رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جراحات «تلوين العيون».. طريق سريع مدفوع الأجر للإصابة بالعمى (تحقيق)

جراحات تلوين العيون
جراحات تلوين العيون

الدستور توثّق شهادات عدد من الضحايا.. وتكشف رأى الأطباء المتخصصين

تعشق من صغرها الظهور بعدسات لاصقة ملونة، حتى صارت تعتقد بينها وبين نفسها أن عينيها ملونتان، وزاد هذا الاعتقاد إبداء خطيبها أكثر من مرة إعجابه بـ«مظهرها ذى العيون الملونة»، قبل أن تصطدم بالإزعاج والمشكلات العديدة التي تسببها هذه العدسات.

استمرت أمانى عمر على هذه الحالة حتى شاهدت برنامجًا تليفزيونيًا يستضيف طبيبًا، وكان هذا الطبيب يتحدث عن ظهور تقنيات تجميلية جديدة لـ«تغيير لون العين» من خلال عمليات جراحية معروفة فى مجال طب العيون، فقررت أن تخضع لها حتى «تظل عيناها ملونتين للأبد وبشكل طبيعى»، وتوجهت بالفعل إلى هذا الطبيب، الذي أعلن عن مكان عيادته وأرقام هواتفه.

وحسبما رواه طبيب العيون الحالي الذى يتابع حالة «أمانى»، لـ«الدستور»، خضعت مريضته للعملية الجراحية بالفعل على يد هذاالذيطبيب التليفزيونى»، بعد تأكيده لها أن العملية «آمنة تمامًا»، وخضوعها لمجموعة من الفحوصات الطبية، لكنها بعد فترة قصيرة شعرت بمضاعفات العملية، لتتوجه إلى طبيبها الحالى، الذى أخبرها بأنها كانت مهددة بفقدان بصرها لو تأخرت فى علاجها من مضاعفات هذه الجراحة. هذه السيدة الثلاثينية التى تعمل مهندسة ديكور، وتسكن فى منطقة المعادى، ليست الضحية الأولى ولا الأخيرة لجراحات «تلوين العيون»، فخلال السطور التالية توثق «الدستور» شهادات ضحايا آخرين، ممن جذبتهم إعلانات عدد من الأطباء عبر القنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعى، إلى جانب رصد آراء كبار أطباء العيون حول هذه العمليات. 

 

*بحسب أحدث إحصائية لمنظمة الصحة العالمية عن حالات العمى وضعف الإبصار في مصر عام 2010، عدد المصابين بالعمى في مصر أكثر من 800 ألف شخص، وبحسب موقع "تجميلي"، إحدى الشبكات العالمية الخاصة بمحتوى الطب وجراحة التجميل، في أحدث إحصائياته خلال العام الجاري، ذكر أن تكلفة تغيير لون العين تختلف من مركز لآخر في مصر، لكن في المتوسط: تتراوح تكلفة تغيير لون العين جراحيًا بين 2000 و5500 دولار للعين الواحدة، بينما تتراوح تكلفة تغيير لون العين بالليزر بين 3000 و10000 دولار.

 

أخصائي جراحة: غير مسموح بها دوليًا.. وبعض الحالات تعرضت لارتفاع ضغط العين

في البداية أردنا التعرف على ماهية تلك العمليات، وكيفية إجرائها، فكان حديثنا مع الدكتور أحمد عبدالوارث، أخصائي طب وجراحة العيون والليزر بالقصر العيني، شرح أن إن الليزر المستخدم لتفتيح لون العيون قائم على فكرة تركيز الليزر على القزحية، فتقل فيها كمية الصبغة المسئولة عن تحديد لون العين. 

