رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الروائي الياباني كوبي آبي.. من دراسة الطب إلى بيع الخضروات والفحم

كوبي آبي
كوبي آبي

يعد الروائي الياباني كوبي آبي، والذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم من العام 1993، أبرز كتاب الأدب الطليعي في اليابان خلال النصف الثاني من القرن العشرين. وهو قاص وروائي وشاعر، كما أنه مارس التصوير الفوتوغرافي.

وهو صاحب إنجاز أدبي رفيع مضفور بحساسية حداثية وتجليات سيريالية كابوسية عن وضعية الفرد في المجتمعات المعاصرة. بحسب ما يذهب إليه مترجم روايته “المعلب”، مجدي خاطر.

عبر نصوص “كوبي آبي” في الرواية والمسرح والقصة القصيرة تتجسد فيها تيماته الرئيسية: الاغتراب، العزلة، فقدان الهوية، الكوميديا السوداء، المحاكمات العبثية، مدن التيه، النفور الجنسي، النوازل الطبيعية وفتنتازيا الحيوان.

باعت كتب ومؤلفات كوبي آبي ملايين النسخ وترجمت إلي عشرات اللغات. وكثيرا ما قورنت أعماله بكتابات “كافكا” و"بيكيت" و"ألبرتو موافيا"، حتى لقد سمي بـ “كافكا اليابان”، وظل مرشحا منتظرا لجائزة نوبل، حيث تكرر اسمه عدة مرات. وقد نقل صديقه الأديب الياباني “كنزابورو أوي” أنه أعلن عقب حصوله علي جائزة نوبل عام 1995 أنه ربما كان كوبي أبي هو الأديب الذي يستحق الجائزة.

ــ من هو كوبي آبي؟

ولد كوبي آبي في طوكيو، ولكنه قضى طفولته في إقليم منشوريا الصيني الذي كان خاضعا للاحتلال الياباني آنذاك، حيث عمل والده أستاذا للطب في “موكدين”. عاد آبي إلى اليابان في سن السابعة عشرة ودرس الطب في جامعة طوكيو بدءا من عام 1943، لكنه تسرب مثل الكثير من الكتاب والفنانين اليابانيين من التقليدية الخانقة لنظام التعليم الأكاديمي والياباني وعاش حياة مقلقلة بائعا على عربة خضروات ثم بائعا للفحم الحجري في شوارع طوكيو المخربة.

ويتابع المترجم مجدي خاطر، في تقديمه لرواية “المعلب” والصادرة عن دار العين في نسختها العربية للروائي الياباني كوبي آبي: زور شهادة تفيد إصابته بمرض السل ليتفادي الموت المحقق على جبهة القتال. وفي تلك الفترة بدأ كتابة قصائد وقصص قصيرة قبل أن ينشر كتابه الأول على نفقته الخاصة عام 1947، لكن في فبراير من العام التالي كان قد نشر المزيد من القصائد في إحدى المجلات أطلق عليها “يافطة في نهاية الطريق”، حاز بها عام 1950 علي أولي جوائزه وهي جائزة أدب ما بعد الحرب.

ــ انضمام كوبي آبي للحزب الشيوعي الياباني

التحق كوبي آبي مع نهاية الحرب في الباسيفيكي بالحزب الشيوعي الياباني الذي التحق به تقريبا كل الكتاب الشباب آنذاك باستثناء “يوكيو ميشيما”. لكن آبي كان قد حمل تصورا بالغ المثالية عن الثورة بوصفها حدثا فوضويا، ظل طوال فترة التحاقه بالحزب في حالة صراع دائم مع قياداته، فيما بدا تعبيرا عن نفور قطاع عريض من المتعاطفين مع المذهب الفوضوي.

ويلفت “خاطر” إلى أن التأثير السريالي والفنتازي ظهر في قصص كوبي آبي الأولي مثل “الشرنقة الحمراء” و"جرائم جناب السيد كارما"، التي لقيت استحسانا نقديا وقت نشرها عام 1951، ونال عنها أكثر جوائز اليابان الأدبية أهمية، وهي جائزة “أكو تاجاوا” في دورتها الخامسة والعشرين.

ــ امرأة في الرمال تطرد آبي من الحزب الشيوعي    

خلال كتابة كوبي آبي لروايته الأبرز “امرأة في الرمال”، والتي ترجمت إلى عشرين لغة حول العالم، طرد آبي من الحزب الشيوعي الياباني أثناء كتابته للرواية، وربما لذلك السبب تجنب آبي الأحكام الأخلاقية واليقين القاطعين، خلال طرحه لفكرة أنه ما من عقيدة فكرية أو تأويل منيع ضد عوامل التغيير المستقبلية أثناء إجهازها البطيء علينا مثل كثبان رملية لكن رواياته التالية، وكذا باقي أعماله تؤكد إحساسه الخانق بالأزمة الوجودية للإنسان المعاصر. بحد تعبير مجدي خاطر.