خلال الفن، كما أنه كان صديقًا مقربًا لفرج فودة ويتبنى نفس فكره، وكانت الجماعة تعتبرهما «دعاة مؤثرين» وتلقى أفكارهما القبول، واعتبرت أن نشاط فرج فودة فى تأسيس «حزب المستقبل» وزياراته الخارجية ورحلاته الدولية وإصداراته تعنى أنه داعية ويؤسس لمدرسة، والفنان عادل إمام من أبرز الداعين لها.

وقد نقلت نص هذا الحديث للجماعة خارج السجن، فصدمت من تكليفها بقتل عادل إمام، لأن الموضوع كان أكبر من إمكاناتهم لأنه كانت عليه حراستان؛ حراسة مصرية، وحرس خاص كان قد جاء به من الخارج على حسابه لتأمينه، كما أنه كان يتخذ احتياطاته بشكل كبير.

لكن التكليف من الشيخ عبود كان شرفًا كبيرًا جدًا للمجموعة، وكان لا بد أن يجتهدوا قدر المستطاع لتحقيقه، وبالتالى بدأوا فى الرصد والتتبع، ووجدوا أن منزل عادل إمام فى المهندسين من الصعب تنفيذ أى شىء فيه، لكن الفرصة الأكبر كانت عند دخوله المسرح، فبدأوا رصده فى مسرح الهرم، وعلموا أماكن دخوله وخروجه وشكل الحراسة والبوابين، لكن المجموعة كانت تعمل أثناء ذلك على ملفات أخرى، وقامت ببعض الأعمال التى تسببت فى كشفها من قِبل الأجهزة الأمنية، وتم إلقاء القبض على أفرادها والزج بهم فى السجون. 

وبالنسبة لاغتيال الفنان عادل إمام كانت هناك أيضًا مجموعة خاصة من تنظيم «الجهاد» تحاول، وهى التى نفذت محاولة اغتيال الدكتور عاطف صدقى، رئيس الوزراء، التى قُتلت فيها «الطفلة شيماء»، وكان الفنان هو هدفهم الثانى واعترفوا بذلك أمام النيابة، لكن من خلال تفجير، لأن هذا تخصص «الجهاد»، أما «الجماعة الإسلامية» فكانت متخصصة فى القتل بالرصاص، وكانت لذلك فلسفة شرعية وعقائدية.

و«الجهاد» كانت تلجأ إلى التفجير لأنها ترى كُفر رئيس الجمهورية وكُفر المجتمع بأكمله، وبالتالى فإن حياة الجهادى لديها أهم من حياة الإنسان الكافر العادى، وبالتالى تلجأ للتفجير حتى إذا كان هناك احتمال بموت كثير من الناس على إثر ذلك، فهو وفقًا لمنطقها عمل جهادى، أما الذين ماتوا فهم عند الله يُبعثون على نواياهم.

أما «الجماعة الإسلامية» فكانت تتبنى فكرة «العذر بالجهل»، فلا تطبق الحكم على شخص جاهل، بل تتبنى فكرة أن الناس مسلمون وبالتالى تستخدم الرصاص فى قتل المستهدف فقط، لأن التفجير قد يتسبب فى قتل كثير من الأبرياء الذين سيحاسبهم الله عليهم. 

■ ما رأيك فى إنكار عبود الزمر تكليفه بقتل عادل إمام؟

- الشيخ عبود فى بيانه يقول إنه فى عام ١٩٩٢ تبنى وقف العنف وعمل المراجعات، وهذا كلام غير صحيح بالمرة، لأنه كان أمير «الجماعة الإسلامية» وقتها حتى عام ١٩٩٥، بعد أن انضم هو وطارق الزمر لها فى عام ١٩٩٠، وفشلت محاولاته فى ضم «الجهاد» إلى «الجماعة الإسلامية».

وحتى إن لم يكن أميرًا عامًا للجماعة فهو عضو مجلس شورى «الجماعة الإسلامية»، وادعاؤه وقف العنف وعمل مراجعات منذ عام ١٩٩٢ غير صحيح، لأنه تم ضرب صفوت الشريف فى عام ١٩٩٣، وهو أمير للجماعة، وتم قتل رءوف خيرت، نائب رئيس جهاز مباحث أمن الدولة، وفرج فودة وهو أمير للجماعة، فلماذا نستنكر قوله: «اقتلوا عادل إمام»؟.

هل كان هناك تحرك فعلى لاغتيال عادل حمودة؟

- كان هناك تحرك جدّى لذلك، وكان هناك رصد، لكن المجموعة التى كانت ستنفذ تم القبض عليها، ورأيت أفرادها فى المعتقل وهم من أخبرونى بمكان سكنه.

والمعتقل كانت فيه حياة جماعية، وكانت توجد به لجان تفرز وتوزع الأدوار وتضع خططًا للتنفيذ، وكنا نتحدث فى مثل هذه المواضيع، لأن الجماعة كانت تضعنا فى مجتمع مغلق، وكانت تكفّر رجال الدين وشيوخ الأزهر، حتى إنها كفّرت الشيخ الشعراوى حتى تكون هى مصدر المعرفة الوحيد كى نقتنع بفكرها، وكانت تقول عن علماء الأزهر إنهم رجال سلطة وباعوا دينهم بدنياهم مقابل الراتب والمكاسب الدنيوية وينفذون ما يقول لهم الحاكم.

والشيخ الشعراوى تبنى فكرة التصدى لهذه الجماعة وتم تكفيره بحجج باطلة، والجماعة الإسلامية فى هذا التوقيت أعلنت عن العمل المسلح، ووسعت دائرة الحرب وأدخلت بها السياحة والبنوك والشرطة، وأعلنت عن أنها مرحلة جهاد مسلح ضد الدولة وأنظمتها وأفرعها.