وأضاف «عبدالوارث»: «كلما كانت صبغة القزحية أغمق، كان لون القزحية غامقًا مثل البنى، والعكس كلما قلّت هذه الصبغة اتجه لون القزحية إلى الألوان الأفتح، مثل العسلى والأخضر والأزرق»، محذرًا من وجود حالات تتعرض إلى ارتفاع ضغط العين بسبب هذا النوع من العمليات. وأشار فى الوقت نفسه إلى حالات أخرى لتلوين أو صبغ القرنية لأغراض طبية، مثل شخص تنعدم عنده الرؤية وشكل قرنيته مشوه، فهنا يمكن إجراء عملية تلوين القرنية. واختتم أخصائيطب وجراحة العيون والليزر بقوله: «لا داعى لمثل هذه العمليات فى حالات التجميل، لأنها غير مسموح بها دوليًا إلا للأغراض الطبية».

 

أخصائي بصريات: مسموحة للعلاج.. و«الفيمتوليزر» أفضل طريقة

وأكد على كلماته الدكتور علي ماهر، أخصائي بصريات بإحدى المستشفيات الخاصة، حيث تغيير لون العين لغرض تجميلى بأنه خطر كبير على العين ومُحرّم دوليًا، مشيرًا فى الوقت ذاته إلى أنه مسموح فقط فى بعض الحالات التى تستدعى هذا الإجراء الطبى.

وقال «ماهر» إن هذا النوع من العمليات يُسمح به لشخص يعانى من إصابة ما نتج عنها تلف فى خلايا الأعصاب، ما يؤدى إلى أن تكون الرؤية لديه غير سليمة، ومعاناته من عتامة على القرنية، وهذه العتامة ينتج عنها تشويه العين، ما قد يُعرضه إلى التنمر بسبب ذلك، ويدفعه إلى هذا الحل. وأضاف: «تكون العدسات اللاصقة خيارًا غير متاح لهذا المريض، فنلجأ هنا إلى عملية وشم العين، أى تغيير اللون أو صبغ القرنية، وبذلك يتغير لون العين إلى لون مقارب إلى الطبيعى فى العين الأخرى». وشدد على أن «هذا النوع من العمليات بهذه الطريقة مسموح به باستخدام جهاز (الفيمتوليزر)، دون تدخل يدوى أو جراحى، بحيث يصنع الليزر فتحة معينة فى القرنية التى بها عتامة، ثم يتم إدخال صبغة مصرّح باستخدامها بلون معين داخل القرنية، ما يجعل الشكل مقبولًا».

*حذرت الأكاديمية الأمريكية لطب العيون، وهي أكبر جمعية في العالم لأطباء وجراحي العيون، في مقال منشور على الموقع الرسمي لها في يوليو 2015، من جراحة الليزر لتغيير لون العين لمخاطر السلامة المحتملة للجلوكوما والتهاب القزحية وعواقب أخرى غير مقصودة، يمكن أن تؤدي إلى العمى، حيث لم يتم إجراء تجارب كافية للتأكد من أمانها.

https://www.aao.org/eye-health/news/laser-surgery-to-change-eye-color

 

هديل إحدى الضحايا: سافرت من الأردن لمصر لإنقاذ بصري

ضحيتنا التالية كانت الشابة الأردنية هديل كارم، فى أواخر العشرينات من عمرها، تعمل فى إحدى شركات التسويق العقارى العالمية، شاهدت أحد الإعلانات عن عمليات تغيير لون العين بالليزر، فعقدت العزم على إجرائها لتحول لون عينيها من البنى إلى الأزرق، وبالفعل أجرت العملية، لكنها بعد فترة أقل من السنة بدأت تشعر بمضاعفاتها التى أثرت على قدرتها على الرؤية بنسبة كبيرة.

«هديل» جاءت إلى مصر بعد أن نصحها أحد أصدقائها بالتوجه إلى طبيب بعينه متخصص فى علاج ما تعانى منه، وعندما زارته استطاع الطبيب علاجها بإنقاذ ما بقى لديها من قدرة على الرؤية، لكنه طلب منها ألا تجرى عملية تغيير لون العين مرة أخرى، لأن الأمر ستكون له مضاعفات أكثر، مع إمكانية متزايدة بأن تصاب بالمياه البيضاء على العين، وهو أحد أمراض العتامة التى تجعل الرؤية غير واضحة، ما يعنى أنها قد تحتاج إلى زرع عدسة وترقيع القرنية.

