رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف تداوى جرحًا عاطفيًا أو خيانة صديق؟




حياة الذاكرين فكرة هدفها تصفية ذهنك وروحك، وذلك عندما تتعرض للأذى فى حياتك، أو تفقد شيئًا غاليًا عليك، أو تجرحك الدنيا، حيث تكون وقتها بحاجة إلى الذهاب لغُرفة فارغة وهادئة فى عقلك، من أجل أن تصفّى ذهنك وروحك.. صفّ قلبك وروحك، وهدئ الألم.. كيف ذلك؟.. بالذكر.
الذكر هو الطريق الأول والأقوى لتصفية الذهن والروح.. كيف تتعافى بالذكر وتصفية الذهن والروح من خذلان صديق؟! الجروح العاطفية والاجتماعية والعائلية جروح قاسية جدًا، وألمها شديد على النفس.. وقتها يبحث الإنسان عن طريقة يداوى بها جراحه، ويشفى بها روحه، فتجده يبحث عن طبيب نفسى، من أجل أن يتغلب على متاعبه.
الجروح النفسية تجعل الإنسان حساسًا جدًا، حتى إنه يرى أى مشكلة صغيرة كبيرة؛ وأى موقف بسيط يجعله ينفجر بالبكاء، لذلك هناك حل يتكون من ثلاث طرق يمكن أن يتجاوز بها الجروح التى يتألم منها.
- الطريقة الأولى: «دَعه يَمُر».. يعنى تجاوزه، اعتبره ليس موجودًا.. حاول بقَدر استطاعتك أن تخرجه من حياتك.. حاول أن تعمل تجارب عملية يحث عليها علم النّفس، كأن تغمض عينيك وتتخيّل أنه يخرج بعيدًا عن روحك وقلبك؛ على ألا تستمر فى متابعة الألم، وترى إلى أى حد وصل، لأنك بذلك لن تستطيع أن تبعده عنك أو تخرجه من روحك.
مثلما لا يستطيع الإنسان أن يأخذ نفسين مع بعض: أكسجين والآخر ثانى أكسيد الكربون؛ لن يستطيع أن يحمل بداخله شيئًا جديدًا حتى يخرج القديم الموجود بداخله.
- الطريقة الثانية: «الموازنة بين من يحبّونك فى الحياة، وبين من يؤذونك».. بمعنى أن ترى عدد من يحبّونك؛ مقابل عدد من يؤذونك.. المؤكد ستجد أن الذين يحبونك أكثر، وهنا لا بد أن تتأكد أنك رابح.
حتى لو اكتشفت أن عدد الذين تسببوا لك فى أذى أكثر، ومعك فى حياتك واحد فقط، حبك له كبير، مثل زوجتك أو أبيك أو أمك، فأنت أيضًا رابح، فيمكن أن يغنيك حب شخص واحد بقوة عن مائة لا يحبونك، وهذه من رحمة ربنا أنه يضع حولنا أناسًا يحبوننا.. فاطمَئن.
- الطريقة الثالثة: «ذكر الله».. وهو أن تعيش مع ذِكر ربنا، وهو أقوى من الطريقتين السابقتين.. هناك طُرق مثلما ذكرنا فى الأوّل بعيدة عن البُعد الدينى؛ لكن أقواها هو البُعد الدينى.. وهو أن يتعلق الإنسان بذكر الله.
عِش مع ذكر الله.. هذه أقوى طريقة تتخلّص بها من جروحك وآلام قلبك وروحك؛ لكن يجب بداية أن تعيش معه لأنه أصلًا يستحق أن يُذكَر، وأن يُعبَد.. وليس فقط من أجل أن تتخلّص من آلام الماضى.
سبحانه هو العظيم.. هو القادر، وهو من قلبك بيده، وهو خالقك؛ «وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ (٤٣) وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا».
الجأ له دون شروط، دون أن تذهب له من أجل أن يعافيك فقط من جروحك.. اذهب له وقل له: «أنا جايلك بس علشان أنت ربّنا»، ساعتها فقط سيعافيك من كل جروحك، ويذهب الألم ويزول من قلبك.
حاول أن تعيش اللحظة دائمًا.. الإنسان دائمًا يعيش بين أمرين: آلام الماضى ومخاوف المستقبل. وبين ضغط الاثنين يفقد الحاضر وحلاوته.
الذكر يوسّع لك الحاضر، حتى تستطيع أن تحيا فيه دون ضغوط أو مخاوف، يبعد عنك مخاوف المستقبل وآلام الماضى.. فعندما تعيش فى الحاضر، تشعر بأنك تعيش سعيدًا ومستمتعًا فى الدنيا.
الذكر يساعدك أن تعيش اللحظة لأنه يخرجك من الزمان والمكان، من أجل أن تعيش به مع الله.. الخشوع فى الصلاة هو أن تعيش اللحظة.
عِش مع ذكر الله، روحك تهدأ، وآلامك تخف، وأوجاعك تزول.. ٢٠ دقيقة فقط يوميًا كـ«وِرد ذكر ثابت» كفيلة بأن تبعد عنك الأحزان، وتخفف ألمك، وتهدئ روحك.
الورد اليومى، يوسع لك المسافة بين الماضى والمستقبل؛ حيث تستطيع أن تعيش بالـ٢٠ دقيقة الحاضر، وطوال اليوم، كأنّها دواء للجرح وتخفيف الألم، وتجعلك فى حالة تعافٍ من الآلام.
ابدأ وعش تجربة ذكر الله.. قل: أنا أذكرك يا رب لأننى أحبك، وحتى تعافينى من جروحى وتخفّف آلامى فى الحياة.
والوِرد اليومى لتخفيف الجروح والآلام، ٧٠٠ تسبيحة من الذِكر، على النحو التالى:
• ١٠٠ استغفار.
• ١٠٠ لا إله إلا الله.
• ٥٠٠ الباقيات الصالحات.
- سبحان الله ١٠٠.
- الحمد لله ١٠٠.
- لا إله إلا الله ١٠٠ (مرّة ثانية).
- الله أكبر ١٠٠.
- لا حول ولا قُوّة إلا بالله ١٠٠.
٧٠٠ تسبيحة من الذكر فى وقت حوالى رُبع ساعة أو ثلث ساعة يوميًا، قادرة على أن تداوى ألمك فى الحياة لو فعلت ذلك بإحساس.. حيَاة الذّاكرين ليست مُجرّد كلام، لكنها طريقة حياة.