رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من يسرق الغاز المصرى؟


أحاط نظام «مبارك» ثروات البلاد بأسوار تخفى بداخلها أسراراً مخيفة، ومن أبرز ثروات البلاد التى تم إخفاؤها و لم يستطع أحد اختراقها هى الغاز المصرى، وحتى الآن لا يوجد مواطن مصرى يعلم حقيقة ما تملكه مصر من الغاز! تحتل مصر المرتبة الخامسة فى إنتاج الغاز فى العالم كله

يتدفق لينير عواصم كثيرة دون أن يعلم أحد ذلك، من يصدق أن الغاز المصرى يضىء تل أبيب فى وقت تنطفئ أنوار القاهرة و يسطع فى سماء الأردن وإسبانيا و الكثير من العواصم الأوروبية ونحن نبحث عن منحة او إعانة من دول خليجية أقل منا فى مرتبة استخراج الغاز.. و فى بورسعيد يوجد أكبر حقوق الغاز أمام مدينة بورفؤاد حيث يوجد أكبر احتياطى يمثل أكثر من 70 % من إنتاج الغاز المصرى حيث يتدفق من خلال الأنابيب إلى عدة عواصم، وفى الوقت نفسه تنطفئ أنوار بورسعيد وبورفؤاد فى وقت واحد!! هذا هو ما جعلنا نبحث عن سر هذا اللغز الرهيب.. لقد حاولت فى الماضى أن اخترق قلعة أسوار الغاز و لكن بلا فائدة رغم ما كنت أملك من سلطات فى الرقابة على الحكومة نفسها! كانت المفاجأة الكبرى عندما انكشف أحد أسرار ـ الفضيحة ـ و لم تكن بسبب توصيل الغاز لإسرائيل ولكن فى الطريقة التى تم الاستيلاء على الغاز المصرى نفسه حيث وصل السعر إلى قيمة رمزية أقل من سعر التكلفة، بل أقل من أسعار الغاز المدعوم!! لقد استولى الصديق الوفى «حسين سالم» على حق استخراج الغاز ليحوله من ملكية الشعب إلى ملكيته شخصيا بموافقة شخصية من «مبارك» نفسه، وأصبحت إسرائيل تحصل على الغاز بسعر الوحدة أقل من 2 دولار برغم إن السعر العالمى أكثر من 12 دولاراً للوحدة! كان هذا يمثل السرقة بالقانون وحتى الآن لم نسمع أى تغيير جوهرى إلا أن رجل «مبارك» يعرض إعادة بعض الشاليهات والأراضى مقابل المصالحة معه ـ ! لقد باع «حسين سالم» الشركة إلى شركة أمريكية و نقل إليها حق الامتياز مقابل مئات الملايين من الدولارات وأصبحت هذه الشركة تمثل النهب المنظم لثروات الشعب حيث نص العقد على أن محاكم لندن هى المعنية ببحث أى خلافات، وكأننا مازلنا تحت الحماية البريطانية! والأغرب من ذلك كله إن القيادات المسئولة عن الغاز المصرى وما حدث له مازالت هى التى تدير شئونه الآن و لم يحاسبها أحد، فهى محمية بتأشيرات «مبارك» نفسه، بل لم تتخذ أى إجراءات لحماية الغاز المصرى و أصبح هناك تحالف أجنبى ومحلى لمواجهة الشعب المصرى نفسه والتنكيل به، وكم من أنفاس أى صوت يصرخ ويطالب باستعادة الغاز المصرى المنهوب! وما لم يعلمه الشعب الذى ثار مرتين وأسقط نظامين وأدخلهما السجن أن على شركات الغاز ديوناً تصل إلى عشرات المليارات، فهل يعقل أننا أصحاب الغاز وأصحاب ديونه أيضا؟ والمعروف أن أباطرة وملوك هذه الشركات يتقاضون أجوراً غير معلومة معرفتها تجعلنا نصاب بالجنون.. وبالرغم من هذا كله لم نسمع من مسئول واحد الحقيقة المرعبة والجميع مهتم بإخفاء الجريمة التى ترتكب ضد ثروات المصريين ، ويكفى ما يعانيه المواطن من الحصول على الغاز رغم أن الحكومة تعايره يوميا وتذكره بالدعم كما لو أنه منحة أمريكية، وليس ملكية لنا! وما يثير الاستغراب إن عام «مرسى» الأسود قد حدث فيه أعمال إجرامية حيال الغاز المكتشف فى البحر الأبيض والقريب من مياهنا الإقليمية فقد تنازل الرئيس الخائن عن حقوقنا فى الغاز لمرشد الخيانة «أردوجان» و منح لصديقه الوفى «بيريز» باقى الحقوق.. ولم نسمع تصريحا واحدا لوزير البترول المصرى أو كلمة واحدة عن هذه الجريمة، ولم يتقدم إلى محكمة العدل الدولية أو حتى مجلس الأمن، أو حتى تصريح غاضب كما لو كنا تحت الحماية الإسرائيلية و يكفى ما تقوم به لبنان وحتى سوريا المحترقة بالمطالبة بالحقوق الوطنية لهما. إننا نطالب و نحن نعلم لن يستجيب لنا أحد أن تعلن حقيقة الغاز المصرى، من يسرقه وينهبه أمام صاحب الغاز نفسه.. و هو الشعب؟ إن المسئولين عن استمرار هذه الجريمة هم الآن الذين يتصدون لكل من يريد أن يعرف الحقيقة حتى وإن كان الشعب نفسه!!

■ رئيس اتحاد أصحاب المعاشات