ووفقًا لـ«هديل»، فقد أوضح لها الطبيب أن العملية التى أجرتها كادت تفقدها بصرها للأبد، لولا أن تم إنقاذ ما بقى منه فى اللحظات الأخيرة.

 

أستاذ جراحة العيون: تلك الممارسات ليست جديدة

قصة "هديل" جعلتنا نتسائل عن بداية الترويج لتلك العمليات، وهو ما حدثنا عنه الدكتور إيهاب سعد، أستاذ طب وجراحة العيون بالقصر العيني، مؤكدًا أن هذه الممارسات ليست جديدة، ففي البداية كان الأمر عبارة عن اختراع صبغات معينة في عمليات الليزك، حيث يتم رفع قشرة صغيرة ثم تلوين جزء سطح من القرنية بألوان وصبغات مختلفة، وخرج البعض أيضًا ليؤكد على أمان تلك الصبغات وأنه ستستمر لفترة طويلة، ووقتها ظهرت عدة شركات تنتج تلك الصبغات، لكن عيب تلك الطريقة أنها لم تعطي النظرة الطبيعية للعين، لكن لم تستمر طويلًا فيحتاج المريض لعملها أكثر من مرة لأنها ليست مستمرة كما روجت الشركات وقتها، ورغم انتشار أبحاث عن تلك التقنية لكنها لم تستمر واختفت.

وانتقل "سعد"، في حديثه مع "الدستور"، إلى أن هناك تقنية أخرى ظهرت منذ 12 عامًا تقريبًا: "إننا نجيب نوع من الليزر يضيع الصبغة من على القزحية وكانت بتدي درجات لون متقدرش تتوقعها"، لكنها ماتت سريعًا لتسسبها في التهابات شديدة جدًا في العين، أما عمليات وشم أو تاتو القرنية، وأنه مصرح بإجرائها فقط للعلاج، مثلًا شخص أصيب بخُراج في القرنية أو تم فقد الإبصار نهائيًا، فيتم صبغ القرنية لتحويل هذا اللون الأبيض إلى لون مقارب من اللون الطبيعي، وذلك النوع من التجميل مسموح به.

وأشار إلى أن الطريقة المنتشرة حاليًا للأغراض التجميلية فقط مجرمة من كل منظمات العيون العالمية، لأنها تؤدي لارتفاع ضغط العين، وبالتالي الإصابة بالجلوكوما، وإذا أردنا نزع تلك القزحية الصناعية فيمكن التسبب في قطع القزحية الأصلية، فيسبب مشكلات للمريض، وينطبق هذا التجريم على عمليات جراحة الليزر التي يتم استخدامها لتفتيح لون العين، وعمليات تلوين القرنية. 

 

نادين إحدى الضحايا:4 أشهر من الألوان هددتنى بالعمى 

انتقلنا بعد ذلك للحديث مع نادين العوضى، ١٩ عامًا، طالبة بالجامعة الأمريكية، تسكن فى مدينة الشيخ زايد بمحافظة الجيزة، أرادت أن تغير شكلها عبر إجراء عملية تغيير لون العين، وبعدما أجرت العملية شعرت بالسعادة بعدما أصبحت من ذوى العيون الملونة، لكن تلك السعادة لم تستمر سوى ٤ أشهر، وبعدها بدأت تشعر بمشكلات فى الرؤية.

فى البداية، كما تقول «نادين»، لم تعر الأمر اهتمامًا، معتقدة أن ما تعانى منه مجرد أعراض مؤقتة ستزول بعد أيام ولا ضرر منها، إلا أن الوضع ازداد سوءًا، فقررت الذهاب إلى طبيب عيون، أخبرها بأنها أصبحت على مشارف العمى الدائم، خاصة إذا لم تتم إزالة القزحية الصناعية التى زرعتها.

لم تقتنع «نادين» بما قاله الطبيب، بل طلبت منه البحث عن حل آخر لإنقاذ بصرها دون أن تتخلى عن العين الملونة، إلا أنه أصر على ما قاله، وأوضح لها طبيعة المضاعفات التى ستشعر بها إلى أن تفقد نظرها بشكل نهائى، فاقتنعت فى النهاية ووافقت على إزالة العين الملونة بدلًا من فقدان بصرها بشكل كامل.

