رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أقوى الطرق للتخلص من تشويش الحياة «١-٢»




كيف تستطيع أن تصفّى ذهنك وروحك؟
هناك طُرق كثيرة جدًا، كُلّها طرق علمية، تحدث عنها علم النفس الإيجابى، ويكتبها الأطباء النفسيون للمرضى؛ منها طريقة التنفُّس؛ أن تأخذ نَفسًا صحيحًا فى أربع عدّات وتخرجه فى أربع عدّات وهذه طريقة لإخراج التوتّر من داخلك.
طريقة أخرى، أن تذهب إلى مكان هادئ وتتأمّل فيه، بعيدًا عن تشويشات الحياة، لكن الذكر هو أقوى وأفضل وسيلة تخرج بها ما بداخلك، وتصفّى بها ذهنك وروحك، ليس الهدف من ذلك إجبارك على طريقة واحدة، لكنه بالفعل أقوى الطرق لتصفية الذهن والروح.
عندما كنت فى إنجلترا حضرت دورة تدريبية، لتصفية الذهن والروح، قالت المُعلّمة: حتى تصفى ذهنك وروحك فأنت بحاجة للجلوس فى مكان هادئ لمُدة ٢٠ دقيقة، تردد خلالها كلمة إيجابية، فسألناها مثل ماذا؟، فقالت: مثلًا كلمة «الأمل» طوال فترة جلوسك، ردّد هذه الكلمة؛ فركّزت لثوانٍ، وقُلت: ما هو الذكر؟.. كلمة الأمل كلمة عابرة ومفتوحة فى الحياة وكأنّها ليس لها جذر، أمّا كلمة: «لا إله إلا الله أو لا حول ولا قوّة إلّا بالله أو سُبحان الله»، فهى كلمة جذرها عميق، لأنّها ممتدة للروح، ولأنّها مستمدة من إيماننا ومُعتقداتنا فى وجود الله سبحانه وتعالى، وإذا كان التنفس طريقة مفيدة، والتأمل طريقة مفيدة، فإن أقوى طريقة فعلًا هى ذكر الله.
حياتنا أصبحت مليئة بالتشويش، بسبب الضغط الواقع علينا، والأفكار المتسارعة بداخلك، التى لا تجعلك تستطيع أن تمسك بواحدة منها، ولهذا أصبح التركيز ضعيفًا جدًا، وبالتالى أصبحت الإنتاجية ضعيفة جدًا، وهو ما يفسر أن عدد الأفكار الجديدة باتت قليلة جدًا، وعدد المُبدعين أصبح قليلًا وعدد الكتب المميزة أصبح قليلًا ومحدودًا والنّاس لا يستطيعون أن يفكروا جيدًا، أو يركزوا على فكرة واحدة، إذًا ما الحل؟
ذكر الله هو الحل الأمثل، وأقوى طريقة لتصفية ذهنك وروحك، وأن تفكر، وأن تركز على فكرة، وتعمل عليها دون أن يحصل تشويش على ذهنك بأفكار أخرى، وتستطيع أن تمسك واحدة منها.
هناك دراسة تكشف عن أنه بعد عصر «السوشيال ميديا» أصبح يَرِد على ذهن الإنسان حوالى ٦٠ ألف خاطرة يوميًا، منها ما يُدركه الإنسان ومنها ما لا يدركه ولكن فى النهاية غالبًا النتيجة تكون واحدة، وهى أنّه لا يستطيع أن يمسك واحدة منها، وبالتالى يصبح غير قادر على الإنتاج.
فى جامعة بنسلفانيا أجريت تجربة على طلبة كلية الطب الذين تم تقسيمهم إلى مجموعتين، الأولى تعرضت للتوتّر الطبيعى قبل الامتحان والأخرى تعرضت لأفكار لتصفية الذهن والروح.. كانت النتيجة أن من تعرضوا لتصفية الذهن والروح، أصبحت نتائجهم أفضل وقل توتّرهم بنسبة ٥٠ فى المائة عن الطلبة الآخرين، لأنهم أصبحوا أكثر هدوءًا وأقل شعورًا بالاكتئاب.
وهناك فرق بين الاكتئاب المرضى والشعور بالاكتئاب، فالأخير شعور طبيعى.
جرّب أن تصفّى ذهنك وروحك بأقوى طريقة، وهى ذكر الله عزّ وجل، لأن الذكر يعمل توسعة فى عقلك ويجعل فيه منطقة فارغة تلجأ لها بين الماضى والمستقبل، تجعلك تعيش الحاضر بسلام وفى هدوء، لأن الماضى ملىء بالآلام والتشويش والمستقبل ملىء بالمخاوف.
الذكر يجعلك تعيش اللحظة مع الله، ويُزيل التشويش دون أن تتعمّد إزالته، لأنّك عندما تبدأ ذكر الله، تنسى الماضى والمستقبل وتعيش الحاضر فقط، تعيش اللحظة وتخرج خارج الزمان والمكان، ٢٠ دقيقة فقط يوميًا تعيش خلالها مرتاح البال باقى الـ ٢٤ ساعة، تخفف الضغوط عنك، لذا الذكر موجود داخل كل العبادات، وفى كل تفاصيل الحياة: «وَأَقِم الصَّلاةَ لذِكرى»، «فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِى الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُون»، «فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ»، «فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا»، «فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَام».
الذكر موجود فى كل العبادات لماذا؟ لأن الذكر يُزيل التشويش الذى يسيطر عليك وأن تتذكر الله أو تفعل ذلك فى باقى العبادات.