رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«هياج مرسى»... تحت قبة البرلمان


المجموعة 17 كانت تتكون من جماعة الإخوان الذين أتوا للبرلمان خلال انتخابات 2000 حتى 2005، كان الدكتور «مرسى» هو الممثل البرلمانى لها. كان مقعدى الدائم فى منتصف هذه المجموعة و يجلس خلفى مباشرا «مرسى» نفسه، قدم استجوابين خلال الدورة البرلمانية لمدة خمس سنوات ، وفى أحد الأيام كانت «القدس» تمر بأزمة من خلال اعتداء إسرائيل عليها، وطلب الكلمة، ولكن

الدكتور «فتحى سرور» رفض إعطاءه الكلمة، ولكنه وقف طلب الحديث بقوة وأصرت المنصة على منعه، ولكن فجأة ارتفع صوته بقوة يطلب الحديث، وهنا تملكت «مرسى» حالة من الهياج الشديد مما أدى إلى توقف سير الجلسة وارتفع صوت رئيس المجلس يطلب منه الجلوس، ولكن بلا فائدة وتحول المجلس كله إلى حالة لا يمكن السيطرة عليها، وحاول بعض أعضاء الحزب الوطنى التقدم نحونا وكان هذا ينظر بالاشتباك معهم، وهنا هددوا رئيس المجلس بالخروج من القاعة إذا لم يتوقف، وارتفع صوت «مرسى»، القدس يا رئيس.. القدس يا رئيس.. انزعجنا من تهديد «سرور» وطلبنا منه أن يجلس حتى نمنع الصدام ولكنه فى حالة غريبة من الهياج! وكنت الأقرب إليه و حاولت إسكاته، ولكنه كان فى حالة لا يمكن أن يعى ما يحدث. طلب رئيس المجلس الحرس لإخراجه، ولكننا كمعارضين رفضنا ذلك وأصبح الأمر أكثر صعوبة إذا دخل الحرس القاعة، كان حتما سيحدث اشتباك بيننا و بينه، رغم أن الأغلبية الساحقة كانت تحتج بشدة وتمطرنا بالسباب والشتائم وتلقى علينا المضابط الثقيلة، تجمعنا جميعا حول «مرسى» وأخرجناه بالقوة وذهبنا به إلى البهو الفرعونى. جلسنا حوله نحاول إسكاته، بلا فائدة.. حاولت الحديث معه ولكن كان يدفعنا بقوة، أوقفنا الكلام حتى يتملكه الهدوء، ولكن الحالة التى رأيتها لم أرها أو أسمع عنها من قبل! و بعد فترة طويلة عاد الهدوء إليه وأخذ يعتذر لنا عما بدر منه، و بعد أن أصبح رئيسا أرسل خطاباً إلى «شمعون بيريز» يصفه بأنه صديقه العزيز الوفى!! وطلب فى الخطاب إنه يتمنى التقدم لإسرائيل و ازدهارها ! أين إذا «القدس يا رئيس ..» كانت علاقاتى به متوترة باستمرار ولا يقبل حتى المناقشة معى نتيجة ما وصل إليه من موقفى نحو الجماعة رغم أن علاقتى ببعضهم لم تكن عدائية، بصفتنا معارضين و نتلقى الضربات معنا.. كنت أقوم بجمع التوقيعات لما ترفضه المعارضة وكان دائما يوقع على الطلب وكانت أكثر طلبات الاعتراض تأتى عندما تطلب الحكومة ــ إعادة مد حالة الطوارئ بالبلاد ــ و فى كل المرات التى طلبت فيها الحكومة ذلك كان يوقع دائما بالاعتراض على مد حالة الطوارئ!! وعندما أتى رئيسا أمر بفرض حالة الطوارئ علينا فى بورسعيد، و هنا لم يكن هناك مجلس أو معارضة توقع على رفض ـ مد فرض الطوارئ ـ ! الغريب أنه فى أحد خطاباته الطويلة والتى امتدت ساعات وجه بعض كلماته التى تحمل أسماء من كانوا فى البرلمان مثل الوزير «كمال الشاذلى» والدكتور «زكريا عزمى»، كنت أسمعه وأنا غير مصدق لما يقول، وكيف يمكن أن يقول هذا وهناك المئات أحياء حتى الآن ؟؟ قال «مرسى» إنه طلب من «كمال الشاذلى» أن يعيد الأموال المنهوبة خارج البلاد ويستثمروها فى مصر؟؟ استغل «مرسى» وفاة «الشاذلى» وأطلق كلامه هذا، مع أننا جميعا وأولنا «مرسى» نفسه كنا نقف أمام «الشاذلى» انتباه! لا يمكن أن يقال هذا أمام رجل بقوة و نفوذ «الشاذلى»، ومن لا يصدق يسأل عن ذلك. ولكن الأغرب ما كان يقوله عن الدكتور «زكريا عزمى»، لقد كان «مرسى» يتمنى الحديث معه، ولكن عندما أصبح رئيسا والآخر فى السجن وجه له كلاما لا يمكن أن يقوله إلا فى حلم أو كابوس! هذا هو الرئيس «الحالة».. لقد أصبح رئيسا بكل الطرق الخارجية والداخلية، مع إشهار سلاح حرق البلاد والتهديد المستمر بذلك وتم استغلال المادة 28 من الإعلان الدستورى والتى تضمن إعلان اسم الرئيس الفائز لا يمكن الطعن والاعتراض عليه. ونحن الآن لا نتحدث عما تم وكانت الإعادة مع الفريق «شفيق» هى كلمة السر كى يأتى «مرسى» رئيسا وكانت النكتة لدى الشعب المصرى أننا أمام خيارين كلاهما مر، و قد شربنا إحدى المرين. بعد كل ما رأيناه الآن خلال الأشهر الطويلة الماضية من جماعة الإخوان هل هناك من يستطيع أن يعلن نتيجة الانتخابات الرئاسية، غير ما أعلن ؟؟ إننى أقول ما رأيته ومارسته و مسجل فى المضابط والموجه له كلام لا يستطيع الرد علينا فهو فاقد لحريته، لذلك لم أستطع أن أقول أكثر من هذا احتراما لأخلاقيات الحوار الذين يتضمن الرأى و الرأى الآخر.

■ رئيس اتحاد أصحاب المعاشات