"مارتين" أجبرته "الجلوكوما" على التخلي عن العيون الملونة

الضحية الثالثة هذه المرة هو مارتين فلوا، شاب عشريني، نرويجي من أصل هندي، أسمر اللون وعينيه بنية اللون، وأراد تغيير لون عينيه لأن لونه غير متماشي مع أهل النرويج ووجد أن تغيير لون عينيه هو الحل ليكون مندمجًا مع سكان البلد، وكان ذلك الدافع الأكبر له للانسياق وراء هذا النوع من العمليات.

واضطر في النهاية للاستغناء عن القزحية الصناعية التي تم زراعتها له، لأنها تسببت له في تكوين مياه زرقاء (الجلوكوما) على عينيه، بالتالي فإن الاستمرار بها قد ينتهي بإصابته بالعمى الدائم، لذا أجرى عملية جراحية لإزاحتها عن عينيه، كما حدثنا طبيبه المعالج. 

رئيس قسم الرمد بقصر العينى: يجب تدخل وزارة الصحة لإيقاف مثل هذه العمليات

«هذه العمليات لا توجد دراسات علمية كافية لآلية التصميم الخاص بها ولا معايير الأمان فيها».. بهذا التحذير بدأ الدكتور يحيى صلاح، رئيس قسم الرمد بقصر العينى، حديثه عن عمليات تلوين العيون.

وقال «صلاح» إن هذه العمليات تستهدف الأشخاص الذين يرتدون عدسات لاصقة ويريدون تغيير أشكالهم، وهؤلاء فى الفئة العمرية من ١٩ إلى ٣٥ عامًا.

وأضاف: «أنا شوفت عدد كبير من المرضى ذكور وإناث، ولا واحد فيهم بيسأل أنا ممكن نظرى يروح؟ وهل ممكن نظرى يرجع تانى لما أعمل العملية؟.. السؤال الوحيد اللى بلاقيه: هو أنا ممكن أزرعها تانى إمتى؟»، مشيرًا إلى أن مضاعفات هذه العملية تظهر خلال مدة تتراوح بين سنة و٣ سنوات على أقصى تقدير.

وحذر من إقدام عدد من الأطباء على الترويج فى لقاءات تليفزيونية لكون هذه العمليات «آمنة»، معتبرًا أن مثل هذا الحديث لا يتعدى كونه «إعلانًا تجاريًا»، مطالبًا وزارة الصحة بالتدخل من أجل تجنب الكثير من المآسى التى نراها فى المرضى.

أخصائي بصريات:«وشم العين» قانونى لأغراض طبية

وشرح الدكتور بدر إبراهيم المرسي، أخصائي بصريات، إن هذه العملية تسمى «وشم العين»، وتنفذ لأغراض طبية، وفى حال إجرائها لأغراض تجميلية تتسبب فى مخاطر كبيرة.

وكشف عن أن أزمة العملية أنها تضر بالخزانة الأمامية للعين وتؤدى إلى التهاب مُقَلى دائرى، ومع ذلك فهى مصرّح بها دوليًا إذا كانت لأغراض طبية؛ كإصابة شخص بسحابة أو عتامة على القرنية.

وأضاف: «إجراء تلك العملية يحسّن شكل القرنية ويعطى شكلًا جماليًا لها، كيلا يتعرض المصاب لأى نوع من التنمر على شكل عينه الغريب ويندمج فى المجتمع، وهى عملية غاية فى السهولة».

