رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«محرومون من الزواج».. مرضى «فيروس بى» بين رخصة الدين ورأى الطب

الزواج
الزواج

سبتمبر من عام 2017 شهد تحولًا في حياة خالد عامر، حينما ذهب للتطوع بالدم لأحد أقاربه المصاب في حادث فاجأه الطبيب بأنه حامل لفيرس الكبدي الوبائي "بي" لكنه من النوع الخامل، على الفور أجرى فحوصات وكانت أنزيمات الكبد طبيعية، لكن الدم يحمل للعدوى.

يروي " خالد": منذ تلك اللحظة وحتى الآن يخضع لعلاج الفيروس، لكنه شاب قارب على الثلاثين، يرغب في الزواج، وكلما تقدم لخطبة فتاة ويخبر أهلها بمرضه يكون الرفض، حتى أنه وقع في حيرة من أمره.."هل يمتنع عن الزواج أم يقدم على الخطبة وبعد الزواج أقوم بالتطعيم ويخضع زوجته لنفس التطعيم الوقائي، خاصة أنه علم بأن الحالة الخاملة لا تنقل العدوى لغيره لذا ليس على من يوافق الزواج به التوجس.

الإحصاء: مليون و400 ألف مصاب بالفيروس الصامت
حسب آخر الإحصائيات بعد إجراء مسح وبائي شامل للمصريين ضمن حملة 100 مليون صحة، فإن عدد المرضى المصابين بفيروس B في مصر، يُقدر بحوالي مليون و400 ألف مريض، منهم من يعلم بإصاباته بـ"الفيروس"، ويتلقى علاجًا للحد من انتشاره، والآخر يجهل الإصابة، حيث يعتبر من الأوبئة الصامتة، حيث يصيب الإنسان ويهدد حياته لسنوات دون أن يشعر بذلك أو تظهر عليه مضاعفات واضحة تعطل حياته وتجعله يبحث عن السبب حتى يعلم انه مصاب بفيرس بي.

عدد كبير من المصابين بفيروس "بي" يقعون في الفئة العمرية المنحصرة بين 25 لـ40 وهي غالبًا تبحث عن الاستقرار وتكوين أسرة، لكن تقف الإصابة حائلاً، لذا بدأت " الدستور" البحث فى الحل طبيًا وفقهيًا.

أطباء: لا مانع من الزواج
يرى هشام الخياط، أستاذ أمراض الكبد والجهاز الهضمي بمعهد تيودور بلهارس أنه لا مانع من الزواج، خاصة في حالة الإصابة بفيروس التهاب الكبد نوع B سواءً كان الشخص حاملًا للفيروس بدون التهاب كبدي أو كان يعاني من التهاب كبدي مع ارتفاع في انزيمات الكبد، لكن هناك شرط يضمن سلامة الشخص غير المصاب يتمثل في التطعيم ضد الفيروس B على ثلاث جرعات، وعند تشكل الأجسام المضادة خلال نحو 40 يومًا يمكن الزواج من أي حامل للفيروس B بدون أي مشكلة على الإطلاق.

ويكمل: لو رغب الطرفان في الإسراع من الزواج بعد التطعيم مباشرة دون تكوين أجسام مضادة عليه من الممكن منجه الجلوبين المناعي الذي يحتوي على أجسام مضادة للفيروس B ثم أخذ التطعيم بنفس اليوم.

الطفل في مأمن من فيروس بي عند تطعيمه عند الولادة
على الطرف الآخر من القصة يوجد الشخص غير المصاب لازال يخشى الإقبال على الزواج من حامل للفيروس ليس لسلامته الشخصية ولكن لتأثير الوباء على الإنجاب، من بين هؤلاء علا عبدالشافي، فبعد مضي عام والنصف على خطبتها خضع خطيبها لعدة فحوصات أثناء تجهيزه لأوراق السفر تمهيدًا لعمله بالإمارات وهنا اكتشف إصابته بفيروس "بي"، بعد الاستشارة الطبية تلقت صاحبة السبع وعشرين عامًا جرعات التطعيم، لكنها مترددة من إتمام الزواج على خطوة الإنجاب وسلامة الطفل.

ويوضح الدكتور هشام عبدالدايم عميد معهد الكبد بالمنوفية انه يمكن الإنجاب بسلامة لكن من المهم جدًا الانتباه إلى الأطفال القادمين من هذا الزواج بإعطائهم الأجسام المناعية خلال الساعات الأولى من الولادة، بالإضافة إلى تطعيمهم وذلك بإعطائهم وحدتين والنصف من مصل "B" على ثلاث جرعات، خاصة إذا استمر أحد الوالدين حاملًا للفيروس.

وقال: خطر الفيروس يتمثل في احتمالية تطور الإصابة إلى سرطان الكبد مباشرة، دون المرور بمرحلة "تليف الكبد"، تحدث حال الإصابة به لفترة طويلة، مضيفًا أن هناك حوالي 200 ألف مصري معرضون للإصابة بسرطان الكبد مباشرة، وينتقل عن طريق نقل الدم وسوائل الجسم المختلفة لاسيما المخالطة الجنسية.

الإفتاء: الزواج حرام إذا لم يخبر الطرف الآخر بالحقيقة

عن الرأي الشرع، أجاب الشيخ محمود عبدالسميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء، أن الزواج مشروعًا لِمَن قدِرَ عليه، إلّا أنه يكون حرامًا إذا أدَّى لإصابة أحد طرفيه بضررٍ محقق، وفي البداية يجب على الطرف المصاب بهذا المرض أن يخبر الطرف السليم الذي يريد الزواج به؛ لخطورة مضاعفات المرض.

وزواج الطرف المصاب بهذا المرض من طرفٍ سليمٍ لم يحصل على لقاحه، هو سبيلٌ محققٌ للإصابة به عن طريق العلاقة الزوجية، ولذلك يكون حرامًا، بل صاحِبُهُ مرتكبٌ لكبيرةٍ من كبائر الذنوب؛ لأنه قد يؤدي بذلك إلى قتل الطرف الآخر بهذا المرض، إلا إذا حصل الطرف السليم على التطعيم واللقاح ضده.

وإذا كان الزواج قائمًا بالفعل فهو زواجٌ صحيح، لأن حرمة الزواج لا تعني بطلانه إذا حصل، غير أنه إذا كان الطرفُ السليمُ غيرَ مطعَّمٍ ضد المرض فتمنع العلاقة الجنسية حينئذٍ حتى يتم الشفاء التام، ثم تُستَأْنَف العلاقة بينهما، حتى لا تكون رخصة لطلاق وهدم الاسرة.