 

*بحسب أحدث إحصائيات منظمة الصحة العالمية في أكتوبر 2022، عن حالات ضعف البصر والعمى، ذكرت أنه يوجد على الصعيد العالمي 2.2 مليار شخص على الأقل من المصابين بضعف البصر عن قرب أو عن بعد، وهم موزعين كما في الانفوجراف التالي:

وقبل أن نأخذك إلى الجانب الآخر من التحقيق والذي يتضمن الردود الرسمية من المسئولين عن تلك العمليات والإجراءات المتخذة ضدها، قمنا بالبحث عن أهم الدول التي تقوم بهذه العمليات، وجمعنا أسعار تلك العملية بحسب أحدث الإحصائيات في العام الجاري التي قمنا بجمعها من عدد من المواقع الطبية، تعرف عليها من خلال الانفوجراف التالي:

*يذكر أن الجمعية الرمدية المصرية أصدرت بيانًا في 24 مارس الماضي، عبر صفحتها الرسمية على "الفيسبوك" من إجراء أي نوع من الجراحات غير المعتمدة دوليًا مثل تغيير لون قزحية العين، بسبب الأضرار التي تلحق بالمريض.

«الجمعية الرمدية»: أطباء يجبرون المرضى على توقيع إقرار بالموافقة للتهرب من المساءلة

بداية توجهنا إلى الدكتور مدحت شوقى، عضو مجلس إدارة الجمعية الرمدية المصرية، أستاذ طب وجراحة العيون بكلية الطب جامعة الزقازيق، الذي أكد أن تجريم هذه العمليات نابع من عدم التصديق عليها من أى جهة علمية بأنها عملية آمنة.

وأوضح أن هذه العمليات تنفذ عبر تسليط أشعة الليزر على القزحية لتغيير لونها، وهى العمليات التى انتشرت الإعلانات عنها فى مصر فى الآونة الأخيرة، ولم يثبت أنها آمنة.

وكشف عن أن الجمعية الرمدية أصدرت بيانًا تحذيريًا من إجرائها، بسبب الأضرار التى قد تلحق بالمريض، ونفس الحال تنطبق، أيضًا على عمليات جراحة الليزر التى يتم استخدامها لتفتيح لون العين، إلى جانب عمليات تلوين القرنية.

ولفت إلى أن هناك بعض الأطباء يدفعون المريض للتوقيع على تعهد بالموافقة على إجراء العملية وما قد ينتج عنها من مضاعفات، وهى النقطة التى يستغلونها للدفاع عن أنفسهم حال تقدم المريض بشكوى عند تعرضه للأضرار.

ووصف القانون المصري فى هذه النقطة بـ«المطاط»، لأنه فى هذه الحالات قد يحصل المحققون فى تلك القضايا على آراء استشارية من متخصصين لا تدين الطبيب مُجرى العملية، وقد لا يُحاكم أيضًا بسبب الإقرار الذي يثبت أنه أخلى مسئوليته من احتمالية إصابة المريض بأى مضاعفات.

وتابع: «ليست للجمعية الرمدية سلطة قضائية لإيقاف مثل هذه الممارسات، وما يتم إصداره من بيانات هو لتحذير المريض أولًا، وأيضًا لتعريف أطباء العيون بخطورة إجراء هذه العمليات».

وأشار إلى أنه تعامل مع كثير من الحالات التي تعرضت لمضاعفات سيئة بسبب تلك العمليات، ناصحًا المريض بالحذر وتحرى الدقة حال اضطراره للخضوع لتلك العملية.

وأكد أن الحل الأمثل لإيقاف هذه التجاوزات هو اتباع الأطباء التوصيات الطبية الصحيحة، أو إصدار نقابة الأطباء وإدارات العلاج الحر نشرات تجرم هذه الإجراءات بشكل قانونى.

 

*بحسب أحدث إحصائية لمنظمة الصحة العالمية عدد المصابين بالعمى أو بضعف الإبصار في العالم، وفقًا لتقديرات منظمة الصحة العالمية، يصل إلى 4% من سكان العالم، ويعاني نحو 37 مليونًا في إقليم شرق المتوسط من ضعف الإبصار الناجم عن أمراض العين أو أخطاء غير مصححة في الانكسار؛ ومنهم 5.3 مليون أعمى.

 

نقابة الأطباء: مجرمة طبيًا وقانونيًا

انتقلنا بعد ذلك إلى نقابة الأطباء، باعتبارها إحدى الجهات المراقبة على التصرفات الأخلاقية للطبيب، وتحدثنا مع الدكتور خالد أمين، عضو مجلس نقابة الأطباء، الذي أكد أن هذه العملية ليس لها أي داعي طالما ليس هناك حاجة طبية لها، وهي عملية تجميلية لكن مجرمة طبيًا وقانونيًا، والعقوبة المقررة في هذه الحالة تكون طبقًا لظروف كل حالة مناسبة للحالة والضرر الذي لحق بها، سواء ضرر بالنظر أو بالعين كليًا.

 

محام: لا يمكن مقاضاة مجريها إلا عند الضرر

أيضًا أردنا النظر إلى الجانب القانوني والديني لهذه العمليات، فكانت بداية الحديث مع أحمد الشيخ، محامٍ، قال إنه لا يوجد فى القانون المصرى ما يمنع إجراء مثل هذه العمليات التجميلية إذا ثبت حسن النية، وهى عدم الإضرار بالنفس أو الغير.

وبيّن أن هناك جرائم تجعل تلك العمليات تقع تحت طائلة قانون العقوبات، منها على سبيل المثال ما أثير عن محاولة بعض الأطباء إجراء جراحة لمطابقة بصمة عين شخص ببصمة عين شخص آخر، من أجل اختراق خزنته الشخصية أو حساباته، للاستيلاء على ممتلكاته الخاصة بطريق الاحتيال. وتابع: «لا يمكن تحريك دعوة ضد الطبيب إلا إذا لحق الضرر بالغير أو النفس».

 

دار الإفتاء: جائزة بشروط

أما من الناحية الدينية، فقد كان الأمر سؤالًا مطروحًا على الموقع الرسمي لدار الإفتاء، والتي أجازت زراعة العدسات للمرأة، لكن بشرطين: الأول: أن لا تكون بغرض التدليس والتغرير بمن يخطبها، والثاني: أن لا يكون فيها ضرر عليها، ويمكن الاطلاع على الفتوى كاملة من (هنا)

 

وإلى هنا نصل إلى الجزء الأخير من التحقيق، حيث قمنا بالبحث عن مدى انتشار هذا النوع من العمليات في مصر، وكيف يتم بشكل قانوني، ووجدنا أن هناك عدد من الأطباء المصريين يقومون بالترويج لها من خلال الظهور في عدد من البرامج التلفزيونية، التي يؤكدون فيها أن نسبة أمان تلك العمليات 100% ولا مضاعفات منها، وأن الشخص قادر على التمتع بعيون ملونة للأبد، وذلك بعد إجراء عدد من الفحوصات الطبية قبل إجراء العملية.

 

أ.ن: أواكب موجات التطور الدولية

الطبيب الأول هو الدكتور "أ.ن"، قمنا بالتواصل معه لسؤاله عما إذا كان بالفعل يجري تلك العمليات، فأكد أنه استغنى عن إجراء عمليات زرع القزحية الصناعية لما ثبت له من أضرار ناتجة عنها، واتجه الآن لاستخدام عملية الفيمتوليزر لتلوين القرنية بالصبغة الفرنسية، باعتبار أنها موجات دولية جديدة وأنه أول من أدخلها مصر، بعدما انتشرت في أسبانيا وتركيا والمكسيك.

وتحدث عن أن تجميل لون العيون له عدة طرق، منها: العدسات اللاصقة الملونة، جلسات ليزر لتفتيح لون القزحية، وعملية بالفيمتوليزر لتلوين القرنية بالصبغة الفرنسية التي يقوم بها حاليًا، مؤكدًا أنه يتم تفضيل الطريقة على حسب درجة لون العين وألوان العيون في الأسرة، وعلى حسب الرغبة وحالة العين الصحية وضغط العين وعمق الخزانة الأمامية ودرجة قوة أو ضعف النظر.

وعن خطوات إجراء هذه العملية، قال إنه يتم في أثناء الكشف عمل تصوير طبي مكبر وبالميكروسكوب للعينين ومنه نستطيع تحديد درجة لون العين وتحديد أي الطرق تكون أنسب للمريض، ثم عمل فحوصات وبعدها التأكد من الصلاحية لإجراء التفتيح أو التلوين، مؤكدًا أن هذه الطرق آمنة ودولية ويتم عملها منذ أكثر من 10 سنوات في أمريكا وأوروبا.

كلماته كانت مخالفة لتقارير منظمة الغذاء والدواء الأمريكية، التي نشرت على الموقع الرسمي لها، أنه لم تتم الموافقة على عملية تغيير لون العين باستخدام الليزر، إنما لا يزال هذا الإجراء يخضع لتجارب إكلينيكية في شركة Stroma Medical Corporation والتي حصلت على براءة اختراع لعملية تعتمد على الليزر على القزحية في عام 2009، موضحًا أن الآثار الجانبية المرتبطة بهذا الإجراء لم تتم دراستها أو توثيقها جيدًا إلا أن أطباء العيون ينتقدون العملية لتعريض المرضى المحتملين لخطر الإصابة بالجلوكوما وهذا الإجراء يغير العيون البنية إلى العيون الزرقاء فقط، ولا يمكن تغيير ألوان العين الأخرى إلى ألوان أغمق أو لون غير أزرق.

 

"م.ل" زراعة شريحة سليكون آمن

الطبيب الثاني هو الدكتور "م.ل"، الذي عرف نفسه أنه استشاري طب وجراحة العيون بكلية الطب جامعة الأزهر، وزميل كلية الجراحين الملكية بإنجلترا، والذي حاولنا أيضًا التواصل معه من خلال أرقام الهاتف المبينة على صفحة المركز الخاص به، لكن الرد كان: "شكرًا لك على رسالتك.. نحن لسنا متوفرين في الوقت الحالي.. ولكننا سنرد عليك في أسرع وقت ممكن"، وحتى هذه اللحظة لم نتلق رد سوى هذا الرد الآلى عبر الثلاثة أرقام.

وقمنا بالبحث عن لقاءاته التلفزيونية، والتي ذكر فيها أنه يعتمد على إدخال شريحة من السيليكون باللون الذي يريده المريض، بعد إرسال مقاس العين إلى إحدى الشركات الأمريكية التي تقوم بإرسال هذه الشريحة له، ويتم وضعها فوق اللون الأصلي للعين، وأن تلك العملية لا تستغرق أكثر من دقيقتين.

وأوضح أن هناك شروط لزراعة تلك الشريحة، هي: أن يكون عمق العين 3 مم أو أكثر، وألا تقل خلايا القرنية عن 1500 خلية، ألا يكون لدى المريض ضغط عين عالي ولا مياه بيضاء ولا التهاب قزحي مزمن، وأن يكون سن المريض تخطى 18 عامًا، يأتي بعد ذلك اختيار مقاس اللون أو بصمة العين، ويتم القياس من خلال جهاز بصمة العين الذي يقيس عمق العين ومساحة القرنية وطولها وعرضها والمساحة الدائرية لها، ثم إرسال تلك البيانات للشركة باللون المراد، ويصل خلال أسبوعين إلى 3 أسابيع، مؤكدًا أن هذا اللون يظل في العين مدى الحياة ولا أضرار منه.

وكانت كلماته أيضًا مخالفة لتقاير منظمة الغذاء والدواء الأمريكية، التي تواصلنا معها من خلال إرسال بريد إلكتروني إلى كارلي كيمبلر، الممثل الإعلامي عنهم بمكتب شئون الإعلام، والذي أكد أن المنظمة أتاحت استخدام عملية زرع القزحية عند الضرورة الطبية فقط، والتي منها علاج الأنيريديا الكاملة أو الجزئية الناتجة عن الأنيريديا الخلقية أو العيوب المكتسبة أو غيرها، و"الأنيريديا" تعني غياب القزحية، وهي مرض خلقي نادر يؤثر على البصر ويتسم بعدم اكتمال تكون قزحية العين (الجزء الملون من العين المحيط ببؤبؤ العين)، وقد تسبب تخلف أجزاء أخرى من العين مثل العصب البصري والبقعة الشبكية.